الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

لماذا لا تهدم اسرائيل منازل قتلة أبو خضير ودوابشة؟!

الكاتب: المحامي إبراهيم شعبان

 

بعد الإحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية العربية في عام 1967، طبّق الإسرائيليون عليها أنظمة الطوارىء البريطانية الجائرة لعام 1945، وبموجبها أخذ الإحتلال الإسرائيلي يهدم أي منزل أو بيت أي شخص ينتمي لحركة المقاومة المسلحة الفلسطينية، أو مساعده في تنفيذ عمليته، اويقدم له غذاء أو مؤونة، أو يقدم له أية مساعدة ولو كانت ضئيلة، أو سكت عنه أوغض النظر عن وجوده، أو قدم له معلومات، أو آواه حتى لو كان هذا الشخص أحد أبويه أو إخوته أو أخواته.

وكانت عملية الهدم وما زالت تتم بقرار أمني إسرائيلي مصادق عليه من قبل القيادة السياسية الإسرائيلية، كوسيلة ثأرية انتقامية من الفرد الأعزل المنتمي لحركة المقاومة المسلحة، بل وصل الأمر إلى هدم قرى بأكملها مثل عمواس وقبية واللطرون. ولم يشفع لمنع هدم المنزل حر لافح أو برد قارص، أو كبر حجم العائلة أو عدم وجود ملاذ للعائلة تلوذ به، أو أي ظرف إنساني آخر مهما كان.

ورغم أن هذه العقوبة تندرج في إطار العقوبات الجماعية البدائية الثأرية المحظورة دوليا، لأن العقوبة المشروعة يجب أن تكون قانونية وشخصية وعادلة، إلا أن السلطات الإسرائيلية وعلى رأسهم موشيه ديان وزير الأمن الإسرائيلي السابق، مقتنعا باستعمال هذه العقوبة، وقد استعملت هذه العقوبة ضد الفلسطينيين فقط منذ بداية الإحتلال الإسرائيلي عام 1967 إلى يومنا هذا ومن المتوقع استمرارها.

ومن الملاحظ أن هذه العقوبة لم تستعمل ولو مرة واحدة تجاه اليهود الذين قاموا بأعمال إجرامية أو إرهابية وفق التعريف الإسرائيلي بينما استعملت تجاه راشقي الحجارة الأطفال الفلسطينيين، أو لقمع الإنتفاضات المتوالية أو حركات المقاومة المسلحة. وها نحن نشهد في هذه الأيام أحداثا إرهابية كقتل الفتى أبو خضير، وحرق عائلة دوابشة حتى الموت من قبل يهود إسرائيليين مستوطنين، فلم لا تقوم الدولة الغارقة حتى أذنيها في سياسة التمييز العنصري بهدم منازل المتهمين في هذه الجرائم الإرهابية؟ لم لا تقوم هذه الدولة المزهوة بديموقراطيتها الزائفة بهدم منزل واحد من منازل العالم السفلي الإسرائيلي.

لقد هدمت السلطات الإسرائيلية المحتلة مئات المنازل للفلسطينيين لأسباب أمنية وبسرعة كبيرة خلال ساعات، ولم تقم محكمتهم الإسرائيلية التي نصّبت نفسها لتراقب العدل في الأراضي الفلسطينية المحتلة كهدف أعلى وفق تسميتها ويا ليتها لم تنصب نفسها، بإبطال قرار هدم واحد بل صدقت على هذه القرارات متذرعة بالأمن الإسرائيلي المزعوم .

فإذا كانت المبررات الإسرائيلية المزعومة لهدم المنازل الفلسطينية تتمثل في الردع الذي يتمثل في عدم قيام آخرين بتلك الفعلة التي استوجبت الهدم وردعهم، ألا ينطبق ذلك الهدف وتلك السياسة، على اليهود الإسرائيليين اليمينيين المستوطنين الذين يرتكبون أعمالا إرهابية ضد الفلسطينيين، أم أن قانونهم العنصري يتوقف تطبيقه عند اليهودي الإسرائيلي. وهنا يظهر بجلاء ووضوح أن كل التنظير الرسمي الصهيوني وغير الرسمي في جميع أدوات الإعلام عن عدم التمييز بين الفلسطيني واليهودي ما هو إلا كذبة كبيرة من صنع غوبلز وزبانيته.

