رحلة رضا...

بقلم: رامي مهداوي..
بكتب لك هذه الكلمات يا ولدي بعد عودتي من مسرحية "رحلة رضا" وهي عمل مسرحي عن نص مسرحية "رحلة حنظله من الغفلة إلى اليقظة" للكاتب السوري المبدع سعد الله ونوس عام 1978. نفذ هذه المسرحية يا سيد خطاب مسرح عشتار، كل الإحترام لهم وللسيد محمد عيد الذي اخرج هذا العمل الرائع، ولازم أشكر الطاقات الشبابية في عالم المسرح: مؤيد عودة، حسام العزة، حنين طربيه، إميل اندريه، علاء أبو غربية، فراس فراح.
كنت حابب آخذك معي على المسرحية، لكن الخوف منعني بأن أجعلك تكتشف عالم المسرح مبكراً، ثم تسألني ما هو الواقع؟ وهل نحن نجيد التمثيل كما هو مطلوب منّا في الواقع؟!
رضا بطل المسرحية، كان يمكن أن يكون أنا أو أنت أو هو؟! رضا الشخصية التي تؤمن "يا رب الستره" " إمشي الحيط الحيط... " " الباب اللي بجيك منه الريح...." رضا الشخص الضائع في غابة المجتمع، بسيط، يرضى في الهم لكن الهم لم يرضى به لهذا هو رضا. المجتمع كان الجلاد الذي لم يرحمه" الجلاد يعرف الضحية... الضحية لا تعرف الجلاد".
الغريب بأن الجلاد هو من الدائرة الأولى بمحيط رضا.. وربما في محيطنا نحن أيضاً كل حسب دوائره، لم يرحمه النظام السياسي القائم، فلم يرحمه محيطه أيضاً فتحول منزله من بيت الراحة والحنان الى بيت الرجال الآخرين، ومكان العمل بوظيفته التقليدية اليومية "عداد فراطه في بنك" أغلق الباب في وجهه بعد 10 سنوات خدمه.
رضا ممن يقرؤون ويؤمنون بالأبراج فهو برج الثور وزوجته برج العقرب، يؤمن بالغيب أكثر من الواقع فهو لا يتدخل فيما يعنيه ولا يعنيه، لهذا يغوص رضا في أمواج ترهقه. يحاول أن يستيقظ من عالمه ليدق أبواب مختلفة:
باب العلاج الطبي: هل يستطيع التعايش بعد أن يغسل دماغه؟ يدخل بالصراع الذاتي ما بين العقل كأهم وسيلة للتفكير وبين منتجاته، هل إختراق العقل وإصلاحه يؤدي الى علاجه؟ كما هو الحال في إصلاح محرك السيارة من قبل المختص بصيانتها! هل العقل البشري بحاجة الى قطع غيار يجب إستبدالها في مراحل مختلفة من حياتنا!؟
باب الشعوذة: بإسم الدين هل نستطيع تغيير مستقبلنا؟ أم حكم علينا من البداية بإسم التعاويذ والدجل بأن نكون سجناء ذاتنا ومعتقدات خاطئة بعيد كل البعد عن الدين، لكن نقتل ذاتنا بإسم الدين والحلال والحرام.
باب السلطة: هل تغيير الأنا يعتمد على الأنظمة السياسية، وهل السلطة.. الحكومة.. الأجهزة الأمنية.. تعمل على تغيير المشهد الخاص لحياة كل مواطن؟ وما هو نوع المواطن الذي يجب أن تغيره السلطة؟
رضا خرج بالنهاية بأنه إذا أراد أن يستمر في الحياة، فيجب أن لا يعيش على الهامش، وكل شيء يدور حوله عليه أن يتأثر ويؤثر به، ويبقى السؤال في مجتمعنا الفلسطيني هناك حالة عدم رضى هل لأننا كلنا رضا؟!