الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:29 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

هل الأسرى في سجونهم اكثر حرية منا في بيوتنا؟

الكاتب: حمدي فراج

يدخل الأسرى أسبوعهم الثاني في إضرابهم المفتوح عن الطعام ، وهو الأسبوع الحاسم في موضوع تكييف المعدة مع واقع تجويعها ومنع اي مضغة طعام من الوصول اليها ، الامر الذي يمنع الاطباء في حال فك الاضراب من العودة الى الطعام الا ضمن برنامج دقيق يتم مراقبته بشدة .

يتداخل بالطبع مع اسبوع تكييف المعدة بواقعها التجويعي الجديد ، موضوع الارادة والتصميم ، ومصدره بالطبع دماغ الانسان ، وهو في موضوع الاسير المناضل يكتنز تاريخا طويلا من الصراع مع السجان ومن يمثل وماذا يمثل ، ليشمل ايضا تطلعات وأمان في ظروف سجنية انسانية افضل ، ينفع معها التطلع نحو الانعتاق و الحرية .

ولطالما ان الاسرى قرروا خوض معركتهم بشكل جماعي ، وناهز تعدادهم الالف وخمسمائة اسير ، موزعين على جغرافية السجون وعلى خريطة الفصائل ، فإن هذا أدعى لأن تتجاوز تطلعات جوعهم حدود السجن والقضبان ، كأن تلامس امنيات الشعب في التوحد ، شرط الانتصار الاول في معركة التحرر من نير هذا الاحتلال ، بل وان تلامس امنيات الامة في وقف اقتتالاتها الذاتية المخزية والتي أزهقت مئات الاف ارواح ابنائها واهدرت طاقاتها ودمرت مقدراتها .

في رواية "العمى" للكاتب البرتغالي الحائز على جائزة نوبل جوزيه ساراماغو ، يفقد سائق السيارة بصره اثناء توقفه عند الاشارة الضوئية ، ويأخذ بقية السائقين باطلاق ابواقهم والصراخ عليه وتوجيه الشتائم له ان ينطلق ، ولكنه يؤشر لهم على عينيه انه اعمى ولا يرى ، فيقترب احدهم منه ويتطوع لقيادته وسيارته الى منزله بعد ان ذكر له عنوانه ، لم تكن زوجته قد عادت من عملها ، ولدى عودتها ظنت انه يمازحها كعادته ، لم تصدق انه عمي ، فأخذته الى طبيب العيون بسيارة اجرة بعد ان فهمت ان المتطوع سرق السيارة ، في العيادة كان هناك حوالي عشرة مرضى مراجعين ، لكن الطبيب آثر ان يفحص هذه الحالة الغريبة ، واكتشف انها غريبة كون الاعمى يرى خلفية بيضاء بدلا من السوداء الدارجة ، وفي الليل قرر ان يعود لمراجعه الطبية لكنه قبل الذهاب الى النوم كان قد عمي ايضا ، وكذلك الزوجة والمتطوع سارق السيارة وجميع المراجعين في العيادة ، تم وضعهم في منشأة حظر صحي ، بعد اكتشاف ان هذا وباء معدي ، وخلال ايام بلغ عدد العميان حوالي ثلاثمائة ، لم يعد لهم من هم الا تناول الطعام وافرازه ، وتحولت المنشأة الى مكان قذر ، حيث يبرزون في اي مكان ، معتقدين ان احدا لا يرى احدا ، وتنجح مجموعة من العميان بان تضع يدها على الطعام فتبدأ بمقايضته بالمال ثم بالمتاع ثم بالنساء ، ويرضخ الازواج للمقايضة بعد لأي، ولكن جوع الامعاء يتفوق على روح الاباء والشرف والكرامة ، وحين تنجح زوجة الطبيب في احراق عنبر التحكم ، وجدت ان الحراسة المشددة قد اختفت ، لكن العميان رفضوا الخروج بشدة ، وقالوا ان المنشأة افضل مكان لهم ، يأكلون فيها بدون تعب ويبرزون في كل مكان ، وحين خرجت زوجة الطبيب ومعها زوجها ، اكتشفت ان جميع سكان المدينة قد اصابهم العمى ، وأتوا على كل مخازن الاغذية فيها وامتلأت بدورها شوارعها بالبراز والقاذورات .

متى ندرك أن الاسرى المضربين عن الطعام في سجونهم ، اكثر حرية منا ونحن في بيوتنا؟!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...