الدكتور خليل الهندي رئيس جامعة بيزريت يروي لنا قصة حياته

2011-10-04 12:26:00


رام الله، 4 تشرين ثاني 2011، خاص ب(شبكة راية الإعلامية):

أجرى اللقاء: زران حمايل

حرر اللقاء كتابيا: رزان النجار

استضاف  برنامج ضيف الراية الذي تعده وتقدمه رزان حمايل رئيس جامعة بيرزيت، الدكتور خليل الهندي..... هو فلسطيني عربي، ثقافي مسلم، لاجئ من قضاء حيفا، كرس حياته للعلم وخاض مشوار طويل في الخبرة والعلم، اشتهر  بمهنيتة العالية وله اتساع رؤيته

رحلة التهجير من مسقط رأسه طنطورة

يقول الهندي: "أثر غياب الوالدين على التنشأ، بالإضافة إلى الهجرة عام 1948 من طنطورة إلى طولكرم، فأنا يتمت وأنا لا أزال طفلا ولا أذكر والدي ولا الهجرة، لكن لدي صورة حية مرتسمة بذهني من القصص التي كنت أسمعها". ويضيف: "لقد دمرت القرية وجرى فيها مذبحة ضخمة، حيث تم اعتقال كافة رجال وشباب القرية ونقلوا النساء والأطفال وكنت أنا وعماتي وجدتي معهم في شاحنات".

ومن هنا انتقل الدكتور خليل الهندي للعيش في طولكرم، ويصف حياته هناك بأنها كانت حياة لاجئين تم تشريدهم من أرضهم وسلب كل ما يملكون، ويقول: "في طولكرم عشنا حياة اللاجئين، وبعد فترة من الزمن عاد أحد أعمامي من المناطق المحتلة إلى طولكرم ليعمل فيها، وتحسنت أوضاعنا من الفقر المدقع جدا إلى المدقع".

وعن رعايته التي افتقدت لوجود الوالدين يقول الهندي: "كانت رعاية استثنائية من عماتي وأعمامي وجدي، ولم أشعر بأي نقص، لكن كنت مضطر للإجابة عن الأسئلة الموجهة من زملائي حول والدي. لكن لم يكن هناك أي أثر سلبي أعيه، وما أثر في هو تجربة الهجرة، حيث كانت شديدة القصوة علي وعلى الجميع، بالإضافة للحاجة والفقر".

"تميزت بالذكاء عن أفراد جيلك ودخلت المدرسة بوقت مبكر نوعا ما، فهل أعطاك ذلك شعور أكبر بالمسؤولية؟". فأجاب الهندي: "لقد كنت محظوظا، فزوجة عمي كان لديها روضة أطفال، وكانت هناك ألعاب ذكاء ساعدت بزيادة الذكاء لدي، بالإضافة إلى أن العائلة كانت متعلمة، وكان البيت المتواضع مليء بالكتب. أما بالنسبة لإدخالي إلى المدرسة مبكرا فقد كان ايجابيا بأن سبقت الوقت، لكنني كنت أصغر سنا من زملائي وكانوا قساة بعض الأحيان وتعرضت للضرب منهم، ومما زاد من ذلك أنه لم يكن لدي أقارب في المدرسة". أما عن المدرسة فقال: "كانت المنافسة شديدة بالمدرسة في طولكرم، فكان جو الدراسة متميز وجدي جدا، حيث كانوا يحثوننا على الجد والإجتهاد ويدفعوننا للتحدي".

حياته في بيروت...... بين المشاركة السياسة والحصول على بكالوريوس في الهندسة

لقد تابع الدكتور خليل الهندي دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت بعد حصوله على منحة لدراسة الهندسة، ويقول عن دراسته للهندسة: "لقد كانت صدفة، فالمنحة هي الطريقة الوحيدة للتعلم ان ذاك، وكانت للهندسة فقط، فكان جل همي أن أكمل تعليمي وفرحت بذلك ولم أعترض عليه. لكنني بالحقيقية ميال للأدب واهتماماتي أدبية لكن الظرف في ذاك الوقت لم تكن تسمح بالإختيار، وأنا لغاية الأن أتابع الأعمال الأدبية من شعر ومسرح وما إلى ذلك".

بالنسبة لدراسته في بيروت، قال: "كانت بيروت ان ذاك بفترتها الذهبية كعاصمة ثقافية وسياسية، وكان للجامعة أثر كبير جدا، فهي تمييزت بالاسم الأكاديمي والثقافة والتربية العالية المتكاملة. فأنا دخلت برنامج لا يدرس الهندسة فقط بل درست أيضا الموسيقى وتاريخ الفن والعمارة بالإضافة إلى مواضيع أخرى متنوعة، وهذه كانت تربية شاملة......فشمول التعليم والثقافة يغني الفرد على الصعيد الشخصي والمحيط بالاضافة لحياته العملية.لقد كانت الجامعة مهد للنشاط السياسي في كافة أنواعه بجانب الحياة الأكاديمية".

