الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:29 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الأردن .. والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية

الكاتب: ناجي صادق شراب

 

أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إتصاله الهاتفي مع الرئيس عباس ومن خلال مبعوثه الذي يزور المنطقة لأول مرة على أن المفاوضات المباشرة هي الخيار الأوحد أمام الفلسطينيين والإسرائيليين. وهو ما يتم العمل والتمهيد له.

الفلسطينيون في موقف قد لا يسمح لهم برفض المفاوضات ، وخصوصا أن هناك زيارة مرتقبة للرئيس عباس لواشنطن ،ولقاء الرئيس ألأمريكي ترامب، والتي قد تستأنف بعدها المفاوضات. المفاوضات هذه المرة لن تكون سهلة في ظل حكومة يمينية متشددة ترفض قيام الدولة الفلسطينية ، والتقيد بمرجعية تفاوضية ملزمة ، وفي ظل إدارة أمريكية جديدة أعطت تأييدها الكامل مسبقا للموقف الإسرائيلي ، بالتأكيد على عدم فرض أية حلول لا ترضى عنها إسرائيل، وقد تعقد في ظل مفهوم الصفقة الشاملة الذي يعني مطالبة الفلسطينيين بتقديم تنازلات مؤلمة .

في سياق هذه البيئة التفاوضية لا بد وان يراجع الفلسطينيون خياراتهم، وإستراتيجياتهم التفاوضية ، والوقوف على أسباب الفشل للمفاوضات السابقة . في سياق هذه المراجعة يبرز الدور الداعم والحاضن للأردن في أي مفاوضات قادمة.الأردن ليس مجرد نظام حكم، وليس مجرد دولة جارة عادية ، وليس مجرد ممر للفلسطينيين يدخلون ويخرجون منه للأراضي الفلسطينية ، وليست مجرد دولة حدود،أو دولة إقامة للفلسطينيين.

الأردن تحكمه بفلسطين معطيات ومحددات قوة تتجاوز العلاقات العادية والمتعارف عليها بين الدول. فالأردن دولة توافقية وله دور مهم ليس فقط في إطار العلاقات الفلسطينية ، بل في الإطار الأوسع والأشمل على مستوى المنظومة الإقليمية العربية ، وما يقوم به الأردن، الذي ستعقد القمة الثانية والأربعون على أرضه في ظل ظروف وتحديات عربية مصيرية في مقدمتها القضية الفلسطينية ، ومحاولة إستعادة العمق العربي لها. ألأردن يشكل عمقا تاريخيا وبشريا وأمنيا وإستراتيجيا لفلسطين. وترتبط أية مفاوضات وتداعياتها على الأردن . قضايا التفاوض الفلسطينية الإسرائيلية ترتبط مباشرة بالأردن دولة ومصلحة عليا، قضية اللاجئين وقضية القدس والدولة والحدود لا يمكن تصور حلول لها بدون الدور الأردني المباشر.

فالدور الأردني ليس مجرد وسيط ينقل وجهات نظر أو يقرب بينها ، وليست أرضه مجرد إحتضان للقاءات بين الفلسطينيين والإسرائيليين أو أطراف اخرى، بل إن الدور الأردني يتجاوز كل هذه الحدود ، ليصل إلى حد المساهمة المباشرة في الرؤى والإستراتيجيات التفاوضية التي ينتهجها المفاوض الفلسطيني ، ولا بد أن يكون للأردن رؤيته وتصوراته للحلول التفاوضية المطروحة ، وهو ما يعني انه لا يمكن للمفاوض الفلسطيني أن يبلور ويقترح الحلول بعيدا عن الدور الأردني.

والجانب الآخر للدور ألأردني وهو الأهم أن الأردن قد يشكل حلولا لبعض القضايا الشائكة كقضية القدس ، وقضية اللاجئين وقضية الحدود. فالأردن تحكم علاقاتها بإسرائيل معاهدة سلام تنظم الحدود، وتعالج الدور الأردني بالنسبة للقدس, بل إن هذه المعاهدة فعاليتها من عدمها تتوقف على المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية .ويمكن ان تشكل هذه المعاهدة نموذجا للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.

