د. الفرا لراية: 100 ألف طفل مهددون بسوء تغذية حاد بحلول نيسان 2026

2025-12-23 10:30:09

رغم الإعلان عن وقف الحرب والسماح بدخول كميات أكبر من المواد الغذائية إلى قطاع غزة، إلا أن المعاناة الصحية، وخصوصًا المتعلقة بسوء التغذية، ما زالت مستمرة وبأشكال أكثر خطورة، وفق ما أكده د. أحمد الفرا، مدير مستشفى الأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي بخان يونس.

وأوضح د. الفَرا في حديث خاص لشبكة رايـــة الإعلامية أن سوء التغذية في غزة انخفض من حيث العدد (الكم)، لكنه ازداد من حيث النوع (الكيف)، مشيرًا إلى أن دخول المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والمكرونة والسكر والمعلبات ساهم في تجاوز ما يُعرف بسوء التغذية المعتمد على نقص الطاقة (المارزمس)، إلا أن القطاع لا يزال يعاني بشكل حاد من سوء التغذية الناتج عن نقص البروتينات.

وبيّن أن البروتينات الأساسية، رغم السماح بدخولها بشكل محدود، ما زالت شحيحة أو تُباع بأسعار خيالية لا تتناسب مع الواقع الاقتصادي المنهار للأسر الفلسطينية، حيث يصل سعر كيلو الدجاج المجمد أحيانًا إلى 35–40 شيكلًا، أي ما يعادل خمسة أو ستة أضعاف سعره الطبيعي، في ظل انعدام مصادر الدخل. كما أشار إلى أن سعر طبق البيض قد يصل إلى 30 شيكلًا، في حين تُباع الألبان ومشتقاتها بأربعة إلى خمسة أضعاف أسعارها المعتادة.

وأكد أن هذا الواقع أدى إلى انتشار سوء التغذية البروتيني المعروف بـ“الكواشيوركور”، والذي يتسبب بنقص بروتينات الدم وحدوث وذمات وتجمع للسوائل خارج الأوعية الدموية، وهو من أخطر أنواع سوء التغذية، خاصة لدى الأطفال.

وطالب د. الفَرا بالسماح المنتظم بدخول البروتينات الطازجة، إضافة إلى إعادة إحياء الثروة الحيوانية في قطاع غزة، التي دُمّرت بالكامل خلال الحرب، بما في ذلك إعدام المواشي والقضاء على مزارع الدواجن، فضلًا عن السماح للصيادين بالعودة إلى صيد الأسماك، في ظل غياب شبه كامل للغذاء الطازج واعتماد السكان على المعلبات.

وأشار إلى أن الواقع الميداني في المستشفيات ما زال مقلقًا، موضحًا أنه رصد خلال زيارته الأخيرة لأقسام الأطفال وسوء التغذية في مجمع ناصر وجود ست حالات منومة تعاني من سوء تغذية شديد، إضافة إلى توافد نحو 45–50 حالة إلى عيادة سوء التغذية في كل يوم سبت وأربعاء، بمعدل يقارب 100 حالة أسبوعيًا.

وفي تعليقه على تحذير مدير منظمة الصحة العالمية من أن أكثر من 100 ألف طفل في غزة مهددون بسوء تغذية حاد بحلول نيسان/أبريل 2026، أكد د. الفَرا أن هذا التحذير واقعي، مشددًا على أن استمرار اعتماد الأطفال على النشويات فقط، مثل الأرز والمكرونة وشوربة العدس، دون توفير البروتينات الطازجة كالحليب والبيض واللحوم، سيؤدي إلى تفاقم الكواشيوركور وما يرافقه من مضاعفات خطيرة.

وحذّر من الآثار طويلة الأمد لسوء التغذية، موضحًا أن استمرار الحالة لأكثر من أربعة أسابيع قد يؤدي إلى تغيّرات غير قابلة للإصلاح، تشمل قصر القامة مستقبلًا، اضطرابات هرمونية، تأخر البلوغ، ضعف التحصيل الدراسي، وتلف في الخلايا العصبية نتيجة تأثر الغلاف المايليني، وهي أضرار دائمة ستنعكس سلبًا على جيل كامل من أطفال غزة.

وختم د. الفَرا بالتأكيد على أن أخطر ما يواجه القطاع اليوم ليس فقط نقص الغذاء، بل فقدان الغذاء الصحي المتكامل، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع ينذر بكارثة صحية وإنسانية طويلة الأمد.