إزالة البسطات ما بين قطع الأرزاق والازدهار الحضاري
الخليل_رايـة:
طه أبو حسين: بلدية الخليل تسعى للتطوير، وصاحب البسطة يسعى للقمة عيش تغنيه عن العالمين، وفي ذلك يطالب المواطن أن يقف المسؤول أمام مسؤولياته، في ذات الوقت ينادي الأخير الأول أن يقف أمام واجباته في سبيل تحقيق التنمية والازدهار للمدينة.
فقبل عدة أسابيع وضع فريق أمانة عمان الكبرى المتخصص في مجال الطرق وطاقم بلدية الخليل الهندسي خطة تطويرية لشبكة المواصلات و الطرق في المدينة، وفي سبيل تحقيق الخطة، شرعت البلدية بإزالة البسطات التي اعتبرتها عائقا كبيرا أمام تطوير المدينة، الأمر الذي خلق حالة إرباك واعتراض من أصحاب البسطات لأنها تعتبر مصدر العيش الوحيد لأسرهم حسب زعمهم.
أصحاب البسطات بين التحرّش اللفظي ولقمة العيش الكريمة
الشارع الخليلي انقسم ما بين مؤيد ومعارض لحملة إزالة البسطات، فالأول يرى بأن المدينة ومظهرها العام أولاً، والأخير يعتبر لقمة العيش خطاً أحمراً لا يجوز الاقتراب منه لطالما لم توفر الجهات المسؤولة البديل له.
وفي استطلاع آراء المواطنين فقد قالت المواطنة ليندا النتشة (23 عاما):" لا أشعر بأنهم يشكلوا لنا إزعاجا، وأنا ضد إزالتها لأن هناك ناس تحتاج أن تشتري من هذه البسطات لسهولة الوصول إليها إضافة لأنها أقل سعرا من المحال التجارية، وهذه تبقى رزقة العامل".
أما المهندسة المعمارية إسراء شبانة (29عاما)، فتقول:"أنا ارتحت لأنهم أزالوها ولأنه لم يكن هناك أي مكان نمشي فيه خاصة بالفترة الأخيرة، وأيضاً الذين يعملون أغلبهم يقومون بتحرش لفظي مزعج سواء مشيت على الرصيف أو الشارع، هذا غير أن المنظر العام لوسط المدينة كان يحتوي على الكثير من الأوساخ".
محمد الزرو (26 عاما) مهندس مدني، يقول:" موضوع البسطات قديم جديد بحيث كل فتره نسمع بحملة إزالة البسطات وبعد إزالتها بفترة قصيرة نلحظ عودتها من جديد، وأتمنى كمواطن بايجاد حل جذري للمشكلة دون الإضرار بأصحاب البسطات،أما بالنسبة لوجودها في مركز المدينة فهي تتسبب بأذى كبير للمواطنين من حيث الإزعاج والفوضى وإغلاق الطرق و النفايات وإعاقة حركة المواطنين سواء على الأرصفة أو حركة المركبات".
أما الطالبة الجامعية عبير عمرو، تتحدث:" بالنسبة للبسطات أولا هي مصدر رزق، خاصة في أماكن تجمع الناس، لكن عمليا كانت مصدر إزعاج وتشكل أزمة كبيرة، وترتيبها في مكان خاص ينظم البلد وتبقى المشكلة بأنه كل جديد غير مقبول لكن مع الوقت سيتقبل على أنه أفضل وأكثر نظاما".
إزالة البسطات يعني العمل مع الاحتلال أو الهجرة ..!!
كانت تنتشر البسطات في شوارع الخليل حتى شرعت البلدية بإزالتها قبل عدة أيام، الأمر الذي وضع "العقل بالكفّ" لدى أصحابها كما يعبّرون.
إسلام أحمد أبو حديد (23 عاما) صاحب بسطة سكاكر وحلويات يقول:"مشكلتنا أننا لا نجد فرص عمل، بالتالي أنا فتحت بسطة لأصرف على نفسي وأسرتي، فأنا لا أريد الغنى، فقد أريد أن أعيش، وما تعمله البلدية كما لو أنهم يخيرونا بحالتين وهما إما العمل مع الاحتلال كعملاء أو الهجرة عن البلد".
