مؤرخ لراية: المنطقة الصفراء بغزة قد تصبح ورقة مساومة أساسية

حذّر المؤرخ والمحاضر د. جوني منصور من أن ما يُعرف بـ“الخط الأصفر” الذي رسمته إسرائيل على أطراف قطاع غزة بات يتحول تدريجيًا إلى سياج فاصل جديد يشبه، في وظيفته، الخط الأخضر التاريخي، لكن دون اعتراف دولي أو حدود رسمية واضحة.

وقال منصور، في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية، إن هذا الخط ليس حدودًا، تمامًا كما لم يكن الخط الأخضر حدودًا معترفًا بها، إلا أن إسرائيل تستخدمه على الأرض لفرض وقائع جديدة تهدف إلى تقليص مساحة الحياة أمام الفلسطينيين وتحويل المنطقة المحاذية لغلاف غزة إلى منطقة عازلة أمنية.

ضغط لدفع السكان إلى الهجرة

وأوضح منصور أن الإجراءات الإسرائيلية في هذه المنطقة تهدف إلى زيادة الخناق على ما تبقى من سكان القطاع، بعد فشل محاولات دفعهم إلى الهجرة “الطوعية”، في ظل ضغوط مارسها مسؤولون إسرائيليون وحتى إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وأضاف أن إسرائيل عرضت على دول عدة، بينها مصر والأردن وتركيا وماليزيا والصومال، استقبال أعداد من الفلسطينيين، ضمن ما وصفه بـ“استراتيجية الضغط المتواصل لإجبار الناس على التفكير في الرحيل”.

بيئة لا تُطاق للعيش

وأشار إلى أن الواقع الإنساني في غزة بعد وقف إطلاق النار أصبح “شبه مستحيل”، وبالتالي تُستخدم المعاناة اليومية كأداة لدفع الفلسطينيين نحو خيارات قسرية.

وقال: “هذا النهج سيؤدي إلى مزيد من التوتر، لأن إسرائيل تتعمد جعل الحياة أقسى من أن تُحتمل”.

هل تريد إسرائيل أرض غزة؟

وبشأن الحديث عن نية الاحتلال إعادة احتلال القطاع أو الاستيطان فيه، قال منصور إن إسرائيل تروّج لسيناريوهات مختلفة، إلا أن أولويتها هي تطهير المنطقة عرقيًا وبشريًا وجعلها منطقة منزوعة السلاح بالكامل، مشابهة لخططها في مناطق أخرى مثل الجنوب اللبناني والجولان.

وأضاف أن الجيش يطلق النار يوميًا على الفلسطينيين الذين يقتربون من هذه المنطقة، “لأن الخط غير واضح وهو عبارة عن مكعبات صفراء، مما يبث الخوف ويمنع الاقتراب منها”.

سيناريوهان لمستقبل الخط الأصفر

ورسم منصور سيناريوهين للتطورات المقبلة:

بقاء المنطقة تحت السيطرة الإسرائيلية: في هذه الحالة، ستعمل تل أبيب على منع عودة الفلسطينيين إليها، ما يؤدي إلى حشر السكان في ما بين 55%–60% من مساحة القطاع الأصلية.

تدخل أمريكي نحو تسوية طويلة المدى:

إذا صمد الفلسطينيون، فقد تضغط واشنطن لبدء “المرحلة الثانية” من خطتها لوقف إطلاق النار، بما يشمل مساومات على المنطقة الصفراء وانسحابًا جزئيًا منها مقابل شروط أمريكية على حركة حماس، مثل إخراج المقاتلين من الأنفاق أو إبعاد قادتها.

ضغوط أمريكية على الحكومة الإسرائيلية

وأكد منصور أن واشنطن تمارس في الفترة الأخيرة “قدرًا غير مسبوق من الضغط” على حكومة نتنياهو، ما يرجّح وجود مفاوضات سرية بين الإدارة الأمريكية وحماس عبر وسطاء، بهدف تطويع الحركة ضمن رؤية أمريكية لإدارة القطاع مستقبلًا.

وختم بالقول إن “المنطقة الصفراء قد تصبح ورقة مساومة أساسية”، ضمن مشروع أوسع يهدف في النهاية إلى تقليص الوجود الفلسطيني ودفع مزيد من السكان إلى الهجرة.