الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

هل تكون قمة عمان القادمة قمة الوفاق والاتفاق/٢ ؟

الكاتب: سمير الحباشنة

في العام 87 من القرن الماضي كان العرب في حالة من الانتكاس والتفرّق، وكانت قضيتهم المركزية (فلسطين) قد تراجع منسوب الاهتمام بها حتى أنها لم تعد أولوية، ذلك ان إسرائيل ما زالت على عهدها بالتنكر للحقوق العربية الفلسطينية، وإمعانها باضطهاد الشعب الفلسطيني كاحتلال استعماري بغيض يسعى إلى نهب الأرض وتهجير أصحابها. وكانت إيران تصر على حربها مع العراق والتدخل بالشأن العربي، ولا تخفي مطامعها في الهيمنة والاحتلال. وكانت مصر، رغم مكانتها التي لا تطاولها مكانة في الجسم العربي، ما زالت خارج الجامعة العربية، بعد رحلة السادات الى القدس واتفاقات كامب ديفيد. كما أن لبنان كان لا يزال يعاني من حرب عبثية مقيتة بكل ما احتوت من قتل ودمار. وفي العموم فقد سيطرت على المشهد آنذاك خلافات عربية وأوضاع لا تسر إلا الأعداء.

أتت صرخة الأردن في حينه، صرخة الملك حسين، صرخة عروبية مدوية، دعوة صادقة إلى ضرورة لم الشمل، وإنهاء الخلافات، ومساندة الأشقاء المبتلين بأقطارهم، أو المبتلين بالتهديد الخارجي، فاجتمع شمل العرب في قمة عمان،قمة الوفاق والاتفاق، التي وضعت أسسا لوقف التراجع وإعادة توحيد الصف العربي، واستئناف مفهوم ومضمون الأمن القومي العربي، وإعادة التضامن وحشد طاقات العرب وثرواتهم لما فيه مصلحة الجميع. بل وإعادة التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل، والتصدي لخطرها، وإجبارها على الانصياع للقرارات الدولية، والوقوف معا إلى جانب العراق في حربه مع إيران، والتصدي لمطامعها في الأرض العربية. بل وذهبت القمة إلى التمييز ما بين الإرهاب وما بين حق الشعوب في التحرر ومقاومة الاحتلال، ردا على وسم النضال الفلسطيني بالإرهاب.

***

لقد ترتب على قمة عمان ـ الوفاق والاتفاق أن حقق العرب، وخلال مدى زمني قصير إنجازات منها:

-عادت مصر إلى مكانتها والى عضويتها في الجامعة العربية، وقد توج ذلك بقمة الرباط/89.

- انتهت حرب الإخوة في لبنان عبر اتفاق الطائف.

-انتهت الحرب العراقية الإيرانية بانتصار العراق .

- بدأت الانتفاضة الفلسطينية المباركة.

والحقيقة أن الأمة العربية وفي اثر قمة الوفاق والاتفاق، كانت على وشك الإقلاع عبر مشروع عربي يحاكي مصلحة العرب باندفاعة قوية نحو حسم التحديات الى جهة مصلحة الأمة على كل الأصعدة، أمنية كانت أو سياسة أو اقتصادية، لولا أحداث جسام لم تكن بالحسبان، حدت من ذلك الإقلاع وتلك الاندفاعة.

***

اليوم ... ها هي عمان على موعد مع قمة عربية، فهل تكون هذه القمة، قمة لوفاق واتفاق «طال انتظاره» ؟ وهل يمكن أن تكون عمان مجددا مقرا لوحدة كلمة العرب وإعادة تضامنهم فيتمكنوا من مجابهة الأخطار الخارجية والداخلية التي تهدد أمنهم العربي وقضيتهم المركزية ؟ بل وتهدد وحدة أقطار عربية هامة كسوريا والعراق وليبيا واليمن. وهل تضع هذه القمة أفكارا بأدوات قادرة على درء خطر الإرهاب ودحره والانتصار عليه ؟

وأخيرا هل تكون قمة عمان المنتظرة المكان والزمان، الذي نعيد به لأمننا العربي مكانته، فيتوحد الصف العربي ويبلور مشروعا عربيا يستجيب لمتطلبات وجودنا ومصالحنا وحماية أوطاننا من خطر التقسيم والضياع والاحتلال ؟

تمنيات، ننتظر أن تكون عمان، مكان لترجمتها كحقائق على الأرض.

