رفع التمثيل الديبلوماسي : 'خطوة' للأمام أم 'رشوة' للخلف

2010-07-25 10:56:00
رايه نيوز: وأخيرا بعد سنوات قاربت الإثني والعشرين عاما ، أعلنت واشنطن رسميا رفع مستوى التمثيل الفلسطيني الى درجة مفوضية عامة ، ما يعني علم فلسطيني يرفرف في سماء أمريكا أمام كل مار مترجلا وراكبا ، وسيكون حضورا ديبلوماسيا للسفير الفلسطيني هناك ، دون أن يكون له حق تقديم أوراقه الرسمية كما غيره من سفراء العالم ..

خطوة تأخرت كثيرا ، منذ أن أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية برنامجها الإستقلالي العام 1988 بالإعلان رسميا وواضحا قبولها بدولة فلسطينية على الأراضي المحتلة العام 1967 وبقراري مجلس الأمن 242 و 338 ، وبدأ أول حوار رسمي بين أمريكا والمنظمة في تونس نهاية ذات العام ، في حين قامت عشرات دول أوروبية غربية بالإعتراف بفلسطين كمفوضية عامة لها حقوق ديبلوماسية واسعة أقرب الى مستوى السفارة ، بينما أعلنت عشرات من دول عالمية وعربية الإعتراف بدولة فلسطين وتمثيلها على مستوى ديبلوماسي كامل ، سفير وعلم وتقديم أوراق رسمية ، مكانة لتأكيد ذاك الحق الفلسطيني في التوجه نحو الدولة الفلسطينية المستقلة ..

واليوم تأتي واشنطن لتعيد وضعا كان منقوصا للتمثيل الفلسطيني فوق أراضيها السياسية ، رغم كونه حق جسدته غالبية دول العالم والأمم المتحدة ، بل وتجاوزته كثيرا في تحديد موقف من مستقبل الشعب الفلسطيني الوطني ومسألة ' إستقلاله السياسي' ، ولا شك وقبل أي ملاحظة هنا أو هناك ، أنها عمل يؤكد لحظة إنتصار سياسي للشعب الفلسطيني وتمثيله الشرعي والوحيد ، منظمة التحرير الفلسطينية التي تتعرض حاليا من قوى عدة متشعبة ، لهجمة ضارية لتقليص حضورها التمثيلي ، بل يذهب بعضم للنيل منه أصلا ، خاصة في دولة المحتل الإسرائيلي حيث يحاولون إستخدام الإنقسام للتشكيك من شرعية التمثيل الفلسطيني ، لكن الخطوة الأمريكية تسجل مكسبا سياسيا شرعيا هاما .. خاصة وأنها تترافق مع قيام باريس برفع صيغة التمثيل الفلسطيني الى مستوى بعثة ديبلوماسية ( سفارة ) ، وهو ما يشكل دون أدنى شك تعزيز كبير لمكانة منظمة التحرير الفلسطينية في دولة أوروبية محورية ، ستجد صداها سريعا في عشرات دول أوربية غربية وبعض من دول شرقية تأسست أثر ' إنهيار المنظومة الإشتراكية' ...

ومع هذا تبرز بعض من 'شكوك' ( ربما يقال هي مرض سياسي عربي) لا بد لنا أن لا نرميها جانبا أو نستهتر بها ومنها أثر هذا ' الكسب الكبير' خاصة وأنه لم يترسخ بعد لدرجة القانون ، حيث بات ضروريا معرفة صلة هذا القرار بالموقف الذي كان ساريا طوال الفترة الماضية من خلال قانون ' الإرهاب' ووضع منظمة التحرير أو بعضها تحت طائلة ذاك السلاح الأمريكي ، بحيث يقوم الرئيس الأمريكي كل 6 اشهر بالطلب بإستمرار التعامل مع منظمة التحرير ، وهو ' قانون' لازال له اليد العليا على ' الخطوة الديبلوماسية هذه ' ، كما علينا أن ندقق في سياق الحديث الأمريكي والإعلان عنها ، هل هو فعل سياسي نحو ترسيخ الموقف المتجه لحل يمنح الشعب الفلسطيني دولته المستقلة ، فلو كان الأمر كذلك لا يجب أن يتم ربط الخطوة وكأنها ' لفتة إيجابية' لدعم الرئيس عباس وتعزيز مكانته ( المتآكلة بفعل إسرائيلي منسق) ، وإغرائه بالذهاب للمفاوضات المباشرة في ظل مأزق حاد في ' غير المباشر' ، وكأنها تريد ' تكبير مكاسب' بخطوات دون أن تتقدم بخطوات لتجسير الأزمة ..وكأنها خطوة آنية ، فعل يثير الريبة والشكوك ، دون أن يلغي ' حلاوة الخطوة ' ذاتها ، وهنا يعود القرار أكثر للطرف الفلسطيني والشرعية ورئيسها ، بأن يفصلوا كليا بين خطوة تعتبر مكسبا لكفاح الشعب ونضاله الطويل ، وبين خطوة تريدها واشنطن كـ'رشوة سياسية' ، المسألة تتوقف على كيفية التعاطي القادم من قبل الفلسطيني والعربي ، خاصة وأن هناك بعض من يبحث ' تزيين ' موقف واشنطن - أوباما بكل ما أتيح له من ألوان الزينة قبل لقاء ' لجنة المتابعة العربية' عله يقتنص موقفا فلسطينيا موافقا لما تريده تل أبيب عبر واشنطن ..

الخطوة الأمريكية وكذا الفرنسية تحديدا ، رغم كل ما بها من ' قوة فعل إيجابية ' لكنها لا تزيل ' شكوكا ' فرضتها اللحظة السياسية لقرار العاصمتين ، بأمل أن يزيل صاحب القرار الفلسطيني أي حالة شك اصابت بعضنا ، وأن يتواصل موقفه السياسي المعلن ، اليوم غدا وبعد غد ، أن (لا) للمفاوضات المباشرة دون تقدم ملموس .. عندها ستصفق كل الأيدي المؤمنة بحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة وبقيادة منظمة التحرير ممثلا شرعيا لقرار جاء من بلاد ' اليانكي' وفي عهد رئيس ملون به عرق مسلم رغم خجله منه ..