علق على دوره السياسي أثناء التعليم: "شاركت بإنشاء واحدة من التنظيمات الصغيرة وأنا ما زلت طالبا وذاك ما بين عام 1965 و1966، وكانت هي منظمة الشعبية لتحرير فلسطين التي انخرطت فيما بعد بمنظمة أخرى".

وفي عام 1967 لم أكن قد حصلت على تدريب عسكري حينها، مع ذلك حملت السلاح تحت ضغط الظروف التي كانت تجتاح المنطقة في ذاك الوقت تعلمت على حمل السلاح واستخدامه خلال ساعتين فقط رغبة بالانضمام ال صفوف المقاومين ..... أما لما حصل في معركة أيلول فقد كنت من بين القياديين في الجبهة الديمقراطية الذين عارضوا الاستعجال بالصدام مع النظام الأردني، وبعد الصدام انتبه الكثير بأن رأيي كان فيه كثير من الصواب. ومضيت بعد ذلك إلى مركز الدراسات الفلسطيني في بيروت وكتبت عن تجربة أيلول كتاب نقدي مع زملاء أخرين.وكان عمري وقتها 23 سنة فكانت تجربة مميزة بالنسبة لي "

 

 

قدر الغربة يلاحق الهندي ويدفع به الى بريطانيا

حصل الدكتور خليل هندي على منحة  دكتوراة في الهندسة الإلكترونية عام 1976 بعد أن حصل على المنحة أثناء دراسته للماجستيرفي الهندسة الالكترونية  في جامعة مانشستر، وكان الشرط لحصوله على منحة الماجستير  ان يترجم بعض الكتب من الانجليزية الى العربية ليوفر المصاريف الدراسية.

يقول الهندي :"راسلت جامعة ما نشستر لدراسة الدكتوراة وطلبت منهم ان يعطوني منحة فأجابوني ان كنت تستطيع تدبر امور الماجستير ستمنح المنحة واتفقت مع الدكتور بشير الداعوق صاحب دار الطليعة بان اترجم له كتبا ليساعدني على المصاريف الدارسية فعلت ذلك من ايلول الى ايار في  ترجمة الكتب.... في ايار بعد الامتحانات ناداني رئيس دائرة الهندسة  وهو من جنوب افريقيا قال لي ماذا ستفعل بعد انهاء الماجستير قلت له وعدت بالدكتوارة فقال هي لك منذ هذا اليوم".  

 

كما حصل هندي على شهادة تمنح ل 3% فقط من الأكاديميين، وكان قد حصل عليها بعد 12 سنة من حصول طالب اخر عليها، فعلق على الموضوع قائلا: " تعطى هذه الشهادة لمن أثبت أنهم أصبحوا سلطة موثوقة بموضوعهم، وأبحاثي كانت في موضوع رياضي له تطبيقات في الهندسة والإدارة، فهي بالتالي مساهمة نظرية وتطبيقات علمية".

 

من مانشستر تحدث عزت دروزي بروفيسور الاتصالات في جامعة لندن لبرنامج ضيف الراية عن ذكرياته مع د خليل عندما كان هو طالبا والاخير استاذا يقول في احدى المداخلات : "كنا نطبخ المجدرة سويا لبيعها في الاحتفلات التضامنية مع الشعب لفلسطيني لنجمع قروش ونصرفها على حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني"

العودة الى الوطن ليتراس جامعة بيرزيت  بعد ان امضى اكثر من 30 عاما في الغربة

لقد كانت فلسطين همه وشاغله، وكانت العودة بالنسبة له أسهل لأنه لم يكن لديه أطفال، و بتعبيره: "الحنين إلى الوطن مع العمر بيكبر".

وعن جامعة بيرزيت يقول: "جامعة بيرزيت هي فخر للشعب الفلسطيني، فهذه الجامعة أستطاعت العيش بظل الظروف الصعبة التي مرت وما زالت تمر بها فلسطين. أما المشكلة الحالية تتمثل بأننا نريد أن ننتقل بالجامعة من أنها جامعة مميزة في ظل الظروف إلى جامعة مميزة بعيدا عن أي ظروف. نريد أن نضع قدمنا على الطريق وهذا يقتضي تطويرات بكافة النواحي".

 وفي نهاية حديثه وجه رسالة إلى طلاب جامعة بيرزيت قائلا: "الأشخاص الموهوبين يعتقد أنهم هبة من السماء، لكن بالحقيقية الموهبة تأتي بعد بذل ما مقداره 90% من العمل والكدح، وعدم فقدان الأمل بعد الفشل.فقادة المستقبل يبدؤون بتثقيف أنفسهم والتدريب على المهارات العملية والقيادية منذ الان".

وعن حلمه قال :"احلم بجامعة بيرزيت قبل ان اصل الى ناهية حياتي  وكلنا على هذا الدرب سائرون ان تصبح جامعة بيرزيت جامعة في مصاف عالمي هذا الحلم  لن احققه كفرد لكن بتعاون الجميع.