خاص | تصاعد الخسائر وتفكك الائتلاف يدفعان نتنياهو للبحث عن صفقة
تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية حالة من التوتر المتزايد، وسط مؤشرات على احتمالية توجه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الموافقة على صفقة تبادل أسرى وهدنة مؤقتة في قطاع غزة، تمتد لـ60 يومًا، رغم المعارضة الداخلية من شركائه في الائتلاف الحكومي اليميني المتطرف.
ويرى مراقبون أن نتنياهو، الذي اعتاد الهروب إلى الأمام عبر إشعال الجبهات لتفادي أزماته الداخلية، يواجه الآن ضغوطًا حقيقية من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ومن الشارع الإسرائيلي، في ظل تزايد الخسائر البشرية في صفوف الجنود، وتصاعد العمليات النوعية للمقاومة الفلسطينية منذ استئناف العدوان في مارس الماضي، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 43 جنديًا خلال أسابيع قليلة.
وأشار المحلل السياسي راسم عبيدات، إلى أن نتنياهو سبق وأن أفشل مبادرات أمريكية سابقة للتوصل إلى اتفاقات تبادل أسرى ووقف إطلاق نار، من أبرزها المبادرة التي أقرتها إدارة بايدن وتحولت لاحقًا إلى قرار أممي رقم 2735، والذي وافقت عليه حركة حماس في 2 تموز/يوليو 2024، قبل أن يتراجع عنه نتنياهو ويفتح معركة رفح بدلًا من تنفيذه.
وأوضح عبيدات في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية أن الصفقة الحالية التي يجري الحديث عنها، والتي تتضمن مراحل متعددة تشمل تبادلًا للأسرى وانسحابًا تدريجيًا وفتح المعابر، يواجهها نتنياهو بالمماطلة والتسويف، عبر إرسال وفود محدودة الصلاحيات للمفاوضات في قطر، مع سعيه لربط تنفيذها بتوقيت خروج الكنيست إلى العطلة الصيفية لتفادي انهيار حكومته.
وتابع: "التهديد بانسحاب حزب ديغيل هتوراه من الحكومة، يمثل ورقة ضغط يستخدمها نتنياهو لتخويف الشركاء وإبقائهم في الائتلاف، عبر الادعاء بأن الصفقة قريبة التنفيذ، وهو بذلك يحاول اللعب على عامل الوقت والموازنة بين الضغوط الداخلية والخارجية".
وأضاف أن ما يزيد من تعقيد المشهد، هو حالة التململ الشعبي داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة من أهالي الجنود والأسرى، مع غياب أي إنجاز ملموس بعد أشهر طويلة من الحرب على غزة، فيما تتزايد حالات الانتحار والإصابات بين الجنود، ما يعكس أزمة عميقة في الروح المعنوية.
في المقابل، يواجه نتنياهو ضغطًا دوليًا متصاعدًا، لا سيما مع تزايد مشاهد المجاعة والدمار في قطاع غزة، ما يدفع الرأي العام الأوروبي والعالمي للمطالبة بمواقف أكثر حزمًا تجاه إسرائيل، قد تشمل فرض عقوبات حقيقية.
ويرجّح عبيدات أن يحاول نتنياهو تمرير الصفقة خلال عطلة الكنيست لتقليص تأثير سموترتش وبن غفير، وربما يتجه بعد ذلك إلى إعلان انتخابات مبكرة في شباط أو آذار المقبلين، أو يلجأ إلى تصعيد عسكري جديد لصناعة "إنجاز انتخابي"، كما حدث خلال التصعيد الأخير ضد إيران.
وفي ختام حديثه، حذر عبيدات من أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، حيث يقف نتنياهو على مفترق طرق: إما إنقاذ حكومته بصفقة محدودة مؤقتة، أو الدخول في مغامرة عسكرية جديدة قد تنقلب عليه داخليًا ودوليًا.