مخطط "دولة غزة الكبرى"
مكتب غزة – (شبكة راية الإعلامية)
كتب عامر أبو شباب
يقول العارفون بالسياسة أن الحلول المطروحة للقضية الفلسطينية حاليا تتأرجح بين حلين، الحل الأول يتمثل في دولة فلسطينية قائمة على الحق "النسبي" كما وصفه الرئيس محمود عباس في خطابه السابق في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011، ويقوم هذا الحل على أساس دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967 وتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ولا مانع من تبادل محدود للأراضي بنسبة لا تتجاوز 5% تتساوى في المساحة والقيمة حسب محاور المفاوضات الأخيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أيهود أولمرت، وتقود هذا الحل منظمة التحرير الفلسطينية وخلفها الدول العربية بدون وسائل ضغط واضحة، و الاتحاد الأوربي، والتحقت حركة حماس "محرجة" بهذا الخيار الذي يصفه الكثيرون بالحل الواقعي وفق المعادلة الدولية والإقليمية القائمة.
الخيار الثاني الذي تريده إسرائيل وتسعى له وخلفها الولايات المتحدة الأمريكية التي تؤيد "بتلكؤ" حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية، ويقوم هذا الخيار على دولة فلسطينية بحدود مؤقتة سلطة كاملة للفلسطينيين في قطاع غزة، وتقاسم وظيفي في الضفة الغربية التي لا زالت السياسة الإسرائيلية تعتبرها "يهودا والسامرة" تقوم فيه إدارة فلسطينية بدور الإدارة المدنية دون برنامج سياسي مع إبقاء الأرض والسيطرة تحت يد إسرائيل.
ويرى المراقبون أن خيار الدولة ذات الحدود المؤقتة يعني بصيغة أخرى دولة غزة ، أو "دولة غزة الكبرى" التي قد تتمدد في "ظروف إقليمية معينة" إلى الأراضي المصرية باتجاه صحراء سيناء.
وبدأ العمل في هذا المخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شارون بالانسحاب الأحادي من قطاع غزة مع إبقاء السيطرة الإسرائيلية العسكرية في الجو والبحر والقدرة على التحرك البري، لمواجهة أي سيناريو مخالف.
فصل غزة سياسيا وإداريا وجغرافيا عن الكيانية الفلسطينية الناشئة يؤدي إلى إحباطها وتدميرها بفصل جزء رئيس منها، وفي نفس الوقت تضخيم هذا الجزء سياسيا وعسكريا وإنسانيا على حساب أجزاء أخرى يصب في هذا الاتجاه مع عدم ممانعة إسرائيلية أن يعتمد قطاع غزة على الرئة الجنوبية اقتصاديا وأمنيا كما حدث في اتفاق التهدئة الأخير بالقاهرة، عندما أصرت إسرائيل على أن يكون الرئيس المصري محمد مرسي شخصيا راعي وضامن للاتفاق بمعنى أنه يتحمل المسؤولية عن أي انفلات فلسطيني من الاتفاق، فضلا عن الاتفاق وُقع بين حركة حماس وحكومة الاحتلال بدون حضور ولو رمزي للسلطة الفلسطينية كإطار سياسي.
هذا الحل الذي يبعد غزة تدريجيا عن ارتباطها بفلسطين عبر الانقسام والانفصال والحروب، واجهته منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وحركة فتح بخطوة الدولة التي "لملمت" سياسيا ما أرد المخطط الإسرائيلية "تفريقه" والدعوة لمصالحة توحد الكيانية الفلسطينية ولو بقيادة حركة حماس عبر الانتخابات.
هذا المخطط "دولة غزة" لا يمكن تمريره بدون موافقة مصرية بقيادة جماعة الإخوان المسلمين التنظيم الأم لحركة حماس الفلسطينية، وهنا يشكك البعض أن مصر بقيادة الإخوان قد تقبل بالمخطط للحصول على الرضا والدعم الأمريكي لحكمها الناشئ والضعيف داخليا وخارجيا، وكذلك إرضاء لحركة حماس كما يقول النائب المصري السابق بمجلس الشعب محمد البدرشينى الذي قال أن الإخوان والرئيس المصري يسعون لتنفيذ مخطط "غزة الكبرى" إرضاء لحـركة حماس من خلال استقطاع 720 كيلومتراً من أراضى سيناء لنقل الفلسطينيين إليها ومبادلتها مع أراضٍ من صحراء النقب.
هذا المخطط واجهه الجيش المصري بقرار تنظيم امتلاك الأراضي الأخير، في سيناء لوقف قرار صدر منذ شهر ونصف يعطى الأجانب التملك لـ90 عاماً ويقف وراءه الإخوان لأنهم يسيرون في تنفيذ موائمات مع إسرائيل .
مخطط دولة غزة أو غزة الكبرى قديم أعده "معهد بن جريون"، ويتضمن مبادلة 720 كيلومتراً من سيناء بأراضٍ في النقب تسمى رأس النقب تمنح مصر ممر ترابي يصلها بالأردن، ويظهر ذلك من خلال مادة كانت موجودة في الدستور المصري وتحمل رقم 150 قبل حذفها، وكانت تعطى لرئيس الجمهورية الحق في إعادة ترسيم الأراضي ومبادلتها، لكن جرى حذفها بعد التنبه إليها.
القرار المصري الذي أصدره الفريق أول، عبد الفتاح السيسي، القائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري يحظر تملك أو إيجار أو حق انتفاع، أو أي إجراء تصرف في الأراضي والعقارات، في المناطق الحدودية الشرقية بمسافة 5 كيلومترات.
إذن في مصر رغبتان أولى يمثلها الإخوان المسلمين الذين قد يقبلون بهذا الحل، حسب الكثير من الإشارات، والجيش المصري وقوى المعارضة التي ترفض حلول إقليمية للوضع الفلسطيني، والأيام القادمة ستكشف المزيد...