***

ان العرب اليوم بحاجة الى بلورة هكذا مشروع ينادد المشاريع الطامعة بنا، فتركيا لها برنامجها حيث لا تخفي أطماعها في شمال العراق وشمال سوريا، وإيران لها برنامجها الذي يسعى الى الهيمنة وفرض سياسة وأيديولوجية إيران على كل العرب. كما أن إسرائيل ماضية في برنامجها الاستعماري، ليس في نهب كل فلسطين بل وبسعيها الى أن تصبح أقوى دولة دينية مذهبية مهيمنة في المنطقة.

ان الأمة العربية بكل أقطارها أضحت مكانا لتقاذف المصالح وتقاسمها بين القوى العظمى، خصوصا بعد بروز قطبية ثنائية، أخطر ما فيها أنها يمكن أن تكون قطبية متفاهمة، خصوصا فيما يتعلق في بلادنا، لنشهد ضربا مماثلا كالذي تم بعد الحرب العالمية الأولى بتقسيم المنافع والثروات والأراضي بين تلك القوى الدولية والإقليمية.

***

قمة عمان ... رهاننا الا تكون قمة عادية بنتائجها، وأن تكون قمة وفاق واتفاق حقيقي، تعيد سوريا الى الصف العربي، وتسعى الى جمع الأشقاء السوريين تحت مظلة القمة ليتوافقوا فيما بينهم لانهاء حربهم العبثية، ويعيدوا لسوريا أمنها واستقرارها، ويحفظوا وحدة ارضها وشعبها، ويضعوا معا صياغة لنظام سياسي ديمقراطي للجميع بلا إقصاء أو تهميش لأي طرف.

قمة عمان ... رهان أن تكون الحضن الذي يجمع الأشقاء العراقيين وان تنهي انقساماتهم الوهمية، «المذهبية والمناطقية»، فيضعوا أسسا للمصالحة تعيد للعراق مكانته وألقه ودوره الدائم كمركز إشعاع وظهير للعرب ولمستقبلهم.

قمة عمان ... رهان أن تتوج جهود الشقيقة مصر بإنهاء الحرب في ليبيا عبر توافق وطني يعيد لليبيا أمنها المفقود ووحدتها المهددة.

قمة عمان ... رهان أن تعيد لليمن وحدته وسلامة شعبه، ووقف تلك الحرب المدمرة، وجمع أطرافه المتحاربة عند نقطة وسطى تنهي المأساة اليمنية . ولنا أن نتذكر هنا الجهد الأردني النزيه في مطالع التسعينيات من أجل وحدة وامن واستقرار اليمن العربي "السعيد".

وأخيرا فان قمة عمان هي الرهان أن تعيد للقضية الفلسطينية مكانتها كأولوية عربية مركزية، وذلك بدعم الأشقاء في الداخل والسعي لإنهاء انقساماتهم غير المقبولة وغير المبررة، واتخاذ موقف عربي صارم بأدوات تنفيذية تجاه غطرسة إسرائيل خصوصا بعد انتخاب الرئيس ترامب الذي يبدو أن سياسته المعلنة تتماهى تماما مع السياسة الإسرائيلية. ذلك ان حل الدولتين أمر لن يأتي، ولن تصدع له اسرائيل، ولن توقف الاستيطان، ولن تتوقف عن تهويد القدس الا بمجابهة عربية جادة، يتم توظيف كل الإمكانات على اختلافها لتحقيق ذلك.

وبعد، وحتى تتحقق كل هذه التمنيات، ويبدأ الميزان يميل للصالح العربي فان ذلك يتطلب توجيها ملكيا للدبلوماسية الأردنية أن تنشط قبل انعقاد القمة، لتضع تصورات وأسسا إيجابية لكل هذه الملفات فتتحول في القمة إلى قرارات عربية.

نراهن على الدبلوماسية الأردنية بألّا تسمح أن تكون قمة عمان، قمة تقليدية رتيبة، اجتماعا من أجل الاجتماع لا غير.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...