خاص | خلافات دولية تعرقل مهام “قوة الاستقرار” في غزة
تتصاعد الخلافات حول شكل ومهام “قوة الاستقرار الدولية” المزمع نشرها في قطاع غزة، في ظل إصرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على أن تشمل مهامها نزع سلاح المقاومة، وهو ما قوبل برفض واضح من عدة دول إقليمية أبرزها تركيا وقطر ومصر.
وأكد محللون سياسيون أن نتنياهو يسعى إلى تحميل هذه القوة مهام عجزت عنها إسرائيل طيلة العامين الماضيين، وعلى رأسها الاشتباك المباشر مع فصائل المقاومة وسحب سلاحها، في محاولة لتحويلها إلى امتداد عملي لجيش الاحتلال داخل القطاع.
في المقابل، أظهرت تصريحات رسمية من تركيا وقطر ومصر رفضًا قاطعًا لهذا التوجه. فقد أكد وزير الخارجية التركي في تصريحات متقدمة أن سلاح المقاومة لا يجب أن يكون قضية مركزية في هذه المرحلة، داعيًا إلى تأجيل هذا الملف والتركيز أولًا على القضايا الإنسانية وفك الاشتباك.
وأوضح أن الرؤية المشتركة مع مصر وقطر تقوم على أن تبدأ قوة الاستقرار بـتأمين الحدود، ووقف الاشتباكات، وتشكيل قوى أمنية وشرطية داخل غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، قبل الخوض في أي ملفات سياسية أو عسكرية شائكة.
كما شددت قطر على أن أي حديث عن نزع السلاح في ظل استمرار الاحتلال وغياب أفق سياسي حقيقي سيؤدي إلى تخريب أي اتفاق محتمل، فيما ذهبت الخارجية المصرية إلى أبعد من ذلك بالتأكيد على أن القوات المقترحة يجب أن تكون قوات حفظ سلام لا قوات فرض سلام.
ويرى مراقبون أن هذا الخلاف الجذري بين إسرائيل والدول الثلاث الراعية قد يؤدي إلى تعثر أو حتى فشل المرحلة الثانية من الاتفاقات السياسية والأمنية المرتبطة بوقف إطلاق النار وترتيبات ما بعد الحرب.
وفي السياق ذاته، قال الأكاديمي والباحث الفلسطيني الدكتور حسن عبيد إن إسرائيل تحاول حاليًا اللعب على “الخط الأصفر” ميدانيًا عبر تقديم إشارات توحي بعدم نيتها الانسحاب الكامل من قطاع غزة، تمهيدًا لاستخدام هذه الوقائع كورقة ضغط خلال اللقاء المرتقب بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الولايات المتحدة نهاية الشهر الجاري.
وأشار عبيد في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية إلى أن الولايات المتحدة تبقى العامل الحاسم في المرحلة المقبلة، لافتًا إلى أن انصياعها الكامل للرؤية الإسرائيلية قد يؤدي إلى فشل وقف إطلاق النار وانهيار مبادرة ترامب، التي يعتبرها محللون أمريكيون إنجازًا محوريًا في سياسته الخارجية.
وأوضح أن السيناريو الأرجح هو توجه واشنطن نحو تطبيق جزئي ومقيد للاتفاق عبر ترتيبات تدريجية في المناطق التي تدّعي إسرائيل خلوها من المقاومة، على أن تتوسع رقعة التنفيذ لاحقًا، تجنبًا لانهيار الاتفاق بالكامل وفقدان المصداقية السياسية.
وختم عبيد بالتأكيد على أن التجربة السابقة في المرحلة الأولى من الاتفاق، وخاصة الخلاف حول المدد الزمنية لتسليم الجثامين، أظهرت أن سياسة “الموائمة الواقعية” كانت الخيار الذي مكن من إنقاذ الاتفاق مؤقتًا، وقد يتكرر السيناريو ذاته في المرحلة المقبلة.