انتظره الموت 4 أيام.. هكذا قُتل الطفل مهند الجمّال
خاص – مكتب غزة- (شبكة راية الإعلامية)
عامر أبو شباب، يوسف حماد:
كثير من تفاصيل فوضى الواقع، وفوضى المسؤوليات، وحالة التردي العامة في الواقع الفلسطيني تجعل العبارة التي يرددها المواطنون "أرخص سيء في البلد الإنسان" صادقة في كثير من الأحيان أو أقصر تعبير عن حالة الإهمال والتقصير، ومن مظاهرها حالة إنسانية تحمل رسائل قلق متقدمة يرويها المواطن محمد الجمّال من سكان حي التفاح شرق مدينة غزة.
تفاصيل ما يروي الجمّال أكبر من مصرع الطفل "مهند" ( 5 سنوات)، بل تمتد لثقافة وطنية تدور في فلك العبارة السابقة حول قيمة الإنسان، حين يحدثك الأب المكلوم عن تفاصيل موت ينصب شباكه القاتلة بانتظار الفريسة على مدار أربعة أيام من الاستغاثة وتأجيل الموت.
ففي أيام المنخفض الجوي الذي كشف عورات البنية التحتية والمؤسسات المسئولة، حيث الشتاء والمطر في كل العالم خير بدون "لكن"، أما لدينا ورغم حاجتنا له فهو كارثة ومصائب، في تلك الأيام الباردة والعاصفة وقع أحد أسلاك الكهرباء على الأرض دون أن ينفصل عنه التيار الكهربائي، ويقول الجمّال: "اتصلت أنا والجيران وأبي، بشركة الكهرباء لرفع السلك الكهربائي دون مجيب، رغم أن السلك في شارع بحي سكني وبالقرب من مدرسة بن الأرقم، عل الشركة تهتم بالأرواح والأطفال.
ويواصل الجمّال بزن شديد: أربعة أيام أنا والجيران وأسرتي نتصل بالشركة دون إجابة، ويوم الجمعة الماضي خرج الطفل للشارع فضربته الكهرباء من قدمه ليلقى حتفه على الفور.
وعندما حملت طفلي الضحية إلى المستشفى وبدأت تحقيقات الشرطة في المستشفى، في نفس الوقت وصل الخبر إلى شركة الكهرباء ورفعت السلك الكهربائي وأخفت سبب الموت.
وذكر الجمّال أنه حاول الاستعانة بكهربائيين خواص لإنهاء المشكلة، إلا أنهم رفضوا بسبب الأسلاك البالية والشبكة القديمة، وأوضحوا أن هذا الخلل لا يعالجه إلا الشركة.
والغريب أن الجمّال يقول أن موظفي الاستقبال الهاتفي في شركة الكهرباء كانوا يسخروا من طلب النجدة قبل وقوع المصيبة.
وما يغيض الأب أنه طوال أيام العزاء لم يصل مسئول من الحكومة أو شركة الكهرباء للتعزية والاستماع لأهل الضحية.
من جهته تساءل الجد "محارب الجمّال" الذي سيطرت عليه مشاعر الغضب لفقدان حفيده، "لو وقع السلك على باب مسئول هل سيكون التعامل معه كما جرى معنا"؟.
وطالب بشيء واحد هو "محاكمة المسئولين"، لكنه استدرك بالقول: "يوجد رب يحاسب يمهل ولا يهمل".
ويذكر الأب أن أم الطفل وأخته في المستشفى في حالة انهيار عصبي جراء فقدان طفلهم المشاكس صاحب الحضور الواضح في حارته وبين أقرانه كما اخبرنا العديد من المواطنين الذي جاؤوا لمواساة العائلة المكلومة.
بدورها قالت الجدة أنها عندما تلقت خبر وفاة حفيدها "مهند" أغمي عليها، وهي تحدثنا سيطر عليها البكاء، ورددت "حسبي الله ونعم الوكيل" على مسامعنا.
مصرع الطفل مهند أرجعته وزارة الصحة في الحكومة المقالة على لسان الناطق باسمها د. أشرف القدرة بالقول أن الطفل مهند الجمّال، والذي يبلغ خمس سنوات من عمره، توفي نتيجة صعق كهربائي، على إثر عبثه بالكهرباء.