من القدس إلى أميركا.. رحلة د. أسامة صلاح بين الطب والتغذية والإنسانية

2025-07-02 17:32:57

في حلقة جديدة من برنامج "ضيف الراية" الذي يبث عبر شبكة رايـــة الإعلامية، استضاف البرنامج قامة علمية ومهنية وإنسانية لافتة، له بصمته في الداخل الفلسطيني والخارج، هو الدكتور أسامة صلاح، اختصاصي التغذية العلاجية والصحة العامة، وعضو الجمعية الأمريكية للتغذية، في حوار ثري ومُلهم امتد بين محطات من حياته العلمية، المهنية، والإنسانية.

ولد الدكتور أسامة صلاح في القدس عام 1955، وتحديداً في مستشفى المطلع، ونشأ في مدينة رام الله، ببدأ مسيرته التعليمية في مدارس وكالة الغوث، ثم انتقل إلى المدرسة الهاشمية، فكلية بيرزيت التي كانت حينها كلية، وليس جامعة.

لم تخلُ مسيرة د. صلاح من التحديات، فقد أُبعد مع مجموعة من زملائه إلى العراق حيث التحق بكلية الطب لفترة، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة لإكمال دراسته، حيث حصل على شهادة الماجستير في علم وظائف الأعضاء من جامعة SIU Carbondale، ثم واصل حلمه بالالتحاق بكلية الطب في جامعة عين شمس في القاهرة، وتخرج منها بشهادة الطب والجراحة.

الطريق إلى التميز والقيادة الصحية

خلال مسيرته، تنقّل د. صلاح بين دول عدة منها لبنان، مصر، الأردن، والسعودية، حيث عمل مديراً لأقسام الطوارئ في عدد من المستشفيات. وكان متميزًا في أدائه العملي والمهني، ما أهّله لنيل ثقة رؤسائه وزملائه.

ورغم كل المغريات، اختار العودة إلى رام الله عام 1990 بسبب مرض والده، حيث فضّل التواجد العائلي على الامتيازات الخارجية، وعمل لاحقًا مع وزارة الصحة الفلسطينية، وشارك في تأسيس دائرة المهن الطبية المساندة، وعيادات التغذية العلاجية على مستوى الضفة الغربية. كما تولى منصب الأمين العام للمجلس الطبي الفلسطيني وأسهم بتطوير التخصصات الطبية على المستوى المحلي والدولي.

رسالة إنسانية وسط العقبات

وخلال اللقاء، كشف الدكتور صلاح أن تجربته في وزارة الصحة لم تكن خالية من الألم، مشيراً إلى غياب الإدارة المهنية ووجود بعض الممارسات غير العادلة التي واجهها، لكنه استمر في عطائه المهني والوطني بعيداً عن اللهث وراء المناصب، محافظًا على قيمه الإنسانية والمجتمعية.

وأكد أن ما تعلمه من والده – الذي كان رمزًا للتواصل والعطاء الأسري – هو ما شكّل وجدانه المهني والاجتماعي، حيث يرى في احترام الذات والانتماء المجتمعي أبرز محركات النجاح.

التغذية العلاجية... دواء صامت

وتميّز الدكتور أسامة بتخصصه في مجال التغذية العلاجية، مشيراً إلى أهمية الربط بين الدواء والغذاء في علاج الأمراض المزمنة، حيث يعمل الطبيب وأخصائي التغذية ضمن منظومة مشتركة. وقد ورث أبناؤه هذا الشغف، حيث يعمل أبناؤه في الحقل الطبي، وبناته روان ورزان كمختصات في التغذية.

ومن مقر إقامته الحالية في الولايات المتحدة، تحدّث الدكتور صلاح عن فخره بالجالية الفلسطينية هناك، والتي تميزت منذ ثلاثينيات القرن الماضي بتنوع تخصصاتها ومشاركتها في الحياة العامة والمجتمعية والسياسية، مشدداً على ضرورة تعزيز الانتماء الوطني والهوية، خاصة في أوساط الجيل الجديد.

غزة والمجاعة: جريمة أخلاقية بحق الإنسانية

ولم يُخفِ الدكتور أسامة صلاح حزنه العميق لما يحدث في غزة، واصفًا المجاعة التي تفتك بالأطفال بأنها "جريمة إنسانية" وليست كارثة طبيعية. وشدد على أن الآثار المستقبلية لسوء التغذية أخطر مما نراه اليوم، حيث تترك تداعيات عقلية ونفسية تمتد لسنوات. وأكد أن إعادة الإعمار المجتمعي تبدأ من تكافل صحي وغذائي شامل.

وفي ختام اللقاء، وجه رسالة مؤثرة مفادها: "الانتماء ثم الانتماء ثم الانتماء... يجب أن يكون جزء من دخل كل فرد فينا مخصصًا للمجتمع، دون انتظار شكر أو شهرة. هذه رسالتي لأبنائي ولكل من يؤمن بأن خدمة المجتمع هي واجب لا خيار."

ورغم ما تعرض له من تحديات، لم يفقد د. صلاح بريقه أو أناقته التي باتت جزءًا من هويته المهنية، مختتماً اللقاء بجملة تلخّص مسيرته: "السمعة الطيبة هي رأسمالي الحقيقي."