جديد غزة .. ملاحقة وتعذيب على خلفية الجل والسروال الساحل

2013-04-11 06:35:00

مكتب غزة – شبكة راية الاعلامية

كتب رمزي ابو جزر

قد يحدث في مكان ما أن تكون ملاحقاً ومعرضا للضرب والسجن بسبب طريقتك في تصفيف شعرك أو لون بنطلونك الجينز أو شكل قميصك ، أو معرض للطرد أو المنع من دخول الجامعة بسبب عدم ارتدائك الزي الذي يراه الآخرون شرعيا وأخلاقيا أو ربما لا تتمكن من المشاركة في مارثون رياضي أنساني لكونك لا تنتمي لفصيلة الذكور، هذا المشهد ليس من أفغانستان انه في غزة .
أن تصل الأمور إلى هذه النقطة في العلاقة بين الراعي كما يري نفسه ورعيته وفقا لفقه الانقلاب فان ذلك تعبيرا عن أزمة لا يمكن تسويغها باسم القيم والعادات لتبرير القمع ومصادرة الحريات و تنصيب الأجهزة الأمنية "كضابطه أخلاقية" على رقاب الناس، نتيجة الإخفاق كما يري المتابعون في تكريس واقعها كأمر قانوني وسياسي وأخلاقي .
جديد الحكومة المقالة أو قديمها هذه المرة هو ما يتعرض له الشباب من حملات تقوم بها الشرطة في قطاع غزة عبر ملاحقة ومطاردة من يرتدون بناطيل الجينز الضيقة والملونة أو كما يسمونه "البنطلون الساحل" أو ممن يصففون الشعر بطريقة عصرية ويضعون "الجل" لمخالفتهم كما يرون عادات مجتمعهم وأخلاقه وقيمة الإسلامية وهي حملات وصلت إلى حد الاعتقال والتنكيل بالشباب وإجبارهم على حلاقة رؤوسهم بالقوة بعد تعرضهم للضرب والاهانة .
هذه الممارسات التي دأبت الحكومة المقالة إلى نفيها لم تعد اليوم خافية أو طي كتمان الخوف الذي فرض على أصحابها فخرجت شهادات حية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب التي تحدث فيها أصحابها بشكل واضح عن هذه الممارسات التعسفية التي تعرضوا لها بسبب مظهرهم أو شعرهم .
هذه الممارسات أثارت في غزة حالة من ردود الأفعال الساخطة والرافضة لهذه الإجراءات التي تتخذها الحكومة المقالة وتشكل خرقا سافرا ليس فقط للحريات التي كفلها القانون بل لكل الأعراف والتقاليد الإنسانية والمجتمعية والتي وصلت في أكثر صورها تطرفا إلى حد تشريعها عبر القوانين مثل قرار تأنيث المدارس في القطاع ومنع الطالبات من دخول الجامعات دون ارتداء الزي المحتشم وغير ها من القرارات .

نموذج هيئة الأمر بالمعروف:
ربما هي محاولة لاستنساخ هذا النموذج الذي يسعي إلى فرض توجهاته الإيديولوجية والعقائدية على الناس بالحديد والنار تحت عناوين دينية وبحجة الحفاظ على الأخلاق الإسلامية ومحاربة الرذيلة والفساد كما يراها هو وهي ممارسات لا تنتمي لعالم الموعظة الحسنة او المعروف بل الحق الذى يراد به منكر .   

الداعية الشيخ عماد حمتو قال في حديث للراية اف ام ان الاصل الموعظة الحسنة والكلمة الطيبة واذا كان المنكر سياتي بمنكر اكبر فلا يزال، وان مسالة الملبس هي من العادات وليس من العبادات وهي  قضية لا تحظي بأي جماع بين جمهور العلماء ومختلف عليها .
واضاف حمتو ان التركيز على التغيير الخارجي قبل التغيير الداخلي وقبول النصيحة والهداية مخالف لسنن القران وسنن النبي صلي الله عليه وسلم .

