الفتى سلطان يصالح ذاته والمجتمع في رسوماته
الخليل رايــة:
طه أبو حسين - ربما تتكرر الموهبة، غير أن التكرار يكون بالظاهر دون الباطن، فلكل موهبة ارتباطات بأيدلوجية ما ونظرة تقرأ الواقع بطريقة معينة تختلف عن الآخرين، والرسم قد يتشابه هنا وهناك، إلا أن ريشة الفتى الصاعد محمد سلطان تحاكي الواقع على أسس مختلفة يدرجها تحت إطار التصالح مع الذات ثم المجتمع وبلغة أخرى على أسس نفسية.
محمد سلطان في ربيعه السابع عشر ولدت موهبة الرسم لديه قبل ست سنوات، وتنامت بالعامين الأخيرين، تتجلى ريشته بتفريغ أفكاره عندما ينصب مرسمه في رحاب الطبيعة، خاصة في فناء منزله المفعم بالخضار والزهر البري بأنواعه المختلفة والواقع في منطقة البويرة شرق مدينة الخليل.
سلطان يعتبر أن الطبيعة سبب تصالحه مع نفسه والمجتمع :"الطبيعة هي أجمل ما أراه بحياتي، وأنا في كل لوحاتي أمزج بين الأحداث والطبيعة في كل شيء، لأن الطبيعة تجذب المشاهد للتأمل بها.والسبب الرئيس الذي ساهم في تنمية موهبتي، البيئة التي أعيش بها، فهي بيئة طبيعية تساهم في تفكري بها والحياة".
واجه سلطان العديد من العقبات في مشواره بالفن التشكيلي، أهمها ما يتعلق بموقف الأهل :"موقف الأهل بداية كان سيء جدا، يقولون: أنت لا تعرف الرسم ومن هذا القبيل، لكن بعد ذلك حينما واجهتهم برسوماتي والرسم أمامهم اقتنعوا، لكن لم يقتنعوا بشكل كافٍ، لكن عندما بدأت رسم الجداريات وأتقاضى عليها أجراً اقتنعوا بالفكرة خاصة عندما أجريت معي عدة لقاءات إعلامية".
بداية محمد كانت عندما وضع مدرس الفن لوحة أمام الطلبة، وطلب منهم رسمها"رسمتها بنفس الدقة، وقام المدرس بقصها من دفتر الرسم وأخذها، وأنا غضبت، وشكوته لأبي، فقال لي: بما أنك قادر على الرسم أعد رسمها مجدداً".
لم يتوانى محمد عن تنمية موهبته والاكتفاء بها، فبحث عن مراكز مختصة تقدم دورات تدريبية لتنمية وتطوير رسوماته :أخذت تدريبات بالرسم، وعملت على بناء خبرتي، بالألوان الزيتية التي أفضلها كونها تعطي واقعية للوحة الى جانب لمعة جمالية مع أنها تستغرق وقتا أطول بالرسم".
لوحات سلطان تحاكي الواقع بأحداثه، تبدأ من واقع الأطفال وظلمهم، مروراً بالمرأة واضطهادها، وصولاً بالأحداث الحالية كإضراب المعلمين الذي عبر عنه بطرق مختلفة".
أما اللوحة التي يصنفها سلطان على أنها أعظم لوحة لديه تندرج تحت اسم (لوحة تحليل الشخصيات)، مبينا :"استغرقت اللوحة 100 يوم في رسمها، ومن خلالها كل إنسان يستطيع التعبير عن شخصيته، وهي بمثابة مرآة تخاطب عقل الإنسان".
والدة سلطان قالت أن بداية محمد كانت عادية جدا، ورسوماته متواضعة :" كان يعمل وسائل ورسومات لأخوته، وبعدها تحسن بالرسم، ثم أصبح يتواصل مع فنانين من خلال الفيس بوك، فرسوماته بالسنوات الأخيرة أصبحت متميزة بشكل كبير".
تقول والدة سلطان أنها كانت تغضب كثيراً عندما كان محمد صغيراً:" في البداية كانت ملابسه دائما متسخة بالألوان، حتى سريره، وكل أغطيته مليئة بالألوان، وكنت أغضب، ثم بعدها خصصت له مكان خاص كمرسم حتى يطور موهبته، وأتمنى أن يصبح محمد فنانا عالميا".
سلطان يرسم الجداريات سواء في المدارس أو حتى بالأماكن العامة كشارع الشهداء وسط الخليل، وخلال ذلك يرافقه عددا من المتدربين وهواة الرسم ليتعلموا آلية رسم وتلوين هذه الجداريات كما توضح أنوار الجعبري التي ترافقه :" تواصلت مع محمد عبر الفيس بوك، ثم بدأنا نرافقه برسم الجداريات، وتعلمت منه أشياء كثيرة، كيفية رسم وتلوين الجداريات. فنحن نرسم لنوصل رسائل عن العلم والقراءةوغيرها".
يطمح محمد سلطان عبر لوحاته تغيير نظرة المجتمع السلبية اتجاه الفنانين لتكون ايجابية، كما أنه يتمنى أن يكون فنانا عالميا.