صيادو غزة .. قصة ملح البحر ومرساة الحرية

2013-02-14 13:22:00

مكتب غزة – شبكة راية الإعلامية
كتب رمزي أبو جزر


العلاقة بين الإنسان والبحر في غزة علاقة أزلية، خضعت في أحكامها لشروط الجغرافيا والتاريخ والسياسة،  فالبحر هنا لم يكن بمنأى عن الصراع الدائر حول هوية الأرض وقدمِ الارتباط بها،وان كان انتصار التاريخ وانحيازه للإنسان الأصل، إلا أن المعركة لم تتوقف وتدور رحاها على كل شبر وميل .
قصة البحر والإنسان في غزة لها شكل ومضمون مختلف هنا،فالصراع يمتد من على اليابسة إلى البحر،وهو ليس تقليديا كما يجري في كل حكايات مدن الساحل بين الصياد وكرم او غدر البحر، بل للمهنة هنا في غزة أبعادا أخري يريد أن يؤكد فيها صاحبها علي ملكيته لأكثر من شطآنها وأميالها المحسوبة من قبل الاحتلال، فتراه غارقاً تارة بدمه دفاعا عن بحره وتارة أخري عن رزقه و أسيرا لقضية لم تصلها سفينة الحرية بعد  .
رغم كل ذلك لم يستطع الاحتلال أن يحرم النوارس من قوتها اليومي فتراها تحلق وتنتزع حقها رغماً عنه فإرادة الحياة اكبر بكثير من إرادة الموت المحمول بحراً والذي يسلب الحياة لا الأرزاق " شبكة راية الإعلامية " غاصت في أعماق معاناة الصيادين هنا في غزة ،للتعرف على واقعهم الأليم ومعركتهم اليومية في سبيل النجاة بيومهم .
البحر اخر خوفهم ..
الصياد إبراهيم البردويل 35 عاما امتهن الصيد كباقي سكان الساحل كان البحر كل ميراثه لكنه ميراث مثقل بالخوف والمجهول، فالمعاناة كما يرويها لم يكن للبحر ضلعا فيها سببها ولا خوف العودة او اللاعودة غرقاً،  بل من الاحتلال الذي يجثم على أمواجه ليحرمهم من مصدر رزقهم
إبراهيم لا ينفي خوفه هو وأسرته في ظل اتساع دائرة المجهول،فان نجوت من البحر لن تنجوا من محتل البحر الذي يجوب بسفنه أو ما يسميها إبراهيم "طراداته " والاسم كما هو واضح ارتبط لدي الصياد بالمطاردة والملاحقة التي لم يسلم منها حتي في  البحر .

انتهاكات ومضايقات ومساومات
لم تتوقف الانتهاكات عند حد تضيق الخناق على الصيادين بل تجاوزت الى حد اعتقالهم والتنكيل بهم بل ومساومتهم بين الارتباط بالاحتلال وأرزاقهم .
خليل صياد تعرض للاعتقال على يد قوات الاحتلال التي أرادت مساومته بين رزقة وخيانة الرزق ، حيث أكد لنا أن قوات الاحتلال تقوم دائما باعتقال الصيادين وتعرض عليهم الارتباط مقابل السماح لهم بالدخول والصيد دون أي منغصات او عوائق .لكننا نرفض ذلك فنتعرض للتنكيل والضرب المبرح من قبل قوات الاحتلال والتهديد بمنعنا من الصيد واحتجاز قواربنا .
صياد آخر يقول كل يوم ننزل فيه البحر نتعرض للمضايقات والاعتداءات من قبل زوارق الاحتلال التي تطلق نيرانها باتجاهنا في محاولة لإخافتنا ومنعنا من ممارسة عملنا بحجة انا تجاوزنا المسافة المقررة وهي 6 أميال بحرية بموجب اتفاق التهدئة الأخير الموقع بين الفصائل الفلسطينية عقب معركة الأيام الثمانية وكانت المسافة التي يسمح الاحتلال بدخولها في السابق 3 أميال .
هذه الإجراءات التعسفية دفعت بعدد كبير من الصيادين الى تغيير مهنتهم والانتقال إلى أعمال اخري احد الصيادين أكد انه لم يعد يمارس مهنته بسبب هذه الإجراءات والمضايقات التي يتعرضون لها فاطر إلى العمل في قطاع البناء ليوفر لأسرته قوت يومها
منظمات حقوق الإنسان المنتشرة في قطاع غزة وثقت كثير من هذه الانتهاكات والتي تنوعت ما بين القتل والإصابات والاعتقالات والمطاردات واحتجاز القوارب والتي اعتبرتها انتهاكا ًسافرا ًلقواعد القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والخاصة بحماية حياة السكان المدنيين واحترام حقوقهم، وفقا ًللمادتين الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والسادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، رغم أن إسرائيل طرف متعاقد في العهد.
عرائس البحر في زفاف الدم ..
لقد سلب الاحتلال الاروح أكثر مما سلب البحر منا ،هكذا حدثنا أكرم احد أصدقاء الشهيد محمد حسن الذي سقط برصاص زوارق الاحتلال عندما خرج في ليلة لصيد الأسماك في موسم كان شحيحاً للغاية ، كان البحر أكثر هدوء من سابقاته وكان نور القمر يضئ يومنا لكن صيادا آخر احترف القتل يتربص بهم فإطفاء حياة إبراهيم برصاصة استقرت في قلبه.
حسام أبو حصيرة صياد ينقل لنا معاناته حيث تعرض لإصابة برصاصة في ساقه ، عندما اقتربت منه الزوارق الحربية الإسرائيلية وحاولت إجباره ومنعه من الصيد بحجة تجاوزه المساحة المقررة للصيد والتي كما يروي لم نصلها في يوما، فنحن نصيد في مساحة تبلغ ميل ونصف الميل وليس كما يدعي الاحتلال 6 أميال .
الإبحار في معاناة الصيادين الغزيين أن كانوا في البر أو البحر، تكشف لك عن حجم الشقاء الذي يعيشه الناس هنا بسبب سياسات هذا الاحتلال ، الذي حول الحياة إلى كابوس كبير يغرق الكل في تفاصيله لكنهم رغم ذلك يصرون علي الإبحار في وجه أنواء الاحتلال علهم يصيبون حرية أو حورية تكون في انتظارهم تكشف لهم عن خير الدنيا والآخرة .