ويستطرد أبو حديد:" المشكلة ليست بنا، المشكلة الكبرى أن أصحاب المحال التجارية تضع أربع خمس بسطات لكل محل، فبسطتي مساحتها متر ونصف أما أصحاب المحال خمسة أمتار، بالتالي إزالة جميع البسطات تعني أنه " راح الصالح في عروة الطالح".
رائد أبو عرب صاحب بسطة، متزوج وله ستة أطفال، يحتاج بما قيمته (2000 دينار أردني) أجرة سنوية للبيت دون الكهرباء والماء والمعيشة كما تحدّث لمراسل راية، وأضاف:" نحن ما قبل المنع بالكاد كنّا قادرين على العيش، والديون علينا كبيرة، أما حاليا، نعيش مرارة الموقف الذي نعانيه بإزالة البسطات لأنها مصدر رزقنا الوحيد".
ويستزيد أبو عرب:"نحن قد نشكّل عائقا في الطريق، لكن الحلّ ليس دعوتنا التوجّه للتبسيط في شارع الشلالة أو الزاهد، ففي حال قام طفل صغير برمي حجر على الاحتلال تغلق المنطقة بشكل كامل بالتالي قطع رزقتنا، الحل المناسب إيجاد بديل مناسب، بفتح ساحة وسوق شعبي، علما أننا طرحنا على البلدية والمحافظة عدة مناطق لكن لا جدوى".
بلدية الخليل: إزالة البسطات لصالح أصحابها والبلد
في سياق إزالة البسطات، أقيمت عدة اعتصامات احتجاجية على ازالتها، وبدورنا شبكة راية الإعلامية، قمنا بزيارة لبلدية الخليل للتعرف حول الدوافع والأسباب التي آلت إليها، وفي ذلك قال مدير العلاقات العامة في البلدية يحيى النتشة، أن قرار إزالة البسطات جاء بعد التوصيات التي خرج بها فريق أمانة عمان الكبرى والذي يهدف لإعادة تأهيل عدد من الطرق والمفارق لتخفيف الأزمة المرورية في مركز المدينة.
وأضاف النتشة:"بالنسبة لحالة البسطات الموجودة في الخليل، تزايدت بظاهرة غير معروفة، فأصحاب المحال التجارية يضعون البسطات على الأرصفة، وهذا جزء من المشكلة العامة، والبسطات غير مرخصة بالأصل، بالتالي التجاوز الموجود بإغلاق بعض الشوارع من البسطات تم إزالته".
وحول الحملة التي قامت بها بلدية الخليل قال النتشة:"الحملة التي قمنا بها تأتي في إطار هيكلة شوارع الخليل وبمطلب من أصحاب المحال التجارية والغرفة التجارية والجمهور الخليلي بشكل كامل، فالجميع يعلم أننا نعمل لمصلحة البلد ومصلحة أصحاب البسطات أيضا، لتسهيل تدفق المركبات في الخليل، إضافة لإعطاء مظهر حضاري ومزدهر للمدينة".
ويضيف النتشة:"جزء من المشكلة خروج العديد من أصحاب بسطات الخضار من السوق الخاص بهم إلى الشوارع والأرصفة، والشوارع ليست المكان المناسب لهم، فنحن نريد أن تبقى الشوارع مفتوحة لحركة السيارات، كما أننا دعوناهم لإقامة بسطاتهم في البلدة القديمة لإحيائها".
بالتزامن مع الاحتجاجات التي يرفعها أصحاب البسطات، وخوض المفاوضات مع بلدية الخليل لحلّ هذه الإشكالية بايجاد بديل يرضي أصحابها، تستأنف البلدية العمل في الخطة التطويرية لشوارع المدينة ضمن الهيكيلة الجديدة التي وضعها مجموعة خبراء من أمانة عمان الكبرى.