لجنة التحقيق تبرئ المحامي أبو زهيرة وتصف إجراءات الشرطة والنيابة بالباطلة
الخليل- رايـــة:
طه أبو حسين- أواسط شهر حزيران من العام 2013، قامت الشرطة الفلسطينية بتوقيف المحامي إسماعيل أبو زهيرة على حاجز العبيدية شمال شرق بيت لحم ، واتخذت بحقه إجراءات تعسفية تمثلت بتعريته من الملابس بشكل كامل، بحجة (حيازة مخدرات).
في تلك الفترة، أخذت القضية جدلاً إعلاميا واسعا، حيث تناولت معظم وسائل الإعلام المحلية بمختلف أشكالها قضية أبو زهيرة ، وبقيت متأرجحة ما بين ادعاءات النيابة العامة ومزاعم المحامي المتّهم، إلى أن صدر قرارٌ أواخر عام 2013 عن لجنة التحقيق المكلّفة من مجلس القضاء الأعلى ينصّ على أن "القبض ثمّ التفتيش يعتبران باطلان" .
"في منتصف شهر حزيران عام 2013 تمّ إيقافي وصديقي الذي يرافقني على حاجز العبيدية من قبل الشرطة الفلسطينية، امتثلنا للقانون، فقاموا بتفتيش سيارتنا بشكل كامل، كما قاموا بالصراخ والشتم علينا أمام الملأ ، وحينما سألت ما القصة ، سألني الشرطي أين المخدرات ؟!" هذا ما قاله أبو زهيرة الذي أكّد هويته كونه يعمل محامياً، وعدم حيازته للمخدرات، وتابع:"بعد التفتيش نقلنا إلى مركز العبيدية ، وأوقفنا مدة ساعتين وأكثر ، حيث تمّ تفتيشنا بشكل كامل بعد تعريتي مكرها بأمر وكيل النيابة يحيى عدوي".
ويكمل أبو زهيرة في السياق نفسه: "كان هناك شخص يسمّي نفسه أبو العواصف، أسمعني الكثير من الكلام الجارح، وبقي يقول لي: أنا أبو العواصف، لا توجد مهمة إلا وأكون رابحا فيها، وفي النهاية سأقوم بتفتيشك رغم كلّ شيء"، وتابع المحامي قصته بقوله:"بعد التفتيش العاري والمهين الذي تخلله مسبّات وشتائم لي ولصديقي، أخلو سبيلنا لأنهم لم يجدوا أيّ شيء بحوزتنا، واكتفوا بقول (نحن متأسفون)" .
أثناء تلك المرحلة من الإهانة والإذلال، دار حديث بين المحامي ووكيل النيابة على حدّ زعم أبو زهيرة:" قلت لوكيل النيابة بعد جدال طويل بأني سأتقدم بدعوى قضائية، فقال لي أنت صاحب القرار"، وأردف أبو زهيرة والذي تفاجأ بتدخل أحد المسؤولين في مركز شرطة العبيدية بقوله التهديدي على حدّ تعبير المحامي:"عندك حقوق الإنسان، وعندك الله، اذهب واشتكي".
بدورها قامت نقابة المحامين بعد وصول الخبر إليها بتنفيذ حملة احتجاجات متصاعدة ، من بيانات وعرائض استنكارية إلى جانب الإعتصامات الاحتجاجية المتعددة في مختلف محافظات الضفة الغربية، استنكارا لما تعرض له المحامي أبو زهيرة، الذي أعتبر الحادث مساساً بإنسانيته وكرامته، إضافة للإضرار البالغ بمكانة نقابة المحامين حسب تصريح نقيب المحامين حاتم شاهين.
ويقول شاهين:"بعد صدور القرار في 30 أيلول من العام 2013 ، توجهنا بكتب رسمية للجهات الرسمية التي تدخلت لحل الأزمة بتوجيه من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكان على رأسها رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، وعضو اللجنة المركزية توفيق الطيراوي"، واستأنف شاهين قائلاً:" فالنيابة العامة كانت مصرة على موقفها بأن إجراءاتها سليمة، وموقفنا كان معاكساً تماما لأن ما جرى انتهاك واضح بحق الحريات والكرامة الإنسانية".
واستطرد شاهين:"ما حصل في 12 حزيران عام 2013 وقع انتهاك خطير وماس بالكرامة الإنسانية، الآن المطلوب وضع الأمور في نصابها الصحيح بتحميل المسؤولية لمن أخطأ، ومن ناحية أخرى مطلوب أن يتم إعادة وضع الاعتبار للمحامي والنقابة من خلال إظهار الحقيقة من قبل المصرحين عبر وسائل الإعلام بأن هناك حالة تلبّس وبأن الإجراء كان قانونيا، فيجب عليهم نفي كلّ ما ذكر وفي الوسائل الإعلامية نفسها لرد الاعتبار، وثالثا نريد ضمانات عدم تكرار مثل هذه الإجراءات بحق أي إنسان".
وأكد نائب نقيب المحامين موقف نقابته بالحديث عن آليات عملهم في القضية:"حاليا الآليات التي يجب إتباعها تبقى رهينة للحديث ما بين الجهات التي رعت الاتفاق أولا وبين الأطراف ذات العلاقة وهي ( نقابة المحامين والشرطة والنيابة العامة)".
يشار أن قرار لجنة التحقيق المكلّفة من مجلس القضاء الأعلى المتضمن إجراء التحقيق في هذه القضية قد قام عليه القاضي عبد الله غزلان، حيث تبيّن في التحقيق أن القبض والتفتيش باطلان، وما بني على باطل فهو باطل، الأمر الذي يعد مخالفاً لحكم القانون ويجاوزه، وقد صادق على هذا القرار رئيس المحكمة العليا القاضي فريد الجلاد.
وقد أفاد المحامي إسماعيل أبو زهيرة في نتائج القضية المذكورة:"منذ حوالي خمسة شهور لم أدخل مكتبي ، فقضايا كثيرة سحبت من المكتب بعد هذه المشكلة، فقدت زبائني والكثير من التوكيلات، فمن ناحية مادية مخاسري كبيرة، ومن ناحية معنوية مخاسري أكبر بكثير، لأن سمعتي صبغت بألوان سوداء بعد تداول قصتي بين أوساط المجتمع بأني محامٍ غير سوي، وأني تاجر مخدرات، وغيرها الكثير من التهم التي تنسب إلي نتيجة الادعاءات التي رددت على وسائل الإعلام".
وأضاف المحامي إسماعيل أبو زهيرة في رسالة بعد صدور قرار لجنة التحقيق المكلّفة من المحكمة العليا بتبرئته من التهم المنسوبة إليه:"أناشد الرئيس الفلسطيني قائد المركبة وحافظ القانون بأن ينصفني، لأنه تم تهديدي من جهة خاصة بأن رأسي مطلوب للسلطة في حال رفعت قضية على مرتكبي الانتهاك بحقي، ومنذ شهرين قدمت كتابا رسميا لمقابلة الرئيس ولغاية الآن لم يتم الردّ على طلبي، متمنيا لقاءه حتى ينصفني" .