الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

لجنة تحقيق للتطويق والتوفيق.. بلا تلفيق!

الكاتب: حسن البطل

أيام في مجرى الأسبوع، ستفرغ لجنة تحقيق أخرى، ثلاثية الأركان، من تقديم تقريرها ثلاثي الأركان، بيروقراطية القضاء في قضية الشهيد باسل الأعرج؛ عنف الشرطة في فضّ مظاهرة احتجاج؛ دور محتجين في هتافات الاستفزاز السياسية والأخلاقية.

ظاهرياً، يبدو تشكيل اللجنة متوازناً: لواء هو وكيل وزارة الداخلية، مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، نقيب المحامين.

هذه ليست أول لجنة تحقيق في صدام آخر بين جهاز مكافحة الشغب، وجانب من جمهور في مظاهرة احتجاج، فما سبقها من لجان تحقيق لم تحقق تعادلاً بين ثلاثة أركان: تلفيق، توفيق وتطويق.

في جذر المسألة أن الجمهور يتطلع ويريد من سلطته أن تكون حسنة الأداء في مهام دولة سيدة لمؤسساتها السياسية والأمنية والقضائية ـ القانونية.

لكن هذا التوازن في الأداء غير متحقق على الوجه الأمثل، لا في دول الجوار العربي، ولا في إسرائيل المدعية أنها ديمقراطية "فيللا في غابة" أو حتى دول عريقة في الديمقراطية.. مثل أميركا!

في السنوات الأولى من حقبة سلطوية فلسطينية، صرفت الدول المانحة أموالاً لإعداد وتدريب وبناء جهاز أمني وقضائي سلطوي فلسطيني يراعي تطبيق أجهزة الأمن لحقوق الإنسان، والجهاز القضائي للعدالة في أحكامه.

في الواقع، تحقق في البناء السلطوي ـ القضائي أمر واحد متحقق في الدول الأوروبية، وهو حظر إنزال عقوبة الإعدام في الجرائم الجنائية، وكذا في الجرائم السياسية ـ الوطنية، مثل العمالة الأمنية للاحتلال، أو سماسرة بيع وتسريب الأراضي لصالح الاستيطان اليهودي.

طيلة حكم الرئيس المؤسس صادق على أربعة ـ خمسة أحكام لتنفيذ عقوبة الإعدام، كلها أو معظمها تحت ضغط هياج الشارع.

في حكم الرئيس الثاني، الممأسس، لم يصدر ولم ينفذ حكم إعدام واحد، مع استثناء أحكام إعدام صدرت ونفذت من جانب سلطة "حماس" واعتبرت غير شرعية لأن الرئيس لم يصادق عليها.

حتى زمن "القضاء الثوري" لمنظمة التحرير، لما كانت في المنفى، كان تنفيذ عقوبة الإعدام أقل بكثير من سائر حركات التحرر الوطني.

إذا كان جهاز "الكفاح المسلح" لمنظمة التحرير هو بمثابة شرطة عسكرية للفصائل، وشرطة قضائية للجمهور، فلم يشهد حالات قمع لاحتجاجات الجمهور.

آنذاك، كانت "لجان تحقيق" لصدامات بين منتسبي الفصائل تنتهي أحكامها إلى التطويق والتوفيق.. وشيء كبير من التلفيق.

أذكر هياجاً شعبياً لبنانياً ضد المنظمة، والفدائيين والفلسطينيين، بعد حادثة اغتصاب نفذها فدائيون في فصيل جرت في جبال الشوف وكانت الضحية سيدة مجتمع لبنانية معروفة.
المجرم المغتصب لاقى مصرعه في اشتباك مع جهاز "الكفاح المسلح".

رجال الكفاح المسلح تحولوا، بعد أوسلو، إلى جنود قوات الأمن الوطني ورجال شرطة، وجهاز الأمن الفصائلي صار جهاز الأمن الوقائي لخريجي الانتفاضة الأولى.

الآن، لا يشكل العائدون، بعد أوسلو، سوى "أقلية في الجهاز الحكومي ـ السلطوي ـ الإداري، وكذا في ضباط الأمن الوطني، وكل جنوده، أيضاً، من أهل البلاد.

"القضاء الثوري" صار قضاءً مدنياً محلياً مثقلاً بإرث معقد من قوانين سابقة على تشكيل السلطة الوطنية، وتعامل مع قضية الشهيد باسل الأعرج وفق بيروقراطية فتح قضية سابقة وإغلاقها بعد استشهاده.

هذا لم يُرض الجمهور المحتج، وسلوكه في التجمهر وقطع الطريق، وبالذات صراخه وهتافاته الجارحة، سياسياً وأخلاقياً، التي استفزت رجال الشرطة، وتم فض الاحتجاج بالقوة، وتوقيف بعض المحتجين، وإطلاق سراحهم في اليوم ذاته.

في اليوم التالي، وبعد تشكيل لجنة تحقيق ثلاثية، لم يحصل احتكاك واشتباك في تجمهر ثانٍ وسط المدينة.. ومن قبل، في إضراب المعلمين الطويل.

لا بأس بمقارنة بين "ديمقراطية غابة البنادق" في بيروت، واحتجاجات الشعب وصداماته مع أجهزة السلطة.

كان هناك في كوادر ومقاتلي الفصائل من المثقفين من شكل جماعة "الرصيف" التي أصدرت نشرة صحافية ضد م.ت.ف وسياستها وإدارتها وأجهزتها، وكان نقدها جذرياً ولاذعاً وساخراً بأسلوب شعري وثقافي.. لكن، إبّان الاجتياح الإسرائيلي كان رجال "الرصيف" جنوداً بالسلاح والكلمة والصحافة دفاعاً عن م.ت.ف (مثال: علي فودة).

في تلك المرحلة لم تكن هناك إضرابات مطلبية أو احتجاجات جماهيرية.. ولا رجال حفظ النظام العام والقانون.. ولا محاكم مدنية مختلفة الدرجات، ولا هيئات حقوق المواطن، ولا فصل بين السلطات، ولا انتخابات تمثيلية للشعب.

نعم، كانت خلافات فصائلية لم توفر اتهامات الانحراف والتخوين ضد القيادة، وانشقاقات مسلحة وصدامات فصائلية مسلحة.

الآن، سلطة الثورة غير سلطة الشعب، وحكم شعب على أرض غير حكم لاجئين وثوار في المخيمات.
القضاء المصري هو الأعرق عربياً، لكن محاكمة الرئيس مبارك خلال سنوات، انتهت من الإدانة والتجريم في مسائل معينة إلى البراءة في مسائل معينة. هو ابن الجيش والجيش يحكم!

لا يستطيع الشرطي في السلطة الفلسطينية أن يتمتع بروح رياضية، كما في حالة "نطحة" اللاعب زين الدين زيدان لزميله في الفريق الآخر "سبّ أخته" وليس بأقذع، أخلاقياً وسياسياً، من سباب قسم من الجمهور للسلطة.

يمكن أن القضاء أظهر "بلادة" قانونية معينة، والشرطة أظهرت عنفاً في القمع، والجمهور أطلق سباباً قاسياً، سياسياً وأخلاقياً.

لكن، لجنة التحقيق الحالية لن تكون الأخيرة، لأن الثورة حديثة العهد بتقاليد السلطة المدنية؛ والشعب حديث العهد في العيش تحت ظل سلطة وطنية، ونأمل من لجنة التحقيق أن توازن بين التوفيق والتطويق، وأن تبتعد ما أمكن عن التلفيق.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...