محمد عساف صوت يعلو على النشاز السياسي
مكتب غزة – شبكة راية الإعلامية
كتب رمزي أبو جزر
منذ أعلن الشاب محمد عساف اشتراكه في برنامج Arab Idol لاكتشاف المواهب الشابة والذي يبث على شاشة mbc اللبنانية حتي احتدم الجدل داخل الساحة الفلسطينية حول أهمية الحدث والمشاركة فيه والغاية منه بالاستناد إلى أولويات الساحة الموزعة بين انقسام واحتلال والتي لا يوجد فيها للفن رصيدا كبيرا في ظل ما تعيشه من أزمات وويلات غيبت كل أشكال الفرح والبهجة فيما جري تسييس ما تبقي منها فليس مستغربا هذا الانقسام حول هذه الصوت الذي خرج من قلب المعاناة ليكسر القاعدة التي ربما أراد الآخرون تأبيدها وإعطاء صوره قاتمة للفلسطيني الذي وان امتلك صوتا فيجب أن لا يعلوا على صوت النحيب والعويل أو صوت الاستجداء والخوف أو صوت الساسة.
الانقسام هذه المرة لم يستثني محمد عساف فعلى الصعيد السياسي رأى البعض أن الوقت غير مناسبا لهذه البرامج فالساحة الفلسطينية منشغلة في قضايا أهم بكثير من الغناء وان هذه المشاركة هي حرف للبوصلة تجاه مسائل لم يري فيها البعض أي أهمية سوي مضيعة للوقت بل وهناك من ذهب إلى حد وضع محمد عساف في مواجهة معركة سامر العيساوي التي يخوضها ضد السجان وتأثيراتها الإعلامية على هذه المعركة التي يخوضها الأسري .
اتجاه قديم لم يفوت الفرصة للطعن في المشاركة على قاعدة الدين وهو لا يتعرف بالمناسبة أصلا بل ذهب إلى إيديولوجيا التكفير والفسق والتي تري في الغناء كفر بواح أو فتنة يجب درء مخاطرها استنادا على قاعد القيم ، حتي الاتجاهات المعتدلة منها رأت في الأمر مختلف عليه .
بين عساف والعيساوي :
لا تختلف كثيرا معاناة سامر العيساوي عن محمد عساف فهم يتقاسمان ذات الزنزانة في وطن تحول كله إلى نفحه وريمون كبيرين تحت الاحتلال والحصار ويعيشان تحت الحكم العسكري أو الجبري فالأمر سيان، فالمشترك بينهم واحد هو الحرية فصوت عساف الذي صدح في أرجاء الكون ليقول أن ثمة حياة وان الفلسطيني لم يكون في يوما مرادفا للموت أو الشقاء يبدوا صدى لصوت العيساوي وان كان هناك من لا يريد أن يري هذه العلاقة وهناك من أراد تشويهها .
شقيقة الأسير سامر العيساوي المحامية شرين العيساوي قالت لا اعتقد أن محمد عساف هو من يغيب التضامن مع سامر عيساوي بل هو قرار شخصي نابع من كل إنسان لا ينتصر لسامر عيساوي .. واعتقد أيضا أن محمد عساف متضامن مع سامر عيساوي فهذا هو الأمر المنطقي من كل فلسطيني حر وشريف.
فسامر يمثل قضية وطن على مستوى دولي من اجل حرية كل الأسرى .. سامر بأمعائه الخاوية يخوض حربا على الاحتلال ونجح بتسليط الضوء على انتهاكات الاحتلال على مستوى عالمي .
لمياء حسين 19 عاما تلقب نفسها بعاشقة عساف وتضع صوره العيساوي على صفحتها في الفيس بوك لم تري هذه المسافة التي يريد البعض اختلاقها بل أكدت لنا إن عساف يخوض معركة لا تقل أهمية عن المعركة التي يخوضها سامر .
وأضافت لمياء أن عساف هو صوتنا الحقيقي الذي لم تسمح له الظروف بالتعبير عن نفسه لكن المهم الآن أن هناك فنان فلسطيني له مستقبل .
سائد العيله قال أن صوت محمد عساف اليوم اعلي من كل الأصوات وهو يمثل وجه فلسطين الحضاري الذي أراد الاحتلال أن يغيبه وان يزرع اليأس في قلوبنا ويكفي أن هذا الصوت خرج من غزة المحاصرة ليغرد للحياة والأمل .
عساف والنشاز السياسي
الحملة التي شنها البعض على محمد عساف وشاركت فيها جماعات وقوي لم تجد في النهاية سوي الاعتراف أن عساف شكل حالة فلسطينية قائمة لا يمكن تجاهلها لا تحت مضامين السياسة أو الدين .
حركة حماس والتي وقفت في المعسكر المضاد لعساف طورت في نهاية المطاف موقفا أعلن عنه الناطق باسم الحركة فوزي برهوم، والذي دعا فيه إلى عدم الإساءة إلى محمد عساف أو تجريحه.
أضاف واضح أن هناك مبالغة في بعض الردود على مشاركته في البرنامج وعندما نناقش أي قضية يجب أن نطرحها ونناقشها بحجمها فقط دون مبالغة أو هجوم على الشخص ولكن في النهاية محمد عساف شاب فلسطيني ومن غزة والشمس لا تغطى بغربال".
قوي سياسية فلسطينية ومؤسسات وقوي مجتمعية أخري دعت إلى دعم محمد عساف في مشواره الفني والخروج من هذه اللغة التي لم يعد لها مكان اليوم فعساف عنوان صمود وصوت كل الفلسطينيين الذين حرمتهم الظروف من هذه اللحظة في التعبير عن نضالهم .
الصحفي محمد المدهون قال أن محمد عسّاف يجسد طرفاً في معركة مجتمع غزة الذي قسّمه حاكموها إلى نصفين، أشباه الحاكم والآخرين. الحاكم وأشباهه يحاكمون أخلاق الناس ويضعون لهم الأطر المحددة لنسج العلاقات فيما بينهم ويحاولون تنميط حياتهم كما يريدونها لهم أن تكون.
وأضاف المدهون لم يكن لعسّاف أن يحظى بكل هذا الاهتمام الشعبي والالتفات والرعاية التي أكّدتها كثافة التصويت، لولا أنّه يمثّل هؤلاء الناس ويرون فيه سفيرهم في معركة الداخل نحو الحريّة والتنوع والحب والاختلاف، وصوت وطنهم وقضيتهم للخارج. رغم الظلام غزة تغنّي.
محمد عساف هو حركة الحياة الفلسطينية في الزمن الصعب حركة أعادت اكتشاف أجمل ما في الفلسطينيين الذين فرقت شملهم السياسة ووحدهم عساف بصوته .