خاص| مشروع قرار أمريكي لإنشاء قوة دولية في غزة يثير الجدل.. ما خطورته وهل يمُر؟
خاص - راية
قالت الكاتبة والمحللة السياسية تمارا حداد، إن مسودة مشروع القرار الأمريكي المطروح أمام مجلس الأمن الدولي بشأن إنشاء قوات دولية في غزة، تهدف إلى منح الولايات المتحدة والدول المشاركة تفويضاً واسعاً لإدارة القطاع أمنيًا لمدة عامين، ما يعني عمليًا تدويل قطاع غزة ووضعه تحت إشراف أمريكي–إسرائيلي.
وأوضحت حداد في حديث خاص لإذاعة "راية" أن المشروع، الذي من المقرر أن يُعرض قريبًا على مجلس الأمن للتصويت، يأتي في إطار خطة سياسية تهدف إلى فرض واقع أمني جديد في القطاع، دون أي التزامات أو ضمانات نحو حل سياسي شامل، مضيفة أن واشنطن تسعى من خلاله إلى إنشاء ما يسمى "قوات إنفاذ" وليس "قوات حفظ سلام"، ما يعني أن مهمتها ستكون أمنية بحتة وليست رقابية أو إنسانية.
وبيّنت أن الولايات المتحدة تحاول استخدام هذه القوات كغطاء لإحكام السيطرة على غزة، بذريعة نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، في حين أن الهدف الحقيقي هو "إبقاء القطاع تحت الوصاية الأمنية الأمريكية والإسرائيلية".
وأشارت إلى أن المشروع يطرح مرحلة انتقالية تمتد حتى عام 2027، يجري خلالها فرض إدارة أمنية مؤقتة، ثم يُبحث في تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية، "لكن دون أي ضمانات حقيقية أو التزامات دولية واضحة"، على حد وصفها.
وأكدت حداد أن هذا الطرح يعكس رؤية إدارة ترامب السابقة، التي ما زالت بعض دوائر صنع القرار الأمريكية تتبناها، في محاولة لإعادة صياغة الوضع السياسي في غزة بما يخدم مصالح إسرائيل، مضيفة أن "الولايات المتحدة تريد من خلال هذا القرار شرعنة واقع الاحتلال وتحويله إلى وصاية دولية طويلة المدى".
وفيما يتعلق بموقف الدول، قالت المحللة السياسية إن 14 دولة أبدت مبدئيًا موافقتها على المشروع، لكنها "فهمت طبيعة التفويض بطريقة مختلفة عن الرؤية الأمريكية"، موضحة أن بعض الدول ترى أن وجود قوة دولية يجب أن يهدف إلى حماية المدنيين ومراقبة وقف إطلاق النار، لا إلى فرض سلطة جديدة.
وأضافت حداد أن كلاً من روسيا والصين قد تعارضان الصيغة الحالية للمشروع، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تشترط موسكو وبكين موافقة السلطة الفلسطينية كشرط أساسي قبل أي تفويض لقوات دولية في غزة.
وحول موقف السلطة الفلسطينية، أكدت أن القيادة في رام الله تدرك "خطورة المشروع"، وترفض أي وجود لقوات دولية دون شراكة فلسطينية فاعلة، معتبرة أن أي قوة دولية تعمل بمعزل عن السلطة ستكون بمثابة قوة وصاية أو احتلال مقنّع.
كما شددت على أن الفصائل الفلسطينية في غزة ترفض هذا المقترح بشكله الحالي، وترى فيه محاولة لتكريس الانقسام الداخلي ونزع سلاح المقاومة بالقوة، مضيفة أن إسرائيل تسعى من خلاله إلى "تحصين وجودها العسكري في أكثر من نصف مساحة القطاع"، في ظل استمرارها في خرق اتفاق وقف إطلاق النار وارتكاب الانتهاكات اليومية.
وأكدت حداد أن أي تدخل دولي يجب أن يكون بموافقة فلسطينية خالصة، وبهدف إنهاء الاحتلال لا تكريسه، محذّرة من أن تمرير المشروع بصيغته الأمريكية "سيحوّل غزة إلى منطقة وصاية خاضعة بالكامل لإرادة تل أبيب وواشنطن".