خاص| الالتزام بموعد القطاف والعناية بالشجرة.. مفاتيح جودة الزيت الفلسطيني

2025-10-05 12:35:26

مع بداية شهر تشرين الأول، تتجه أنظار المزارعين الفلسطينيين نحو موسم قطاف الزيتون، أحد أهم المواسم الزراعية والوطنية في فلسطين، حيث تتداخل العادات الشعبية بالممارسات الزراعية العلمية في مشهد يختزل علاقة الفلسطيني بأرضه وشجرته المباركة.

ورغم المعرفة المتوارثة عبر الأجيال، إلا أن خبراء الزيتون يحذرون من ممارسات سلبية لا تزال تُرتكب خلال الموسم، وتنعكس سلبًا على جودة الزيت والإنتاج.

قال مدير عام مجلس الزيتون الفلسطيني فياض فياض في حديث خاص لــ"رايــة"، إن الالتزام بالموعد المعلن لبدء قطف الزيتون “يُعد أول خطوة في التعامل السليم مع الشجرة ومحصولها”، مشيرًا إلى أن “موعد القطاف يختلف من محافظة لأخرى، فبعض المناطق تبدأ في العاشر من تشرين أول أو منتصفه، فيما تتأخر محافظات أخرى حسب درجات النضج”.

وأكد فياض أن “الالتزام بالمواعيد المحددة يندرج تحت بند احترام الشجرة، والحصول على إنتاج أفضل كماً ونوعاً”، داعيًا إلى “التعامل مع الزيتون بوصفه ثروة قومية وليست ملكية فردية، لأننا لم نزرعها نحن ولا آباؤنا، فبعض الأشجار تمتد جذورها إلى عصور الرومان”.

وأضاف فياض أن “الممارسات الخاطئة خلال موسم القطاف، مثل ضرب الأشجار بالعصي أو ما يُعرف بـ‘الجدّ‘، تُلحق أضرارًا بالغة بالشجرة وبالموسم المقبل”، موضحًا أن “الضرب بالعصا يجرح الثمار ويقتل النمو الجديد للأغصان، وهو من المحرمات الزراعية التي يجب التوقف عنها”.

ودعا إلى استبدال مصطلح “جدّ الزيتون” بعبارة “قطف الزيتون”، لأن الأخيرة تعبّر عن عملية رعاية دقيقة وليست إيذاءً للشجرة، مشيرًا إلى أن “الكلمة نفسها تعكس ثقافة تحتاج إلى تصويب”.

وأوضح فياض أن “أفضل موعد لقطف الزيتون لإنتاج زيت عالي الجودة هو عندما تصل نسبة النضج بين 60 إلى 70%، ويمكن معرفة ذلك من خلال التلون الداخلي للحبة، حيث يكون لون اللب بنفسجي بين الدرجة 16 و17 من مراحل النضج”.

وبيّن أن “بعض الحبات تظهر بلون أسود من الخارج لكنها غير ناضجة من الداخل، لذلك يُنصح بقطع الحبة بسكين لمعرفة درجة النضج الحقيقية، لأن التلون الخارجي قد يكون كاذبًا”.

وتحدث فياض عن الخصائص التي تميز الزيت الجيد، قائلاً إن “جودة الزيت تظهر في ثلاث سمات أساسية: الرائحة الفاكهية العطرة، واللذعة أو الشعطة التي تدل على غناه بالبوليفنولات، إضافة إلى المرارة الخفيفة التي تعكس وجود مضادات الأكسدة”.

وأضاف أن “فقدان هذه العناصر يجعل الزيت أقل فائدة، إذ يتحول من غذاء وعلاج إلى مجرد مادة دهنية خالية من المركبات الحيوية”.

وفيما يتعلق بعمليات التخزين، شدد فياض على ضرورة “تجنب حفظ الزيت في عبوات بلاستيكية، لأن البلاستيك يتفاعل مع الزيت بعد ساعات قليلة ويفسد خصائصه”، موضحًا أن “أعداء الزيت الثلاثة هم الضوء، والحرارة، والأكسجين”.

وأشار إلى أن “التنك المعدني المخصص للأغذية هو الخيار الأفضل، أو العبوات المعدنية المطلية من الداخل بمواد آمنة لا تتفاعل مع الزيت”، لافتًا إلى أن “تخزين الزيت في المطبخ يُعد خطأً شائعًا، لأن الحرارة المرتفعة تُفقده قيمته”.

كما أوصى فياض بأن “يُحفظ الزيت في مكان مظلل وبارد، وأن تُستخدم عبوة صغيرة فقط للاستهلاك اليومي”.

وفي ما يتعلق بعمليات نقل الزيتون من الأرض إلى البيت، أوضح في حديثه لراية أن “تخزين الثمار في أكياس بلاستيكية يسبب ارتفاع الحرارة وتخمر الحبوب، ما يؤدي إلى فساد الزيت”، مبينًا أن “النقل المثالي يكون في صناديق بلاستيكية مهوّاة أو أكياس خيش ذات مسامات واسعة”.

وأضاف أن “أفضل الممارسات هي عصر الزيتون فورًا بعد القطف، فكلما اقترب الوقت بين الشجرة والمعصرة كانت الجودة أعلى، ويفضّل ألا تتجاوز المدة 72 ساعة كحد أقصى”.

وتابع فياض قائلاً: “من أبرز العيوب التي تصيب الزيت التخمر، الناتج عن تكديس الزيتون وتأخير عصره، لذلك يجب الانتباه لهذه النقطة لضمان الحصول على زيت فاخر”.

وفي نهاية حديثه، شبّه فياض الزيت بـ"الكائن الحي"، قائلاً: “حين نقطف حبة الزيتون نمنحها شهادة ميلاد، ويبدأ عمرها من تلك اللحظة. الزيت يموت عندما ترتفع حموضته أو يفقد خصائصه الحيوية، أما الحفاظ عليه فهو فنّ يبدأ من طريقة القطف وينتهي بأسلوب التخزين”.

وختم بالتأكيد على أن “الزيت الفلسطيني لا يزال من أجود أنواع الزيت في العالم، وأن الحفاظ على جودته مسؤولية وطنية وثقافية، قبل أن تكون اقتصادية أو زراعية”.