اغتيال الشريف .. التوثيق يدحض الادعاء
رام الله – خاص رايــة:
لم تكن إسرائيل لتلقي بالاً لحادثة إعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف (21 عاماً) في حي تل الرميدة وسط مدينة الخليل يوم الخميس الماضي، لولا أنها وثقت بكاميرا أحد الناشطين تواجد في المكان.
هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها، ولكنها الأكثر إثارة للجدل، إذ يظهر الفيديو الذي انتشر جندياً يقوم بإطلاق النار من مسافة قريبة على رأس الشريف حين كان مصاباً لا يقوى على الحركة، بشكل لا يدع مجالاً للشك بأنه بيّت نية القتل.
ورغم أن تل أبيب انبرت بكافة منابرها ومؤسساتها دفاعاً عن هذه الجريمة، إلا أن توثيقها فتح جحيم إدانات محلية وعربية ودولية، اضطرت إسرائيل على إثره للإعلان عن فتح تحقيق مع الجندي الذي أطلق الرصاص على رأس الشهيد.
ومن خلال متابعة سطحية لما ينشر من التحقيقات حول هذه الحادثة على المواقع الإخبارية الإسرائيلية؛ يظهر الارتباك واضحاً حتى على صعيد الإفادات التي يقدمها الجندي القاتل، فتارة يقول إنه أطلق النار بموجب التعليمات التي تلقاها من جيش الاحتلال، وتارة يشير إلى أنه قام بهذه الفعلة بشكل فردي ودون أوامر من قادته الميدانيين.
مدير البحث الميداني كريم جبران في مؤسسة "بيتسيلم"، قال إن تغيير إفادة الجندي الذي أطلق النار على رأس الشهيد عبد الفتاح الشريف يوم الخميس الماضي بعد إصابته وسط مدينة الخليل، محاولة لاعتبار القضية فردية، ولتمليع صورة جيش الاحتلال الاسرائيلي واعتباره جيشا أخلاقيا.
وأضاف، أن توثيق الجريمة أدى إلى فتح تحقيق سريع في القضية واعتقال الجندي، لكن في المقابل هناك العشرات من جرائم القتل التي يرتكبها جيش الاحتلال ويصادر من خلالها حريات وحياة وأراضي المواطنين.
وأشار جبران إلى أن عملية إطلاق النار من قبل الجندي حصلت في جو من التحريض، الذي يمارسه عدد من القادة السياسيين، فتصرفه جاء بناءً على قرار مسبق من قادة جيش الاحتلال، وهناك الكثر من عمليات الإعدام الميداني، لا يتم محاسبة مرتكبيها، إنما يتم التعامل معهم كأبطال.
ويلاحظ أن كل القضايا التي يقدم فيها شكاوى -في أحسن أحوالها-؛ تتم إدانة مركتبيها بشكل فردي، دون إلقاء اللوم على قادة جيش الاحتلال.
المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، اعتبر أن توثيق الجريمة ونشرها أمام العالم، حال دون تمكن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من نفي أو تبرير عملية الإعدام، فاضطرت إسرائيل إلى إعلان اعتقال الجندي وقد تقوم بمحاكمته، لقطع الطريق أمام تقديم ملف ضده في محكمة الجنايات الدولية.
وأضاف، أن ما يحدث ليس رأفة إسرائيلية تجاه الشهيد عبد الفتاح الشريف، بقدر ما تزامنت مع حراك داخل إسرائيل بين مراكز صنع القرار وجماعات المصالح والجيش من جهة، والحاخامات الدينية من جهة أخرى، حيث تحاول الفئة الأخيرة التأثير بتصريحاتها على قرارات الجيش، بالتالي فإن رسالة القادة العسكريين الإسرائيليين للحاخمات تتمثل في أنهم ليسوا من يحدد سياسة الجيش، ولم يكونوا أكثر حرصا على دور الجيش في "الحفاظ على الأمن".
ويرى شديد أن تصرف الجندي يعكس بشكل أساسي التصريحات الواضحة من قبل القادة السياسيين في إسرائيل كذلك الحاخامات، بقتل الفلسطينيين دون أي تكليف.