المقاومة تُربك الحسابات
باحث لراية: الاستنزاف يفكك عقيدة الجيش الإسرائيلي في غزة
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يواجه الجيش الإسرائيلي أزمة عسكرية ومعنوية غير مسبوقة، تتمثل في حالة استنزاف ميداني تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، بالتوازي مع تصاعد القتل الجماعي والتجويع الممنهج الذي يمارسه الاحتلال ضد المدنيين، في محاولة لتغطية فشل عسكري واضح على الأرض.
الباحث في الشؤون الإسرائيلية محمد القيق، اعتبر أن الاحتلال يعاني من استنزاف مستمر في قطاع غزة، حيث يفقد جنوده بوتيرة يومية نتيجة كمائن المقاومة، رغم السيطرة المزعومة على بعض المناطق منذ أكثر من عام. وقال: "نحن أمام حرب استنزاف حقيقية تُضعف عقيدة الجيش الإسرائيلي التي تقوم على الحسم السريع والانتصار السهل، كما حدث سابقاً في حروبه بالضفة وغزة ولبنان".
وأشار القيق في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية إلى تصاعد حالات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين، وهروب بعضهم من الخدمة عبر إطلاق النار على أنفسهم أو طلب زملائهم بإطلاق النار على أطرافهم لتجنّب المشاركة في المعركة. "الجنود يفضلون الإصابة أو الاعتقال على الاستمرار في القتال داخل قطاع غزة"، على حد تعبيره.
وأضاف أن إسرائيل تعوّدت خلال حروبها السابقة على دخول المناطق الفلسطينية ورفع الأعلام وعلامات النصر، لكن اليوم لا تُنشر صور للجنود ولا للاحتفالات، بل إن مشهد الجنود المنسحبين أو المصابين بات هو السائد. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي "اعتمد على أسطورة القوة الجوية، والدرون، والكلاب البوليسية، والجواسيس، ومع ذلك اصطدم بمقاتلين يزرعون عبوات ناسفة تحت الدبابات".
وعن أثر هذه الحرب على الداخل الإسرائيلي، أوضح القيق أن الشارع بات يطرح تساؤلات صريحة حول جدوى العمليات العسكرية، خاصة بعد اعتراف الجيش بمقتل 48 جنديًا وضابطًا في عمليتي "عربات النار" و"السيف الحديدي" دون تحقيق مكاسب ملموسة أو تحرير أي أسير.
ولفت إلى أن "بيت حانون" التي أعلن الجيش الإسرائيلي سابقًا "تطهيرها" بالكامل، لا تزال تشهد اشتباكات وتفجيرات تهدد القوات المتواجدة فيها.
وأشار القيق إلى أن تصريحات الجيش الإسرائيلي حول "عدم وجود أهداف" في غزة باتت تتكرر بشكل لافت، ما يعكس الإرباك الاستراتيجي والانهيار المعنوي، ويكشف أن الواقع الميداني أخطر بكثير مما يُعرض للإسرائيليين في الإعلام.
وختم القيق بالقول إن الجيش الإسرائيلي يمارس حالياً الإبادة الجماعية والتجويع كتكتيك بديل عن الحسم العسكري، بعدما فشل في تحقيق تفوق ميداني، داعياً إلى التفريق بين الأداء العسكري الذي يُفترض أن يلتزم بأخلاقيات الحرب، وبين الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين، والتي لن تُسقط مشروع المقاومة، بل تزيد من تعقيد مهمة الجيش وتهز صورته داخلياً وخارجياً.