استقالة حكومة فياض : تسوية سياسية للازمة الداخلية

2013-04-22 17:55:00

مكتب غزة – شبكة راية الإعلامية
 رمزي أبو جزر
لم تكن استقالة رئيس الوزراء سلام فياض أقل إثارة للجدل من سلوكه السياسي والاقتصادي حيث تفاعلت معه المواقف وتباينت بشكل كبير على مختلف الصعد ملقية بضلالها على كلية المشهد المأزوم هنا لتتحول إلى ما يشبه المحاكمة للرجل ، لكن حالة الارتياح التي عكستها هذه المواقف تجاه الاستقالة وتبارت فيما بينها عبر الدعوة للسلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس لاغتنام هذه الفرصه المواتية للانطلاق نحو أفاق سياسية أكثر رحابة خاصة تجاه المصالحة المعطلة على اعتبار أن فياض لم يكن عنوانا توافقيا حتي داخل مضمار السلطة .
خروج الرجل من المشهد الحكومي وان كان الرئيس عباس ابقي النافذة السياسية مشرعة له للدخول مجددا منها عندما أكد أن فياض هو رجل دولة وان السنوات السبع التي قضاها كانت مثمرة وحقق فيها العديد من الانجازات وحتي وان اختلف الكثيرين مع هذا الموقف .
الشارع الفلسطيني في غزة والضفة والذى كان رهينة هذه التطورات لم يكن موقفه مغايرا حيث تفاعل بشكل كبير مع الحدث الذي أراده البعض أن يكون رافعة سياسية فيما حملة البعض وزر كل الخطايا السياسية والاقتصادية التي ألمت بالواقع المعيوش نظرا لاستفحال الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالشارع وأثارت حينها موجه من الاحتجاجات التي جري توضيفها سياسيا وتلقفها خصومه داخل السلطة وخارجها للإجهاز عليه كما يري المراقبون خاصة بعد التصريحات الأمريكية تجاه فياض والتي كانت بمثابة رصاصة الرحمة.

فياض الأمريكي :
هكذا راءه البعض ومنهم من أراد أن يظهر بهذه الصورة على الإيقاع الإيديولوجي المنقسم أصلا بين فتح وحماس فالاتجاهات المتباينة لم تحكم على سياساته الاقتصادية بل جري استثمار الواقع الردئ بفعل عوامل موضوعية مثل الاحتلال الذي وقف حائلا أمام تطور البنية التحتية الفلسطينية فيما رأى البعض أن هناك جهودا بذلها الرجل للارتقاء بالواقع الاقتصادي لكن ثمة معيقات اعترضت سبله وأدت في نهاية المطاف إلى استقالته .

المواطن محمد سالم 35 عاما أكد أن سلام فياض كان خيار أمريكيا فرض على السلطة الفلسطينية من اجل مراقبة أموال المانحين وإغراق السلطة بالديون لتحقيق مشاريع سياسية تفضي إلى المزيد من التفريط    
واعتبر سالم أن التصريحات الأمريكية الأخيرة تجاه فياض والتي كانت رافضة لهذه الاستقالة تؤكد هذا الاتجاه

أما الموظف خليل الوادية 44 عاماً اعتبر استقالة فياض خسارة كبيرة للسلطة الفلسطينية وانه تعرض لمؤامرة للإطاحة به بعد تصديه للمفسدين واتخاذه آليات اقتصادية ناجحة أدت إلى الارتقاء بالواقع المالي والإداري .
وقال أن المشكلة لا تكمن في فياض كشخص وإنما في المحيطين به الذين تشكل استقالته مصلحة لهم

منال عزب 27 عاما اعتبرت أن هناك مبالغة في التعاطي مع الحدث و ان كل طرف اراد تفصيل الاستقالة على مقاسه وبما يتناسب مع قناعاته السياسية فحماس تعتبره سبب في الانقسام فيما تعتبره فتح وجوده لا يخدمها في السلطة .
وأكدت عزب أن فياض لم يكن بوسعه أن يفعل أكثر مما فعل في ظل هذا الواقع الذي يطبق فيه الاحتلال على كل شئ .

خريف فياض وربيع المصالحة  :
تسييس أو شخصنه الاستقالة لا يجيب عن سؤال المصالحة هذا بالتحديد ما عكسته المواقف الفصائلية تجاه موضوع الاستقالة والتي ذهب البعض إلى اعتبارها مطلب وطنيا للخروج من حالة الانقسام والاندفاع باتجاه المصالحة الفلسطينية ألمعطله متجاهلة أسباب أكثر وجاهة ربما من ذلك، فيما لم يري آخرون اى رابط بين استقالة فياض والمصالحة  .

حركة حماس رأت أن الاستقالة هي شان داخلي وهي تأتي في سياق صراع سياسي بين حركة فتح التي يرأسها الرئيس محمود عباس وفياض.
واعتبرت الحركة أن لا علاقة بين المصالحة واستقالة سلام فياض وان تطبيق اتفاق المصالحة مرهون بموقف حركة فتح حينما تكون جاهزة للالتزام بالاتفاق بشكل كامل وبدون انتقائية

حركة الجهاد الإسلامي، دعت الرئيس محمود عباس لاعتبار استقالة رئيس الوزراء سلام فياض مقدمة لتطبيق اتفاق القاهرة وتشكيل حكومة وفاق وليس تشكيل حكومة بديلة برام الله فقط.

وقال القيادي في الحركة خالد لبطش أن تقديم الاستقالة قرار حكيم من فياض الذي يشعر بأن خريفه قد بدأ ولا بد من أن تتساقط أوراقه في هذا الجدل والصراع في دوائر السلطة من جهة وبين حركة فتح وفياض من جهة أخرى

الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني النائب بسام ألصالحي دعا لبذل كل الجهود من اجل تشكيل حكومة التوافق الوطني
وأضاف بالرغم من عدم الترابط بين استقالة الحكومة وبين موضوع المصالحة حيث لم يكن هذا سببا في الاستقالة أو تعطيل المصالحة ،إلا انه جاء عمليا في مساحة التوقيت المفترض لإجراء مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني .

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قالت أن استقالة فياض اكبر من ما يجري تداوله فالأزمة الفلسطينية اقتصادية واجتماعية ومالية وسياسية، وعلاجها يأتي من خلال تشكيل حكومة فلسطينية واحدة ومستقلة برئاسة أبو مازن، والتوجه إلى انتخابات رئاسية وتشريعية والمجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية

"سامحكم الله فلسطين اكبر من الجميع" كانت كلمة فياض الأخيرة ردا على كل ما قيل بحقه من مواقف لم تشفع له  ما تقدم من سياساته وما تأخر وعليه ألان أن يجيب بنفسه عن كل هذه التساؤلات التي تفجرت بعد الاستقالة .