تقرير"أمان" يكشف ثغرات خطيرة في استقلال النيابة العامة

2025-12-02 14:13:34

ناقشت فقرة خاصة في حلقة برنامج "مع الناس" بالتعاون مع الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان تقريرًا جديدًا بعنوان "استقلالية النيابة العامة الفلسطينية وأثرها على نزاهة الحكم"، والذي يسلّط الضوء على التحديات البنيوية والتشريعية التي تقف عائقًا أمام تحقيق العدالة وضمان سيادة القانون.

وشدد المستشار القانوني في "أمان" بلال البرغوثي، على أن النيابة العامة تمثل "حجر الزاوية" في منظومة العدالة الجزائية، فهي الجهة المخوّلة بتحريك الدعوى العمومية باسم المجتمع وحماية الصالح العام وضمان احترام القانون وصون الحقوق والحريات الأساسية.

وأوضح البرغوثي في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية، أن تعطيل المجلس التشريعي لسنوات طويلة ألقى بظلاله الثقيلة على البيئة الدستورية في فلسطين، وأسهم في تداخل الصلاحيات بين السلطات، ما انعكس بشكل مباشر على استقلال النيابة العامة. وأضاف أن التعيينات داخل النيابة—بما فيها منصب النائب العام ووكلاء النيابة—أصبحت تخضع فعليًا لإرادة السلطة التنفيذية في ظل غياب رقابة تشريعية، ما يفتح الباب للمحاصصة والتدخلات السياسية.

وأشار البرغوثي إلى أن هذه الاختلالات تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين وعلى ثقتهم بالعدالة، خاصة في قضايا مثل التوقيف خلال حالات الطوارئ والاعتقالات ذات الطابع السياسي أو المرتبطة بحرية التعبير والإعلام، حيث يمكن أن تُستخدم إجراءات التوقيف كـ"عقوبة انتقامية" بدلًا من كونها إجراءً قضائيًا.

وفيما يتعلق بالإصلاح، استعرض البرغوثي أبرز التوصيات التي تضمنها تقرير "أمان"، والتي شملت:

- الإسراع بإصدار قانون خاص ينظم عمل النيابة العامة ويكفل استقلالها المالي والإداري.

- تعديل إجراءات التعيين لتصبح شفافة وقائمة على الجدارة بإشراف جهة قضائية مستقلة.

- إنشاء وحدة رقابة وتفتيش داخلية تصدر تقارير دورية علنية.

- اعتماد موازنة مستقلة ضمن موازنة السلطة القضائية.

- نشر جميع إعلانات التوظيف والتعيينات عبر بوابة إلكترونية رسمية.

- تعزيز التعاون بين النيابة وهيئة مكافحة الفساد، وإشراك مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة.

وتحدّث المحامي والباحث الأكاديمي أيمن الظاهر عن العوامل التي تقوّض استقلال النيابة العامة، مؤكدًا أن الإشكالات تنقسم إلى عوامل تشريعية وأخرى بنيوية. وقال الظاهر إن القوانين الحالية غير واضحة في تحديد الهوية القانونية للنيابة: هل هي جزء من السلطة القضائية أم التنفيذية؟ وهو غياب تشريعي وصفه بـ"الإرباك الخطير".

وأضاف الظاهر في حديثه لـ "رايـــة" أن ضعف البنية التحتية للنيابة العامة ومقارّها، إلى جانب غياب قانون خاص ينظم عمل أعضاء النيابة وحقوقهم ودرجاتهم، يؤثر سلبًا على مكانتها وعلى ثقة المواطنين بها. واعتبر أن "عدم استقلال النيابة هو أولًا وآخرًا ضرر مباشر يصيب المواطن".

ودعا إلى إصدار قانون واضح وصريح ينظم عمل النيابة العامة ويحدد هويتها استنادًا إلى التجارب العربية الناجحة، مثل التجربة القطرية. كما شدد على ضرورة وجود إرادة سياسية حقيقية لإحداث هذا الإصلاح، معتبرًا غيابها السبب الأبرز في استمرار الأزمة.

وفي ختام اللقاء، ورد سؤال من أحد المستمعين حول شرط الالتزام بميثاق منظمة التحرير للترشح لانتخابات الهيئات المحلية، فأجاب الظاهر بأن "الشرط غير دستوري، ولا يجوز إقصاء أي مواطن عن حقه في الترشح مهما كان انتماؤه السياسي".

ويخلص النقاش إلى أن أزمة استقلال النيابة العامة ليست مسألة قانونية فحسب، بل أزمة ثقة شاملة تمس المواطن مباشرة، وتتطلب إصلاحات جذرية وتشريعية عاجلة لضمان العدالة ونزاهة الحكم في فلسطين.