الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:54 AM
الظهر 12:40 PM
العصر 4:20 PM
المغرب 7:53 PM
العشاء 9:25 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

فلنحافظ على روح الحرب !!

الكاتب: أشرف العجرمي عن الايام

من الصعب الآن إجراء تقييم موضوعي لنتائج الحرب الدموية التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة، فالمعلومات المسربة من مصر حتى اللحظة تشير إلى بعض التقدم وإلى صعوبات تعيق المزيد من التقدم، مع تأكيد الجميع على أن المفاوضات جدية وأنها قد تصل إلى اتفاق قريباً. ولو كان ما يشاع حول إخراج موضوع الميناء والمطار والممر الآمن من المفاوضات باعتبار أنها خارج مسألة البحث في اتفاق وقف إطلاق النار الحالي، واقتصار الحديث في مشكلة المعابر على زيادة عدد الشاحنات التي تدخل قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم وزيادة عدد التصاريح المقدمة للغزيين فهذا سيكون تراجعا كبيرا عن الأهداف الفلسطينية المتفق عليها. ولكن دعونا لا نستعجل الأمور ولننتظر حتى تنتهي المفاوضات وتتضح الصورة.
بعيداً عن النتائج السياسية للحرب وبحث الربح والخسارة وهو مطلوب في كل الظروف للاستفادة من التجربة على كل المستويات، هناك حاجة للنظر لبعض الإنجازات التي تحققت على المستوى الشعبي لتعميقها وترسيخها وتحويلها إلى قيم ثابتة في المجتمع الفلسطيني. وأهم ما جرى في أوساط الشعب الفلسطيني خلال الحرب على غزة هو عودة روح التضامن والتكافل بين المواطنين وهو ما ظهر في صورة رائعة ومشرقة ليس فقط في حجم التحركات الشعبية التي امتدت على مستوى الوطن من شماله إلى جنوبه في الضفة الغربية وفي القرى والمدن والتجمعات الفلسطينية داخل إسرائيل، ناهيكم عن تجمعات الشتات واللجوء في الخارج وهو ما عبر عن صورة تلاحمية مبهرة امتزجت مع السيل الهائل من التعاطف الدولي الذي شمل مناطق كثيرة في مختلف أرجاء العالم، حيث مثلت تظاهرة لندن الكبرى نموذجاً للتحول الكبير في الرأي العام العالمي، بل أيضاً في حملة التبرعات الكبيرة التي شملت كل محافظات الضفة الغربية وشارك فيها فلسطينيون من مختلف مناطق الكون، وكأننا عدنا إلى روح الانتفاضة الأولى التي شكلت نقلة نوعية عظيمة في التضامن والتكافل بين الفلسطينيين.
وفي الواقع هناك الكثير من القصص للتبرعات التي تستحق أن تسجل في سفر التاريخ الفلسطيني باعتبارها أنموذجا للروح الوطنية الإنسانية التي كست المشهد الفلسطينية بحلة رائعة تجسد صورة التكامل بين النضال الذي تخوضه المقاومة في الميدان وصمود الشعب برغم آلة الدمار الشامل التي تدمر وتقتل كل شيء وبين الشعور بالانتماء وبالمسؤولية تجاه ذلك النصف من الوطن الذي يتعرض للذبح.
عندما نرى طفلا أو طفلة يتبرعان بما جمعاه في حصالتيهما، وعندما نرى شخصاً لا يملك سوى القليل الذي بالكاد يكفيه يتبرع بنصفه، نقول: شعبنا بخير وقد استعاد روحه التي كاد يفقدها في زحمة الأحداث التي عصفت به منذ بداية العملية السياسية ومشروع "أوسلو" الذي ساهم من خلال الطريقة البائسة في الإدارة في تآكل الكثير من القيم الإيجابية في المجتمع. نعم إنها عودة الروح وعودة الأمل وعودة الانتماء والإيمان بالقضية الوطنية وبالصفات الإنسانية الجميلة، فهذه هي قيم الشعب الفلسطيني الأصيلة التي يتعلمها الناس منا بعدما خلقنا مدرسة الانتفاضات الشعبية التي تعممت تيمناً بالتجربة الفلسطينية الرائدة.
ليتنا نستطيع الاستمرار في الحديث الإيجابي عن هذه الظاهرة الجديدة – القديمة في مجتمعنا بدون منغصات وبدون مظاهر شاذة تسيء إلى هذه الصورة المشرفة، ولكن للأسف واقع الحال يشير دائماً إلى النواقص وإلى من هم خارج هذه الصورة ، فما أسوأ أن نسمع أن تلك المساعدات التي جمعت من قوت الناس وعرقهم وبمبادرات رائعة من شباب متطوعين وجمعيات ومؤسسات كثيرة تجري سرقتها وتوزع على أساس الانتماء الحزبي أو تسرق وتباع في السوق. هذا السلوك البشع يشوه المشهد الحضاري والإنساني الذي يحرص كل الفلسطينيين على وجوده وثباته كميزة وصفة راسخة لدى هذا الشعب المكافح الذي يرزح تحت آخر احتلال على وجه الأرض.
فهل يستحق المظلومون والمحتاجون أن يجري التمييز بينهم أو ينكل بهم أو يحرمون مما يحق لهم ومما تبرع به أشقاؤهم وأبناء شعبهم ليضطروا لشرائه بأسعار خيالية في المحلات التي تخلى قسم من أصحابها عن ضميرهم ليتاجروا بدم الشعب ويستغلوا نكبته.
المشهد الغزي الرائع لا يمكن أن تشوهه هذه الأفعال الشاذة الخارجة عن قيم شعبنا وتراثه النضالي والحضاري العظيم، ويجب أن تختفي فوراً لأنها تسيء إلى مرتكبيها الذين لا يهمهم سوى أنفسهم ومجموعتهم الضيقة. وليعلم هؤلاء أن الشعب يرى كل شيء ويراقب كل التفاصيل ويعرف الحقيقة الكاملة، ولا ينسى حتى لو اضطر للصمت نتيجة للشعور بهول المصيبة أو خوفاً من القمع أو مراعاة للظروف القائمة. ولكن ساعة المحاسبة لابد ستأتي عندما يعود الجميع للشعب وعندما يكون الحسم بيده في الانتخابات وغيرها. اتقوا الله في هذا الشعب المظلوم والمكلوم وحافظوا على قيم النضال وطهارة اليد والسلاح!!.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...