ليت منظمة إسرائيلية تهتم بحقوق الإنسان، تملك الجرأة، لتطالب المحكمة العليا الإسرائيلية بتطبيق سياسة هدم المنازل على الإرهابيين اليهود الإسرائيليين بخصوص مقتل الطفل أبو خضير وعائلة دوابشة إذعانا لعدم التمييز العنصري لأي سبب من الأسباب. لتصدر المحكمة العليا أمرا للسلطة التنفيذية الإسرائيلية، لبيان الأسباب التي تمتنع بموجبها عن هدم منازل الإرهابيين اليهود الإسرائيليين، إذا أرادت أن تقيم ميزان الحق والإنصاف وفق مفهومهم وحتى يصدق الجمهور العربي أن لا هناك سياسة تمييز عنصري ضدهم من قبل السلطة الرسمية الإسرائيلية. أما إن امتنعت المحكمة عن إصدار هذا الأمر تحت أية ذريعة وبخاصة الأمنية، فحينها يتأكد بجلاء ووضوح أن هذه المحكمة قبلت أن تكون أداة أمنية إضافية في يد السياسيين الإسرائيليين وتخلت عن دورها، بدل أن تنحاز للعدالة والفضيلة.

الحجج الإسرائيلية لا تستطيع الوقوف أمام المنطق القانوني المتحضر الإنساني القاضي بحظر هدم المنازل، فهي حجج وكذب صريح وزيف وخداع ولعب بالألفاظ وذرائع ديماغوجية مسّيسة تنتهك حقوق الإنسان الأساسية. فمهما قال الإسرائيليون من حجج لتبرير هدم المنازل، وهذبوها وجمّلوها وسوّقوها، فهي حجج فارغة ومضللة وغير إنسانية، ولا يمكن أن تتسق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، أو القانون الدولي الإنساني .

ولو كانت مساحة هذا المقال تتسع لإيراد هذا الكم من الكذب الصريح الذي اورده القانونيون الإسرائيليون على مر الوقت، لجئت به، لكن المتسع ضيق. ورغم ذلك سنورد مثالا واحدا، يوضح أن قولهم وتبريرهم ما هو إلا ذريعة سخيفة لهدم المنازل. فمثلا يقولون أن هدم المنازل لمنفذ العملية، عقوبة مالية أرحم من تنفيذ عقوبة الإعدام بحقه.وكأنهم يودون المزايدة على العالم بأنهم لا يطبقون عقوبة الإعدام بأحكامهم القضائية، ونسوا أنهم يطبقونها يوميا، بدون حكم محكمة، وبصورة تصفيات جسدية. والأهم أنهم نسوا أنهم يقتلون الشخص، ويهدمون منزل أسرته الذي لم يبن حجرا واحدا فيها. كذب صريح واحتيال على المفاهيم وداء ما بعده دهاء.

منذ قيامها، قبلت محكمة العدل العليا الإسرائيلية وللأسف، مقولة شرعية أنظمة الطوارىء البريطانية رغم احتجاج كثير من اليهود عليها حين صدورها عام 1945، واستندت إليها وإلى المادة 119 منها لتبرير هدم منازل الفلسطينيين في الداخل، ولم تر فيها وصمة عار في جبين الإنسانية وفي الجبين الإسرائيلية.وهذا ما يؤكد سياسة المعايير المزدوجة للمحكمة. أنظمة تنافي القيم الأساسية للإنسان المتحضر. بل إن دور هذه المحكمة في ظل هذه الأنظمة يتراجع ويغدو ختما مطاطيا لقوات الأمن الإسرائيلية وقراراتها وتفقد استقلالها في مواجهة السلطة التنفيذية.

هدم المنازل عقوبة غير قانونية وغير مشروعة وثأرية وانتقامية وعقوبة مالية وتهدر الملكية الفردية، وهي من العقوبات الجماعية المحظورة دوليا، وكان يجب أن تحظر منذ وقت كبير لجميع البشر. إلا أنه في ظل المسارعة لتطبيقها على الفلسطينيين نتساءل من هذا المنبر، متى ستطبق هذه العقوبة حقيقة على اليهود الإسرائيليين الإرهابيين الذين قتلوا الطفل أبو خضير وحرقوا عائلة دوابشة لحد الموت؟! وما زلنا ننتظر جوابا ونحسن صنعا، لأننا لا نصدق كل ما نراه، ولا نصف ما نسمع!!!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...