خالد دحام الجبوري (أبو الوليد العراقي)

غيب الموت الجمعة الموافق 30/10/2015م المناضل/ خالد دحام الجبوري (أبو الوليد العراقي) في المستشفى بيروت بعد صراع مع المرض.
المناضل/ خالد دحام الجبوري (أبو باسل) ولد عام 1947م في بغداد في أسرة ميسورة ومعروفة بوطنيتها حيث كان والده قائد لواء في الجيش العراقي، أنهى دراسته الأساسية والثانوية في بغداد ومن ثم التحق بالجامعة المستنصرية لدراسة الهندسة في بغداد حيث حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة.
التحق ابو الوليد العراقي بحركة فتح عام 1969م في الساحة الأردنية وشارك في الدفاع عن الثورة الفلسطينية في أحداث أيلول عام 1970م، وبعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من الأردن غادرها إلى سوريا أولاً حيث عمل على مرتب العمليات المركزية تحت أمرة اللواء/ أبو المعتصم ومن ثم غادرها إلى لبنان حيث عمل في جهاز الأمن الموحد بعد تشكيله.
كان أبو الوليد العراقي يتمتع بحس أمني كبير ولديه إمكانيات خاصة سخرها للعمل الأمني فترة السبعينيات من القرن الماضي، حيث كانت الفترة الذهبية التي يمر بها العمل الفدائي، عمل تحت أمرة القائد الشهيد/ صلاح خلف (أبو إياد) وكان من الكوادر المتقدمة في جهاز الأمن الموحد، عاش أبو الوليد العراقي في الظل وكانت حياته غامضة حتى إلى أقرب المقربين له، سافر إلى عشرات الدول الأوروبية مكلفاً من قبل قياداته في جهاز الأمن الموحد من أجل فلسطين التي أحبها وعشقها حيث بنى علاقات متشعبة مع أجهزة الأمن في الدول الإشتراكية آنذاك.
لقد كان أبو الوليد العراقي قائد أمني بامتياز، حيث كان قليل الكلام ولم يظهر في أية وسيلة إعلامية، استخدم العشرات من الأسماء الحركية في تنقلاته وجوازات سفر عدة حيث جاب العالم شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً.
تعرض أبو الوليد العراقي لمحاولة إغتيال في بيروت عام 1980م نجا منها وأسفرت عن إصابة اثنين من مرافقيه وتدمير السيارة التي كان يستقلها، كان مكتبة في حي الفاكهاني كخلية نحل.
بعد اجتياح اسرائيل لبيروت عام 1982م، غادرها إلى قبرص للعمل من هناك، حيث قدم خدمات للمناضلين العائدين إلى لبنان في تلك الفترة والتي لا تقدر بثمن.
لقد كان أبو الوليد العراقي متفاني في عمله وعاشق لفلسطين وشبابها وكرس جل حياته من أجل قضيتها، عمل طوال سنين حياته بصمت وبنفس طويل، كان جندياً مجهولاً، وكان كادراً متقدماً ترعرع في كنف حركة فتح، كان بشوشاً، دمث الخلق، خدوماً للجميع ويقدم يد المساعدة للكل.
أبو الوليد العراقي، عراقي الجنسية، فلسطيني الانتماء، عربي الهوية.
في شهر يناير عام 1991 وبعد استشهاد القادة الثلاثة (الشهيد/ صلاح خلف، الشهيد/ هايل عبد الحميد، الشهيد/ فخري العمري) في تونس، قرر أبو الوليد العراقي التوجه إلى تونس عن طريق مطار روما للمشاركة في توديع قادته الشهداء، الَّا أن أجهزة المخابرات الإيطالية كانت له بالمرصاد حيث ألقت القبض عليه في المطار وقامت بتسليمه إلى السلطات الأمريكية، والتي كانت تلك السلطات تتهمه بمحاولة تفجير داخل مطار جون كيندي عام 1974م تستهدف طائرة رئيسة الوزراء الإسرائيلية (جولدا مائير) آنذاك، وكان في ذلك الوقت يحمل جواز سفر باسم/ (خالد الجاسم).
أصدرت المحاكم الأمريكية حكماً عليه بالسجن لمدة ثمانية عشر عاماً، تنقل خلالها بين السجون الأمريكية الأكثر أمناً، وقد أنكر التهمة الموجه إليه.
تم الإفراج عن المناضل/ أبو الوليد العراقي بتاريخ 19 فبراير عام 2009م بعد قضاء الفترة المحكوم بها قررت السلطات الأمريكية ترحيله عن أراضيها الًّا أنه لم يكن يحمل أي اثبات، وكذلك رفضت العديد من الدول العربية استقباله، تم عمل جواز سفر فلسطين رسمي له وأرسل له، وعليه وافقت السودان على استقباله، حيث مكث مدة من الزمن على أراضيها ومن ثم غادر إلى سوريا.
بعد خروجه من السجن عانى أبو الوليد العراقي من المرض الذي ألم به والذي أصابه بشكل مباغت، حيث غادر سوريا إلى لبنان للعلاج وتوفي يوم الجمعة الموافق 30/10/2015م في أحد مستشفياتها.
المناضل/ أبو الوليد العراقي رجلاً صلباً، وعنيداً وصبوراً، كان أبو الوليد يفتخر أنه ينتمي لهذه الحركة العملاقة التي قدمت قادتها شهداء، لقد دفع المناضل/ ابو باسل ضريبة انتماءه الوطني لفلسطين وللثورة الفلسطينية.
عندما يتحدث الشخص عن العناوين، فقد كان المناضل العراقي الأصل الفلسطيني الانتماء/ أبو الوليد العراقي أحد تلك العناوين الكبيرة في جهاز الأمن الموحد الفلسطيني والذي قدم دون أن ينتظر مقابل أو مكافأة من هنا أو هناك، فالجهد الذي بذله أبو الوليد العراقي لهو جدير بالاحترام والتقدير من الكبير والصغير في حركة فتح، ومع هذا فالكلمات مهما علت لا تعادل موطئ قدمه... ولكنها تبقيه في الأذهان تخلد ما قام به وما لاقاه خلال مسيرة نضاله.
لقد كتب علينا أن نكون فرسان الساحة في ليل الهزيمة، وكنت أنت يا أبا الوليد العراقي واحداً من الفرسان الذين يرحلون في الصمت لكنهم يتركون وراءهم دليل الطريق بدمهم..
لقد رحلت عنا يا أبا الوليد وقد تركت صدى ذكراك في قلوبنا، رحلت عنا دون ميعاد ودون وداع ودون استئذان.
سيبقى الراحل الكبير المناضل/ خالد دحام الجبوري (أبو باسل) حياً في قلوبنا وقلوب كل الشرفاء والمناضلين الذين حملوا الهم الوطني وقدموا التضحيات من أجل حرية هذا الوطن واستقلاله.