صلّوا العشاء جماعة واستشهدوا معاً

2016-01-09 15:17:00

 

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين - في مشهد عصيٍ على التفسير، إرتص سكان بلدة سعير في الممر المؤدي لثلاجة الموتى داخل مستشفى الأهلي بالخليل، حيث شهداءها الأربعة الذين استشهد ثلاثة منهم على تقاطع مستوطنات "غوش عتصيون" والرابع عند مفترق بيت عينون شمال الخليل، لإلقاء نظرة الوداع عليهم حتى لا تفوتهم القبلة الأخيرة.

مئات المواطنين وأكثر، توجّهوا لمستشفى الأهلي للمشاركة في موكب الشهداء الأربعة " علاء عبد الكوازبة، أحمد سالم الكوازبة، مهند زياد الكوازبة، خليل محمد الشلالدة"، والأعداد المشاركة كانت تتزايد بشكل ملحوظ خاصة بعد اعلان الاحتلال فرض طوق أمني على بلدة سعير مسقط رأس الشهداء، الى جانب العاصفة الهوائية القوية التي لم تستطع منع المواطنين من المشاركة في تشييعهم.

الشهداء الأربعة سلّمهم الاحتلال مساء أمس الجمعة عبر معبر ترقوميا غرب الخليل، وتم نقلهم لمستشفى الأهلي لإجراء الفحص الطب الشرعي، حيث تبيّن أن معظم الرصاصات أصابت الأجزاء العلوية في أجسادهم الى جانب بعض العيارات التي أصابت بعض الأطراف حسب رئيس النيابة العامة علاء التميمي.

وأضاف التميمي :"تم فتح ملفات تحقيق بحادثة الشهداء الأربعة بعد نتائج التشريح لتوثيق وجمع الأدلة الجنائية لملاحقة الاحتلال على جرائمه وإعداماته المستمرة والخارجة عن جميع القوانين والأعراف والقيم الأخلاقية، وإننا في النيابة العامة سنستكمل بناء كامل الملفات التحقيقية المفتوحة لدينا لكامل الشهداء".

تعالت الصرخات والصيحات والتكبيرات من المشاركين في تشييع الجثامين الأربعة عندما ارتفعت على الأكتاف، وفي الوقت ذاته كانت تتساقط دموع ذويهم بالتزامن مع مطر السماء، كما لو أنهم اشتركوا جميعاً في وداعهم.

لأن وجع الفقدان كبير، عجز معظم ذوي الشهداء إجراء المقابلات الصحفية، إلا أن والد الشهيد مهند الكوازبة تعالى على جراحه، وقال:"عرفت خبر استشهاد نجلي عن طريق التلفاز بعد تداول خبر استشهاد ثلاثة شبان على مفترق عتصيون، وبطبيعة الأمر موضوع الشهداء يهم الجميع، فتابعنا الأمر، وتفاجأت أن أحدهم ابني والآخرين أولاد عمه".

الكوازبة استجمع فتات ذكريات نجله:" مهند شاب هادئ جدا، يعمل كعامل في الأراضي المحتلة بدون تصريح، أي عن طريق التهريب".

آخر ما يذكره الكوازبه عن نجله ورفيقيه الشهيدين "أنهم صلوا صلاة العشاء جماعة وبعدها قالوا بأنهم سيسهروا مع أصدقائهم".
الشهيد أحمد الكوازبة كان يعمل عاملاً، عرف بطيبته ومحبته للجميع، ووالدته جنّ جنونها لما وصلها خبر استشهاده، وبقيت في حالة بكاء على فقدانه، وما استطاعت أن تقول أكثر مما بقيت تردده :"حبيبي يا أحمد الله يرحمك، أحمد الغالي مات يما، الله يرحمك يا عمري وحسبي الله على الاحتلال".

أما زوجة الشهيد مهند الكوازبة فظّنت وداع زوجها مزاحاً حتى وصلها النبأ اليقين :"قبل استشهاده ودعني، وطلب مسامحتي وقال لي قولي لأهلي أن يرضوا علي، وطلب مني أن انتبه على نفسي، قلت له لا تقلق، ظننته يمزح معي، لكنه استشهد".

والدة الشهيد محمود الشلالدة ما إن بدأ جرحها يلتئم حتى عاد وانفتح باستشهاد نجلها الآخر خليل، التي عبرت عن وجعها بدموع متكسرة، مطالبة:" رسالتي أن يتوحد أبناء الشعب والعالم العربي، وعليهم أن يصحوا من هذه الغفوة التي هم فيها، وأن يتوحدوا حقنا لدمائنا".

يشار أن سعير قدمت 10 شهداء منذ مطلع شهر أكتوبر من العام الماضي 2015.

الجدير بالذكر أن الاحتلال فرض طوقاً أمنيا على بلدة سعير منذ مساء يوم الجمعة والذي ما زال قيد التنفيذ.