الشاب ابراهيم الكيلاني اعرب عن مخاوفه ازاء هذه الممارسات التي تسعي من خلالها حماس الى فرض توجهها على المجتمع هذه عبر التدخل في ابسط الحقوق والحريات التى كفلتها كل الشرائع تحت مزاعم الاخلاق والقيم والتي وصلت الى حد القمع والاعتداء
واضاف قد نجد انفسنا وصلنا الى واقع كما يجري في بعض الدول عبر تشكيل هيئة الامر بالمعروف  لملاحقة الفتيات والشبان بسبب مظهرهم .

الفتاه هبة زيارة لم تخفي هي الأخرى  مخاوفها من تبعات وتداعيات هذه الممارسات والقرارات التي تصدرها الحكومة المقالة والتي تؤكد انها ستطال عاجلا ام اجلا النساء والفتيات في ظل النظرة الدونية للمرأة لديهم بوصفها فتنة ومثيرة غرائز وحبائل للشيطان وهو ما بات واضحا في القرارات المتخذة مثل منع دخول الجامعات لغير المحجبات .
واضافت انها لا تسمح لأى احد بان يتدخل بهذا الشكل السافر في حريتها او شكلها او مظهرها لأنه لا يتوافق وعقليته او توجهاته الدينية .

رفض لحمسنة القطاع :
مرة اخري اثارت هذه القرارات والممارسات التي وصلت الى حد التنكيل رفضا مجتمعيا واسعا
حيث ادان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة احتجاز الشرطة في الحكومة المقالة في غزة لعدد من الشبان خلال الأيام الماضية وقص شعورهم بادعاء أن تسريحاتهم خادشه للحياء، والاعتداء على عدد منهم بالضرب.
وطالب المركز النائب العام في غزة بفتح تحقيق جدي في تلك الاعتداءات التي تمس الحريات الخاصة للمواطنين وما رافقها من اعتداءات بالضرب تعرض لها المحتجزين.  كما يطالب الحكومة في غزة لاحترام حريات المواطنين المكفولة دستورياً ووفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان. ووثق المركز عدة شهادات لبعض الشبان الذين تعرضوا للضرب والحجز بسبب قصت شعورهم او ملابسهم .

مدير عام مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان خليل أبو شماله، ، دعا الحكومة المقالة، لضرورة أخذ الإجراءات كافة التي من شأنها وقف أي انتهاك ينفذه المكلفون بإنفاذ القانون تجاه الشباب الفلسطيني، وإلى ضرورة تغيير طريقة معالجتها للحملة غير المعلنة التي يلاحق ويهان ويحتجز خلالها الشباب والفتية لأسباب تتعلق بشكل تسريح وقص شعرهم أو ارتدائهم لأنواع محددة من السراويل.
وقال أبو شماله ان ما يحدث ليس كما يصفه البعض محاولات لأسلمة المجتمع والقوانين ، لان المجتمع الفلسطيني مسلم ويتمسك بقيم الدين الاسلامي بالفطرة ولا يحتاج لمن يعلمه تعاليم دينه ، ولكن ما يحدث هو محاولات لحمسنة المجتمع

هذه الممارسات لم تثر فقط استغراب قطاع واسع من الناس بل لاقت استهجانا من قيادات حركة حماس نفسها هذه المرة على لسان نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسي ابو مرزوق الذى اعرب عن واستغرابه لهذا  الخبر وعدم تصديقه  له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك قائلا "أنا لا أتصور أن يفعل ذلك أي فرد من هذه المؤسسة التي هى في الأصل لخدمه المجتمع ، نحن أمام الفئه التي تتعب لكي  تريح الناس ، وتسهر لينام الناس مطمئنين , نحن أمام الفئه التي يجب أن تكون الأكثر انضباطا والتزاما و احتراما للقانون"

عندما تعجز حكومة أو سلطة ما في  التأسيس لمجتمع يسوده القانون بوصفه تعبيرا عن الأخلاق بعيدا عن معتقداتها وتفسيراتها الإيديولوجية فان كل ما ينتج عنها من ممارسات تحت عناوين الاخلاق والقيم تصبح تبريرات للقمع والفوضى هذه هي النتيجة التي بدت تتأكد كل يوم في قطاع غزة فالذين دعوا الى احترام الحريات والقانون وحقوق الإنسان واعلنوا مراراً وتكرارا رفضهم لأسلمة القطاع اتضح مع الوقت انه كان مجرد خطاب تكتيكي فالحركة لم تغادر مربعها الأول.