أحلام الدقماق عشر سنوات من الظلم
عرفتها منذ أن كانت طفلة صغيرة .. وعرفتها حين أصبحت شابة في ريعان الصبا..هادئة وخجولة، ولكنها كانت واثقة من ذاتها حين تتحدث لمن حولها.. وكانت وديعة مثل طفل شبع من حليب أمه ..لم تكن لتبرم وجهها حين يهل على بيتهم أو مكان عملها ضيف أو صاحب حاجة.. كانت مضيافة من طراز أمها وبقية أفراد أسرتها.. متفائلة دائما بمستقبل جميل .. وكانت تحب الحياة، وتحلم بالخضرة والورود يزينان بيت المستقبل ..سألتها ذات مرة ..ماذا تحبين في الحياة..؟ ابتسمت بلطف وودية وقالت..أحب فلسطين الوطن المحرر، وأحب الأطفال، وزهر البنفسج والأقحوان،وأحب الحياة..!!
كان ذلك قبل وقوع الصاعقة بأيام قليلة .. حين لم يجد العملاء الجبناء ضحية أخرى يسقطوها كبقية ضحاياهم ،سوى أحلام مطر دقماق، الحالمة بمستقبل وردي في وطن محرر،أحلام الصبية الفلسطينية الجميلة ،أحلام الانتماء والذكاء والوداعة..أحلام التي كانت حلمنا نحن ..أن نراها عروسا بالثوب الأبيض في ليلة الزفاف ..
يقول احد الفلاسفة "التاريخ يُعيد نفسه مرتين..مرة على شكل مأساة ومرة على شكل مهزلة "..اوليس الاعتداء على حياة إنسان وحرمانه من الحياة كبقية البشر هو مأساة وأكثر من مأساة..؟؟؟ أليست مهزلة أن يقوم نفر ممن تجردوا من كل القيم الإنسانية والأخلاقية ويتطاولوا على من تُشع من صفحاتهم الوطنية والإنسانية..؟؟
وفي لحظة، هي اقل من رمشه عين، يسيل الدم الطاهر فوق بلاط الكدح وجدران العطاء..وتسقط رمز العفة والطهارة والوفاء،دون ضجيج أو بكاء أو طلب للعفو من نذل وجبان...!!
تمتد سنابل القمح بعلو قامة أحلام..وتتوشح حبات البَرد بالسواد ،وتذرف كل أزهار محبتها، وصبايا الديرة ،دمعها السخي ،تتساءل بلوعة وحسرة ،هل حقا سقطت أحلامنا في حضن أحلام..؟؟
رايه نيوز: عشر سنوات ، وما زال نبع الدمع في المآقي يزداد ويكبر..وما زال القفل في الباب لم يُفتح بعد..وما زالت أمك المكلومة تجلس عند المساء تناظر الطريق لعلك تأتي.. وخطواتك ما زالت تدق الأرض كجندي يحرس المعسكر..وفوق الجدار وضعوا صورتك بحجم الحب والشوق والحنين...!!
أحلام ، تعالي نخبرك أن الجسدَ ما زال مُسجى أمامنا ،يرفض أن ينهال عليه التراب،والأنذال تحت الشمس يمرحون..تعالي نقول لك أن الظلمة دامسة أمام بعض العيون..تعالي يا ابنة الأجاويد تعلقي في رقابنا كأرجوحة تشتد عندما يكثر الطنين...
كل ليلة تحلق روحك في سماء البيت وفي غرفتك وفوق السرير ..ويتذكرك الأهل والأحباب والرفاق ..وتتلعثم الحجة عندما تنادي على احدهم فتنادي عليك أنت ،فهل تسمعين..؟؟
ونحن ..ننادي بأعلى أصواتنا على كل من بقيت لديهم الضمائر حية والأعناق مشرئبة والرؤوس مرفوعة ..أولئك الذين ما زالوا يرفضون الخنوع والركوع والمساومة ..أن الجسد المسجى ما زال ينتفض ويتمرد ويرفض الدفن حتى يسود العدل ويطبق القانون بكل الحق ودون مساومة على الدم إلا بالدم....