الإذاعات المحلية في الخليل بين البناء والهدم المجتمعي

2014-06-05 16:19:00

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين: بعيدا عن الإطار الرسمي والنقابي اللذان يمثلان الفرامل الأمامية والخلفية لوسائل الإعلام المحليّة، سواء أكانت الفرامل بحالة جيّدة أم أنها ليست على ما يرام، وفي ظلّ وجود حوالي خمسة عشر إذاعة محلية في محافظة الخليل وحدها،  تجد من يصنّف ذلك بأنها ظاهرة صحية وآخرون يضعونها في خانة جرّ المجتمع لسيل الضياع، واقترابا ممن يحمل المجهر بأنواعه وأبعاده المختلفة نعاين في شبكة "رايــة" الاعلامية الصورة من منظور أكثر موضوعية وملامسة لحقيقة الإعلام المحلي.

أبو عرفة: بعض الإذاعات تعمل على إثارة الغضب والاستفزاز

قال مراسل وكالة شهاب في الضفة الغربية عامر أبو عرفة أنه رغم الإيجابيات لعدد من وسائل الإعلام المحلية وخاصة الإذاعات وبخصوص تغطية الأخبار والفعاليات التي تتم وبشكل كبير، إلا أن بعضها تغيب عنها المهنية والتوجيه الصحيح، ونراها تتوجه نحو أن تكون شعبية بغض النظر عن صوابية ذلك، وبدل أن توجه الناس نحو قضاياهم وتساهم في نشر الوعي بينهم، نراها تنجر وراء الغضب وترديد أقوال الشارع دون اهتمام لما سيثيره ذلك من مشاكل أو حتى فتن.

ويضيف أبو عرفة لـ"رايــة":"هذا ما شاهدناه في عدد من الأحداث التي وقعت في مدينة الخليل فبدل أن تكون بعض من الإذاعات المحلية عامل تهدئة كانت عامل لإثارة الغضب والاستفزاز.

وحول دور وزارة الإعلام ونقابة الصحفيين في متابعة الإذاعات المحلية قال أبو عرفة:" هناك غياب واضح لدور النقابة ووزارة الإعلام في ما يحصل في أمر يمكن أن أسميه "مهزلة" تجلب الفتن وإثارة للنعرات بينهم دون أي تدخل منها، والأهم من كل ذلك غياب المعايير المهنية التي يجب أن تشرف عليها النقابة والوزارة.

السلايمة: الإعلام بات للمجتمع المحلي كالدجاجة العرجاء

يعتقد مراسل تلفزيون ووكالة وطن للأنباء بالخليل حمزة السلايمة، أن "الإعلام المحلي المسموع في الخليل بجله لم يرتق للدرجة التي نتطلع إليها بعد، وبات هذا النوع من الإعلام بالنسبة للمجتمع المحلي كالدجاجة العرجاء، التي لا تقدم لصاحبها منفعة، وأكاد أجزم أن المدينة الوحيدة في العالم التي أثرت كثرة الإذاعات فيها سلباً على جودة الإعلام هي مدينة الخليل، كون ملكيتها تعود لأفراد لا هم لهم سوى جمع المال، دون تقديم منتج إعلامي يليق بالمستمع".

وبين السلايمة لـ"رايــة" أنه ورغم محاولات بعض الإعلاميين النهوض بواقع الإعلام المسموع من خلال تأسيس منابر جديدة بمعايير مهنية في الآونة الأخيرة، إلا أنهم بحاجة لمزيد من الوقت لتصحيح البوصلة وتوجيها باتجاه متابعة هموم المواطن، مشددا أن على وزارة الإعلام ونقابة الصحفيين الوقوف عند مسؤولياتها ووضع قواعد وأسس سليمة لتنظيم الإعلام المسموع".

شاهين: النقابة بحاجة لإعادة تدوير، وكثير من أعضائها من المتسلقين على المهنة

يرى رئيس قسم الإعلام في جامعة الخليل سعيد شاهين بان الإعلام المسموع في الخليل في العقد الأخير خطى خطوات جيدة إذا ما قورنت بالسابق، من حيث الدورة البرامجية ومهنية الكادر ومحاولة الاقتراب من هموم الناس وملامستها. كما وبات هذا الإعلام منبرا ومتنفسا للكثيرين الذين لا يجدون مساحة في الإعلام الوطني والرسمي. بالإضافة الى تنوع البرامج وقدرة هذه الإذاعات على إحداث التغيير في مواقف الجمهور بشكل نسبي وباتت تلقى حضورا لدى الكثيرين، ولا ننسى قدرتها على توظيف الانترنت للوصول الى أكبر عدد من المستمعين داخل وخارج الوطن.

