نحّالات كفر مالك.. ايدي من عسل

2016-08-30 09:32:00

 

رام الله- رايــة: 

فارس كعابنة-

مبكرا، حان موعد القطاف هذه السنة، وبحلول الساعة العاشرة صباحا ركبت منتهى بعيرات سيارتها وراحت تجمع شريكاتها "النحالات" الخمس من منازلهن في حارات القرية.

الاجواء حارة نوعا ما وبسبب حر هذا العام نضج العسل مبكرا في فلسطين.

المهمة بالنسبة لنا مخيفة، وبالنسبة للنحالات الست سعادة وشغف، تنادي منتهى شريكتها "ام محمد" الخمسينية امام المنزل لاحضار المعدات والاخريات يلبسن اللباس الواقي، وبعد قليل سيخرج من تحت ايديهن العسل.

وبين ليلة وضحاها قررت ست نساء في قرية كفر مالك شرقي رام الله، تغيير حياتهن رأسا على عقب، ومن تذمر عمل المنزل و"احاديث الجارات" كما تقول احداهن، الى منحى اخر.

بدايتهن مع النحل كانت مشجعة في 2012 وبدايتنا نحن كانت مضحكة اليوم، ففي وقت هروب المصور والمراسل الصحفي، كل منهما في اتجاه تاركين الكاميرات خلفهم، لتعرضهم لهجوم من النحل عند فتح الخلايا لجمع العسل، بقيت النساء منغمسات بين الخلايا دون ان تلتفت أي منهن للدغة من هنا او هناك.

من هنا اخذنا دافعا وراء هذه الشجاعة بين النحل، وهذه القصة التي بدأتها النساء الست اللواتي تتراوح اعمارهن بين 40-60 عاما.

في عام 2012 تلقين دورة في تربية النحل، وفي بداية 2013 اسسن مزرعة من 42 خلية نحل، حتى باتت مصدر دخل لهن ولأبنائهن من طلبة الجامعات، وصرن مصدر الهام في قريتهن.

تربية الاولاد الى جانب تربية النحل، هذا ممكن، تقول منتهى بعيرات وهي أم لخمسة ابناء، ان المرزعة انتجت 200 كيلو عسل في عامها الاول 2013، ونفذت الكمية دون اي عناء اذا بيعت كلها في البلدة.

بعيرات التي سافرت الى مدينة برشلونة في اسبانيا مع احدى شريكاتها، في زيارة تدريبية كانت تعتبرها خارج دائرة احلامها، تعتبر ان تجربة النحل غيرت حياتها بعد دورة تدريب نظمتها لهن الاغاثة الزراعية.

وبينما كن في طريقهن الى مزرعة النحل المرصوفة خلاياها في صناديق بيضاء بين اشجار الزيتون على طرف القرية، تحدثت الينا احداهن وقالت انها اصبحت توفر المصروف الجامعي لابنائها في جامعة بيرزيت، وتصر على تعليم بناتها رغم عدم قدرة العائلة على اقساط الجامعة.

ام محمد في الخمسينات من عمرها، هي الاخرى أم لـ10 ابناء، بينهم 3 جامعيون وكلهم متفوقون، ابدت فرحتها بما وصلت اليه من خبرة في مجال انتاج العسل وتربية النحل. تقول: "الان اساعد زوجي في مصاريف العائلة من عوائد العسل".

لكن على الرغم من الجانب الوردي الذي اظهرته منتهى وشريكاتها، الا ان تجارب نحالين اخرين تفيد بالعكس، إذ يواجه العسل الفلسطيني صعوبة التسويق نتيجة منافسة العسل الإسرائيلي والمستورد الذي يباع بأسعار أقل، على حد قولهم.

وبلغ مجموع الخلايا في الضفة والقطاع ما يقارب الـ70 الف خلية (2013-2014)، في حين يقول الخبير عائد عبد العزيز لـ"رايــة"، ان الانتاج يتراوح بين 10- 15 كيلو عسل لكل خلية.

وفي 2015 بلغ انتاج العسل الفلسطيني، حوالي 750 طنا في الضفة والقطاع، من 70 الف خلية.

وتجتمع النساء الست على امنية واحدة، وهي توسيع مزرعة النحل وزيادة الانتاج، اذا تنتج المزرعة الحالية مرتين في السنة، واحدة في اريحا بفصل الشتاء نظرا للدفء هناك، والاخرى في قريتهن بفصل الصيف، بينما تطلب عديد من نساء القرية الانضمام لمجموعتهن.