الوزير عصفور: وزارة الصناعة منحت القطاع "عنواناً واضحاً".. وتخفيض تكلفة الطاقة أولوية لدعم المنتج الوطني
خاص - راية
سلّط وزير الصناعة الفلسطيني عرفات عصفور الضوء على التحولات التي يشهدها القطاع الصناعي منذ إنشاء وزارة مستقلة له، مؤكداً أنّ هذه الخطوة "منحت الصناعة عنواناً واضحاً بعد أن ظلت لسنوات مجرد مديرية ضمن وزارة الاقتصاد الوطني"، وهو ما ساعد على تنظيم العمل وبلورة سياسات أكثر وضوحاً، إلى جانب تعزيز اهتمام المانحين والمؤسسات الدولية.
التحول المؤسسي: من مديرية إلى وزارة مستقلة
أوضح عصفور، خلال حديثه لبرنامج "نبض الاقتصاد" عبر إذاعة "راية", أن استقلال وزارة الصناعة أتاح للقطاع الصناعي موقعاً أكثر قوة في منظومة الاقتصاد الفلسطيني.
وقال: "حينما لا يكون لديك عنوان واضح، تعمل في الظل. اليوم أصبح للصناعة عنوان رسمي، ما عزز علاقتنا باتحاد الصناعات والمصانع بشكل مباشر، وأيضاً مع المانحين الدوليين".
وأشار إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) كانت تدعم في السابق برامج صغيرة لا تتجاوز قيمتها مليون أو مليونَي دولار، "لكننا اليوم على وشك إنهاء إعداد برنامج وطني شامل يمتد لخمس سنوات ويمول من الطرفين؛ السلطة الفلسطينية والشركاء الدوليون".
السياسات الجديدة وتبسيط الإجراءات
أكد وزير الصناعة أن وجود الوزارة المستقلة سهّل إعداد أنظمة وسياسات خاصة بالقطاع الصناعي، إلى جانب إدخال تعديلات على القوانين ذات العلاقة، مشيراً إلى أن "العمل جارٍ على تطوير النافذة الواحدة لتقليص البيروقراطية التي كانت تكلف المستثمرين وقتاً وجهداً ومالاً".
وضرب مثالاً بترخيص المصانع، موضحاً أن الإجراءات السابقة كانت معقدة وتمتد لسنوات، بينما تسعى الوزارة الآن لتقصير المدة إلى أشهر قليلة، وربما تحديد سقف زمني قانوني لا يتجاوز 60 أو 90 يوماً للبت في أي طلب ترخيص.
التحديات: الغلاف الجمركي وتكلفة الإنتاج
اعتبر عصفور أن أبرز التحديات التي تواجه الصناعة الفلسطينية تكمن في الغلاف الجمركي مع إسرائيل، الذي يفرض على الفلسطينيين أسعاراً مرتفعة للطاقة والوقود رغم أن معدل دخل الفرد في فلسطين لا يتجاوز ألفي دولار سنوياً، مقارنة بـ 55 إلى 60 ألف دولار في إسرائيل.
وقال إن الطاقة وحدها تشكّل نحو 20% من مدخلات الإنتاج الصناعي، ما يجعل أي تخفيض بنسبة 10 أو 15% فيها "ميزة حقيقية للمنتج الوطني".
إجراءات داعمة للصناعة الوطنية
استعرض وزير الصناعة أبرز القرارات الحكومية التي من شأنها تعزيز مكانة المنتج الوطني، وفي مقدمتها:
إلزامية استخدام المنتجات الوطنية في المشاريع والمنشآت الحكومية، مع إعطائها أفضلية سعرية تصل إلى 15% على المنتجات المستوردة.
تشكيل لجنة لمكافحة الإغراق تضم ممثلين عن القطاعين العام والخاص، لحماية السوق الفلسطيني من البضائع الرديئة وغير المطابقة للمواصفات.
الشراكة مع القطاع الخاص في تطوير المناطق الصناعية، بحيث تكون الحكومة جهة منظمة ومشرفة وليست منفذة مباشرة، كما في تجربة منطقة بيت لحم الصناعية التي اكتملت مساحتها البالغة 200 دونم وتشهد طلباً متزايداً.
قصص نجاح ومناطق صناعية
أكد عصفور أن التجارب الأخيرة في تطوير المناطق الصناعية أظهرت أن نجاحها يرتبط بمدى مشاركة القطاع الخاص، لافتاً إلى أن استخدام الطاقة البديلة، خاصة الشمسية، وفر نحو 15% من تكاليف الإنتاج في بعض المصانع، ما جعلها أكثر قدرة على المنافسة.
وأشار إلى أن منطقة بيت لحم الصناعية تمثل نموذجاً ناجحاً، حيث استقطبت مصانع ذات خبرة تخصصية، على عكس تجارب سابقة مثل منطقة أريحا التي عانت لسنوات قبل أن تنطلق بشكل فعّال.
المعابر.. التحدي الأكبر أمام الصناعة
حذّر وزير الصناعة من أن القيود الإسرائيلية على معبر الكرامة قد تتحول إلى أداة عقابية شبيهة بمعبر رفح، ما سيؤثر بشكل مباشر على حركة الأفراد والتجارة.
وقال إن جزءاً كبيراً من المواد الخام اللازمة للصناعة الفلسطينية، مثل البلاستيك، يأتي من دول الخليج عبر الأردن، "وأي تعطيل في حركة المعبر يهدد سلاسل التوريد ويضع المصانع في مأزق".
الصناعة معركة بقاء
ختم عرفات عصفور بالتأكيد على أن الصناعة الفلسطينية "ليست مجرد قطاع اقتصادي بل معركة بقاء وصمود"، مشيراً إلى أنه رغم الظروف الصعبة، تم ترخيص مصانع جديدة في عام 2024 بقيمة 74.5 مليون دينار أردني، وهو مؤشر على إصرار المستثمرين الفلسطينيين على البقاء والإنتاج وتوفير فرص عمل لشبابهم.