القابلة إنصاف.. توأم البحر

2019-03-21 19:11:02

الخليل- رايــة: طه أبو حسين

مع أن ملامح الجلد تبدو جليّة عليها، إلا أن الابتسامة لا تفارق محياها بينما تتحدث مع من هنّ على موعد مع الولادة أو ولدن أطفالهنّ على أسرّة مستشفى الخليل الحكومي، تبتسم ابتسامّة مشرّعة كشراع سفينة تهبّ عليها رياح الحياة، تتدفق بالحبّ وتنصفُ الوالدات منهن وغير الوالدات في الرعاية والأهتمام كونها حملت من اسمها (إنصاف اغريب) نصيبًا وافرًا من جوهر المعنى.

"مهمة القابلة إعطاء الرعاية للأم والسيدات حتى قبل الحمل وخلاله وما بعد الولادة وأيضا رعاية الطفل، فالرعاية من القابلة أمومة وطفولة". لخّصت (القابلة إنصاف اغريب) عملها وعمل غيرها من القابلات.

حكاية القابلة إنصاف اغريب "50 عاما" بدأت بعدما تخرجت بشهادة بكالوريوس تمريض "درست التمريض بعدها عملت في مستشفى رام الله الحكومي عام 1991، لكن لم أشعر أن التمريض لبّى طموحي، ففكرت بدراسة شيئًا آخرًا، وتزامن ذلك مع الإعلان عن منحة دراسة القبالة في جامعة بيت لحم، فذهبت ودرست ولما تخرجت طلبت النقل من مستشفى رام الله الى مستشفى الخليل الحكومي عام 1995".

بينما كانت الابتسامة تعجّ في وجه إنصاف قالت ضاحكة " بدأت الاشتباك المسلح في القبالة عام 1995 في مستشفى الخليل الحكومي وبقيت فيه إلى اليوم وأنا في قسم النسائية والتوليد.. والآن أنا رئيسة القسم".

القابلة إنصاف خلال عملها

القابلة إنصاف، أقدم قابلة في مستشفى الخليل الحكومي، أم لخمسة أبناء، تقول أن كلمة قابلة تختصر أشياء كثيرة. "أينما تذهب القابلة فهي مستهدفة من النساء ورعايتهن في كل جوانب حياتهن المتعلقة بالولادة والطفل. فوقتي ليس لي دائما، ففي البيت غالبية زياراتي سيدات أو استشارات عن الحمل أو الولادة والرضاعة والأكل، وكيفية المباعدة بين الولادة والثانية، حتى عندما أذهب للمناسبات لا أسلم من الاستفسارات".

في التفتيش عن سبب دراسة إنصاف لتخصص القبالة بعدما أنهيت التمريض. قالت أن لتمريض تخصص حلو، لكن عملها كممرضة يقتصر على توجيهات الطبيب، ولا تستطيع المباشرة بالعمل فوراً، بينما القابلة معها ضوء أخضر للمباشرة بالعمل "التمريض ولّد عندي شعور بأني محاصرة ولم يملء طموحي وغروري، فإنصاف قابلة تريد أن تتحرك أينما أرادت وكيفما شاءت، والعمل في أقسام الولادة يحتاج شخصية قوية وهذا زاد من قوة شخصيتي".

إنصاف كالبحر تحمل أسرارًا أكثر من أن تحصى كما تقول "أنا ظاهريًا أكون هادئة وداخلي ثورة ونار، مثل البحر تمامًا، حلو وجميل ومن عمقه هش بشكل كبير".

القابلة إنصاف.. توأم البحر

حاولنا الغوص قليلًا في عمق إنصاف للتفتيش عن أكثر ما يوجعها، فقالت "أكثر ما يوجعني عندما أرى سيدة على وشك الولادة وجنينها فيه تشوّهات خلقية، وعندما نضع لها جهاز التخطيط وتسمع صوت قلبه يدق تتساءل بصوت عالٍ (معقول أنا ابني مشوّها؟ عندي إحساس أنه غير مشوّه). هذه التساؤلات تضعني بحيرة وتشعرني بالعجز أمامها".

الدمعة اشتعلت في عيني إنصاف، وحينها حاولنا شدّها لصندوق آخر من أسرارها التي تعجّ حياة "أفرح عندما يكون عند أحد (كوم بنات) ويأتيهم ولد، أفرح مع فرح الناس".

بعض الغرابة في قسم النسائية والتوليد تتجاوز الفرح السابق "أغرب شيء عندما تأتي سيدة لم تكن متابعة بشكل جيد مع طبيبها، فعندما نولّدها نتفاجأ بأنها تحمل توأما وهي لا تدري لأنها تظن نفسها تحمل طفلًا واحدًا فقط".

أما ذروة فرحتها خلال عملها قابلة أفصحت عنها ودمعة الفرح تغسل دمعة حزنها "أكثر حالة فرحتني توأم أخي عادل، فقد كان هناك ظرف عائلي صعب، ولما ولدت زوجة أخقي توأمهما (سلمان ويافا) حملتهما ووضعتهما بحضن أمهم وأبيهم وأنا أشعر بفرحة عظيمة".

القابلة انصاف تعتني بطفل