فنان على قارعة الطريق

2014-05-27 19:25:00

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين: في مشهد يكاد يكون الأول من نوعه في محافظة الخليل، يقف شاب عشريني على قارعة الطريق، في يده قلم ومدونة صغيرة، وبجانبه بضع لوحات فنية من رسم يديه، والى جانبها صبورة صغيرة كتب عليها " ارسم صورة لنفسك فقط بـ 50 شيقل ".

زين الدين زياد التميمي، "20 عاما"، طالب في جامعة الخليل، تخصص الكيمياء، فنان فلسطيني، بدأ يشق طريق الإبداع في مجال الرسم منذ سنوات قليلة، تألق في رسم الوجوه كما لو كانت صوراً حقيقية طبق الأصل.

زين الدين يحسن مداعبة الألوان بمختلف أنواعها، والحكاية تسرد على لسانه "لرايــة"، "خضت تجربة في كل الأدوات المستخدمة بالرسم، أبيض وأسود، الفحم، الحبر الجاف، أو حتى لو كان فحم الشواء، أستطيع أن أخرج منه بلوحة فنية على الجدران، فأنا تدربت جيّدا وطويلاً على الألوان الزيتية والمائية والباستل والخشبية وجميع أنواعها".

"أحببت أن أبدأ بالرسم وتحويل الموهبة لعمل رسمي، وأعرضه للعامة، لأرى كيف يتقبلونه، وهل يصبح عملا تجاريا أم لا، فأنا أرسم وجوه الزبائن حسب الطلب، سواء أكانت ألوانا زيتية أو حتى أبيضا وأسودا"، قال زين الدين، ثم تابع "لرايــة":" في البداية كان سعر اللوحة 50 شيقل، وبعدما رأيت عدم إقبال المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار خفّضتها لـ 40 ثم 30 شيقلا، ثمّ أصبت بالإحباط، لأن الناس لا تقدر هذا الموضوع، فأنا أسمعهم يقولون لي أنا أستطيع أن أتصور صورة بخمسة شيقل فقط ولماذا أدفع خمسين".

"أنا حاولت أن أعمل بهذه الهواية، لكن لم أجد إقبالا من المواطنين للخروج بمردود مادي يعينني على الحياة، لهذا أحاول الوصول للجهات المعنية، حتى أحصل على الدعم الكافي لتنفيذ معارض دولية ترقى وتليق بثقافتنا الفلسطينية"؛ قال الزين الدين.

آلية التوفيق بين تخصص جامعي علمي وبين موهبة تعتمد على الإحساس المرهف لدى زين الدين يسردها بطريقته:" نظرتي للإنسان نظرة فلسفية، توحي أن الإنسان يجب أن يكون متزن في جميع نواحي حياته، فالكيمياء شيء علمي بحت، والفن التشكيلي مليء بالمشاعر والعواطف والأحاسيس".

ويستطرد زين الدين تفاصيل فلسفته "لرايــة" :" الكيمياء لا تمنع أن أمارس الفن، والفن لا يمنع ممارسة الكيمياء، فكلاهما يؤثر على الآخر، فعمليا عندما أرسم أحب الدخول بالتقنيات الخاصة بالرسم أكثر من الأحاسيس، لأن الكيمياء طاغية في هذا الموضوع، وبنفس الوقت عندما أبحث في الكيمياء، المشاعر نفسها تدفعني البحث عن مواضيع معينة، مثل المجالات الخاصة بالأدوية التي لا يكون لها تأثيرات سلبية على المرضى".

زين الدين مستاء من نظرة المواطن للفنان الفلسطيني، في حين أن الفنان في الدول الأوربية والأمريكية وغيرها يحظى باهتمام واحترام كبيرين، ويتابع حديثه:" المواطن لا يقدر مفهوم وثقافة وجهد العمل الفني، قلة قليلة من تهتم بهذا الأمر، وأتمنى أن تكون نظرة أهل الخليل بالذات، للمواضيع الفنية، أوعى وأرقى من الواقع الحالي".

يختم زين قصته "لرايــة" :" "توفي والدي قبل عشرين يوما تقريبا، فأنا مسؤول عن نفسي بكل الأمور المادية، من ناحية الدراسة، والمصاريف الشخصية، فأنا مضطر تسخير موهبتي الفنية لتوفير مردود مادي يعينني على الاستمرار، فإذا لم أنجح سأترك الرسم بشكل كامل لأعمل كعامل عادي في ورش البناء".