وأضاف شاهين لـ"رايــة":"عدد من العاملين يتمتعون بمهنية والبعض الآخر لا تتوافر لديهم أبجديات العمل الإعلامي (الإذاعي)، والمحطات الإذاعية تحاول الاقتراب أكثر من القضايا الاجتماعية لكنها لا تمتلك المهنية والقدرة على معالجتها بشكل يكفل التغيير المطلوب".

وحول دور نقابة الصحفيين ووزارة الإعلام، قال شاهين:"النقابة مقصرة تماما وهي ذاتها بحاجة الى إعادة تدوير لأن كثير من أعضائها هم من المتسلقين على مهنة الإعلام، ولا تقوم بواجبها لأنها لا تمثل الجسم الصحفي المهني، وهناك عشوائية كبيره في أعضائها، أما بالنسبة لوزارة الإعلام فقد عملت الكثير من أجل النهوض بواقع الإعلام المحلي وشكلت الناظم له من خلال المتابعة وفرض الشروط لمنح التراخيص وإضافة ملاحق لتنظيم عمل هذه المحطات، وعلى الرغم من ذلك فيجب إيجاد تشريعات جديدة تضمن مهنية أكبر لهذه المحطات".

غريّب: نقابة الصحفيين مقصرة في متابعة المنتج الإعلامي المحلي

بيّن مدير البرامج في إذاعة الرابعة عادل غريب أن الإعلام المسموع في محافظة الخليل استطاع أن يثبت نفسه ويخلق حالة من التواجد والجدل في الساحة الخليلية رغم بعض الهفوات التي لا تترك أثرا سلبيا الى حد ما لأنها تكون ناتجة عن عدم دراية ومع ذلك فهو بحاجة الى المزيد من ضخ الدماء التخصصية أكثر في شتى المجالات الاعلامية.

وبخصوص طبيعة تناول القضايا الاجتماعية في محافظة الخليل يقول غريب لـ"رايــة":" تتحدث عن جانب الإثارة في بعض الأحيان ولا يعرف طارحها ومناقشها أن سلبية طرحها بعشوائية أكثر من سلبيتها لأنها تفتقد الى التخصصية وتعتمد فقط على اجتهاد المذيع وربما رأيه الشخصي".

كما أن غريب يعتبر أن "وزارة الإعلام تفتقد دورها في عملية التنظيم كليا عدا عن البيروقراطية في عملية تعبئة النماذج المتعلقة بالإذاعات ولكن لا توجد متابعة مباشرة لتحسين المنتج وتطويره ولا تلتزم هي بمعايير الضبط المتعلقة بالطواقم الإذاعية".

في حين يرى أن" نقابة الصحفيين فهي الأخرى مقصرة في متابعة المنتج الإعلامي في الإذاعات ليس للرقابة عليه وإنما للارتقاء بالمنتج الإعلامي المطروح على الهواء وربما تجدها أحيانا تقف الى جانب المخطئ في الحقل الإعلامي حتى تدافع عنه بمنطق أنصر أخاك ظالما أو مظلوما.

السيوري : وجود مكتب وزارة الإعلام بالخليل فقط شكلياً

قال مدير برامج إذاعة مرح حمزة السوري بأن الإعلام المحلي المسموع في الخليل تحديدا تغطيته جيدة للقضايا المجتمعية،" تتفاوت طريقة تناوله بين الايجابية والسلبية من إذاعة الى اخرى، فبعضها يقوم أحيانا على الإثارة والتهييج، وبعضها الآخر يتحلى بموضوعية طبقا لسياسة كل إذاعة".

وفي سؤال "رايــة" للسيوري حول دور وزارة الإعلام، فقد حمل ردّه كثير الاستغراب وقال:"وزارة الإعلام في الخليل ؟؟؟ سمعة جديدة،  نسمع من الناس أنه يوجد مكتب لوزارة الإعلام في الخليل، وأحيانا نرى ناس يتحدثون بأنهم موظفين في وزارة الإعلام في الخليل، لكن لا أعرف ماذا يعملوا بالضبط".

وبخصوص دور النقابة فقد عقّب السيوري :"النقابة تحسن أداؤها في الفترة الأخيرة وتواصلها صار أكبر وأفضل مع الصحفيين، ولكن لم تصل الى الحد المطلوب، رغم أنها قامت بمجموعة من الأنشطة وتشكر عليها".

جحشن: قانون المطبوعات والنشر قاصر وعاث عليه الزمن

حول الرأي الرسمي فقد أجرت شبكة "رايــة" الاعلامية لقاء مع مدير مكتب وزارة الإعلام في الخليل إسماعيل جحشن، والذي يقول بأن الإذاعات المحلية أصبحت تتجه باتجاه الإعلام الوطني ولها إسهامات كبيرة في ترسيخ مفهوم الأهداف والمشاريع التنموية، وتحديدا القضايا الوطنية، والتي لها علاقة بتثبيت المواطن على أرضه والمساهمة في حل العديد من الإشكالات التي تعني المواطن على كافة المستويات.