ولعل من اهم أبعاد الدور الأردني في أي مفاوضات قادمة رفض الأردن لأي حلول بديلة لحل الدولتين، مما لهذا الموقف من تأثير فعال على دعم الموقف الفلسطيني للدولة الفلسطينية ، ورفض فكرة الوطن البديل التي تروج لها إسرائيل، هذا الموقف الأردني كفيل بإفشال ما تسعى إسرائيل لفرضه بالقوة على الفلسطينيين.

ويمكن النظر للدور الأردني كطرف مؤثر على المستوى الإقليمي والدولي ،فالعلاقات التوافقية للأردن مع الدول العربية وخصوصا مصر والسعودية ودول الخليج العربي يمكن أن توفر غطاءً عربيا داعما للمفاوض الفلسطيني ، وان يلعب الأردن دورا توافقيا وتصالحيا في العلاقات الفلسطينية العربية كما رأينا إستعادة العلاقات المصرية الفلسطينية. وعلى المستوى الدولي رأينا الدور الذي يقوم به الأردن في علاقاته مع الولايات المتحدة واروبا ، وكيف كان للدور الأردني تأثيره في إقناع إدارة الرئيس ألأمريكي ترامب تأجيل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وكيف ساهم في فتح نافذة علاقات مع الفلسطينيين بالإتصال الهاتفي بين الرئيس الأمريكي والرئيس محمود عباس، والتمهيد الرئيس الأخير للبيت الأبيض. وللدور الأردني جانب مهم يتعلق بجوهر العملية التفاوضية ذاتها ، من حيث توفير عوامل نجاحها ،أو توفير العوامل أو البيئة لعملية مفاوضات متوازنه تقوم على مفهوم المصالح المشتركة بدلا من قاعدة القوة التي تمارسها إسرائيل على المفاوض الفلسطيني ، وفي هذا السياق يمكن ان يوفر الدور الأردني مقومات نجاح المفاوضات مثل قاعدة الندية والتكافؤ والشرعية والمرجعية للمفاوضات وهي التي كانت سببا في فشل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ، ليس معنى هذا تدخلا مباشرا أو القيام بالدور البديل للمفاوض الفلسطيني ، ولكنها إستراتيجية التفاوض بلسانين وعينين وأذنين،يوفرهما الأردن للمفاوض الفلسطيني.

وهو ما يعني عين وأذن للمفاوض الفلسطيني مع الأردن وهو يفاوض إسرائيل، وهذا ما يمنحه الدعم. والدور الأردني هنا ليس بعيدا أو منفصلا عن الدور العربي المصري والسعودي والخليجي الداعم للمفاوض الفلسطيني، وهو شرط مسبق وضروري للذهاب للمفاوضات في مرحلة من أصعب مراحل التفاوض، لأنها مرحلة مطالبة الفلسطينيين بتقديم التنازلات وهنا يبرز مفهوم جديد أو إستراتيجية جديد للحيلولة للتنازلات ، بربطها بالموقف العربي ، فالتنازلات لا بد وان تمس الأردن كدولة وتمس أمن الدول العربية الأخرى ، ولذلك الربط بين التنازلات التي يطالب بها المفاوض الفلسطيني والموقف الأردني والعربي كفيلة أن تفشل كل محاولات إسرائيل والإدارة ألأمريكية ، وتحقق قدرا من التوازن لأي مفاوضات قادمة.وهو ما قد يفسر لنا الدور الأردني كدور ضاغط على الجانب الإسرائيلي .

ويوصف هذا الدور الذي يمكن أن تقوم به الأردن بالدور التكاملي والمتمم للدور الفلسطيني ، فهو دور يواكب كل مراحل العملية التفاوضية من مرحلة التفاوض وتهيئة البيئة التفاوضية المتوازنة ، لمرحلة التفاوض وتقديم الحلول الإبداعية ألمساعدة، وفي مرحلة الإتفاق بالدور الأردني الضامن والحاضن وفي مرحلة ما بعد التفاوض والتي تحتاج لدور أردني أكبر في مرحلة قيام الدولة ، ومرحلة التنفيذ لما يمكن ان يتم الإتفاق عليه، فلا تنفيذ لأي إلتزامات تفاوضية بدون الدور الأردنى ، وهذا يحتاج لمقالة أخرى تتناول الدور الأردني في مرحلة ما بعد التفاوض.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...