وبالتطرق للمضمون الذي تتناوله الإذاعات المحلية في الخليل يقول جحشن لـ"رايــة" :" يسجل على بعض الإذاعات عدم فلترة المعلومة وأخذها من مصادرها الصحيحة، وأحيانا تقع بعض الإشكالات التي يمكن الاستغناء عنها إذا تم إعادة النظر بالمعلومة، خاصة أن هناك بعض الأخطاء تؤدي لكارثة مجتمعية".

هذا وأشار جحشن الى أنّ :"سقف حرية التعبير عنانه السماء عند وزارة الإعلام، ولكن ضمن الأنظمة والقوانين ومنظومة الأخلاق المهنية الصحفية وضمن قانون المطبوعات، الى حين صدور قانون إعلام عصري يتلائم مع التطور الحاصل".

وختم جحشن حديثه لـ"رايــة":"قانون المطبوعات والنشر قاصر، عاث عليه الزمن، فنحن بحاجة لقانون ينظم هذه المهنة ويضعها في الإطار الصحيح".

  القواسمي: بعض الإذاعات أغلقت لتجاوزات أخلاقية

وفي الإطار النقابي بيّن عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين جهاد القواسمي لـ"رايــة" أن" النقابة تعمل على زيادة الإذاعات، لأنه حسب الاتفاقيات وخاصة أوسلو غير مستغلين نسبة الهواء المتاح لنا، وبالتالي أي إذاعة تغلق، أو أي إذاعة فلسطينية جديدة تمنع وجود إذاعة للمستوطنين، ففي كل مستوطنة أصبح إذاعة، ولا يعني ذلك أن يكون ذلك على النوع والجودة".

وذكر القواسمي أن هناك عدة شكاوى بحق الإذاعات في الخليل، منها تناول هذه الإذاعات لمواضيع تمس المجتمع وقضايا السلم الأهلي بطريقة عشوائية غير مدروسة، وبالتالي نتج عنها نوع من الإزعاج والتوتر والقلق في المجتمع، وغالبا ما تكون هذه القضايا التي تم التطرق لها تأخذ من مصادر غير موثوقة، وبالنهاية تدخل ضمن سياق الصحافة الصفراء".

وحول الإجراءات المتخذة بحق التجاوزات قال القواسمي:"نحن في نقابة الصحفيين، لدينا لجنة الشكاوى وأخلاقيات المهنة، أي شكوى ضد أي صحفي أو إذاعة، يتم تشكيل لجنة تحقيق بناء على هذه الشكوى، وعملنا عدة لجان تحقيق لمتابعة العديد من القضايا، وعدة مرات تم اتخاذ قرارات بحق هذه المؤسسات أو المذيع الذي عمل على ذلك، مع أخذ الاعتبار بأننا كنقابة لسنا جهة تنفيذية، فنحن جهة توصية، وغالبا ندعو لإتباع سلوكيات مهنة الصحافة، ولذلك نحن في النقابة خلال الفترة القادمة سنعمل على يكون هناك قسم لمهنة الصحافة كباقي المهن الأخرى كالطب والمحاماة.

وتابع القواسمي لـ"رايــة" :"بعضهم وجهنا لهم تحذيرات بأنهم خرجوا عن أخلاقيات وأدبيات المهنة، فنحن نرسل هذه الرسائل لوزارة الإعلام التي تستطيع أخذ إجراءات تنفيذية بحقهم، وكان هناك إغلاق لعدة إذاعات في الخليل نتيجة لعدم التزامهم بالمعايير المهنية، وبعضها تجاوزات أخلاقية أدرجت ضمن بند عدم الإيفاء بشروط التراخيص".

وختم القواسمي حديثه:"بالقريب العاجل وخاصة بعد إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة الوفاق الوطني واستئناف الحياة التشريعية في المجلس التشريعي،  نستطيع سن فانون صحافي جديد، وبالتالي كل إنسان يعرف ما له وما عليه، ومن خلاله وعبر المحاكم نرى ما الترتيبات اللازمة في هذا الصدد للارتقاء بالأداء المهني".

في الوقت الذي تنتقد  به وزارة الإعلام ونقابة الصحفيين من جهة و من جهة أخرى الصحفيين والإعلاميين، تستمر الشكاوى باستمرار بعض الإذاعات المحلية وعددا من العاملين فيها في تكرار ذات الأخطاء مع وجود ضحايا جدد دون أيّ حساب، بل على العكس تجد بعضهم يكافئ بحجة أن من يعمل لا بد وأن يخطئ، متناسين بأن بعض الأخطاء تدمر أركان المجتمع عن بكرة أبيها.