الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

طوشة كل يوم بين المحسوم والمحسوم

الكاتب: فضل سليمان


ما ان اقفل جهاز نقاله، وقد احمر وجهه، وتشدقت اوداجه، وصرخ صرخة مدوية (يا باطل) ترددت بين التلال موجات صداها، الا ان فز واقفا كالاسد الجسور، واستل البلطة من مخزنهم العتيق، وقفز كلمح البرق، وكلها دقائق، كانت اصوات الحناجر الرجالية الغاضبة، وزعيق وعويل الحناجر النسوية المولولة، تسمع من كل بيوت القرية (الوادعة) وجاءت الاخبار العاجلة تباعا ، " انقتل محمود، وابو حسين حالته مخطرة ،،،، ليس شو في؟ ما حدش عارف بس بيقولوا انه محمد(16عام ) ضارب خليل(13 عام) ابن عايشة كف على وجهه.

رائحة الدماء تفوح في القرية ( الوادعة) وطغت على رائحة الزعتر والنعنع والياسمين.

تحاول رايه معرفة كيف وبماذ يفكر القاريء وما هو رايه باكثر الحوادث التي تجري اثارة ، لتعود اثر ذلك بالتحليل للاارء والتوجهات استنادا الى المرجعيات العلمية والقانونية والتشريعية الناظمة لحركة الافراد  والمجموعات، علنا بذلك نسهم ولو بقليل من انارة هذه العتمة.

لذا سالت رايه مرتادي موقعها الالكتروني السؤال التالي، برايك ما هي اسباب الشجارات العائلية القاتلة في انحاء الضفة مؤخرا، وكانت اجاباتهم كالتالي:  51%  منهم قالوا لعدم وجود السيطرة الامنية بالشكل المطلوب،  اما من ارجعو السبب لغياب القوانين الرادعة  فكانت نسبتهم  34%،  في حين اختار 13% منهم (انتشار الاسلحة النارية)  ولم يختر (تقييد الاحتلال لحركة قوى الامن) سوى 2% من الذين استجابو للاستطلاع.

هذه المقالة التحليلية هي محاولة لفهم دوافع واسباب الشجارات

يخضع جسم الإنسان لعمليتين أساسيتين, هما عملية الهدم والبناء وهذا لا يقتصر على الجسم فقط, ولكن يشمل حياة الفرد النفسية وعلاقته الاجتماعية, فقد نجد الكثير من مظاهر العطاء والبدل للآخرين من جهة ومظاهر الانتقامية من جهة أخرى...وقد تكون هذه الأخيرة رواسب شخصية، قد تكون ردود فعل انتقامية مؤجلة قد ترسبت في اللاشعور الفردي والجمعي عندما لم تتوفر لها فرص التعبير عن نفسها...خصوصًا في مجتمعنا الفلسطيني الذي كان ولازال يواجه أعتى قوة ظلم واحتلال، فنراه ياخذ ارضنا وزرعنا ومالنا وشبابنا دون مقدرة فعلية على وقفه، ما شكل كم كبير من الغضب المحبوس والكراهية والطاقات الانتقامية تم كبتها وعدم استخدامها لوجود معيقات مادية وسياسية واجتماعية.

ما هو انتماؤك الحقيقي؟

التعصب، لم يستطع الكل الفلسطيني المحافظة على انتماءاته للدوائر الاوسع كالعروبة او الشعب الفلسطيني لاسباب سياسية امنية اجتماعية نفسية مختلفة، لذا لجا في حالات مختلفة للبحث عن دوائر اضيق توفر له الاحساس بالانتماء وتساعده على الشعور بالامان، فمنهم من انتمى للحزب او الفصيل ولكن الاكثرية لجات الى العشيرة والعائلة، وقد ساعد على هذا التشرذم ضياع فكرة المواطنة، وخفوت اثر سيادة القانون، وحقوق الفرد، كما ان الانقسام الفلسطيني كان له الاثر الاكبر في ذلك.

ان التعصب هو نسق من الادركات والتوجهات السلوكية السلبية المتصلة بأعضاء جماعة معينة, ويتضمن ميل المتعصب إلى الايذاء أكثر من المساعدة, ويظهر هذا للمتفحص لبعض العائلات في مجتمعنا والتي لديهما نظرة تعصبية ترفع من قدرها ومن قدر أفرادها بين أنفسهم, وتنظر للعائلات الأخرى نظرة استعلاء, وأنها دونهم في المكانة, هذا يزيد من الكراهية بين العائلات ويسهم في الوصول إلى درجة التعبير بالعنف والعدوان الجسماني.

هذه بعض الديناميات النفسية الكامنة وراء حدوث المشكلات العائلية بين أفراد هذا الشعب، ووراء استمرارية هذه المشاكل بعد حدوثها والتي تفسر أيضاً عدم قبول الأطراف للصلح والتسامح بسهولة.

وتسهم الأفكار المسبقة السلبية في عدم التسامح مع أي أحداث تقع بين العائلات وقد تكون بسيطة في بدايتها... ثم تكبر شيئاً فشيئاً, حتى تؤدي إلى القتل واستخدام الأسلحة النارية, مما يزيد دائرة العنف والاقتتال حتى تشمل جميع أفراد العائلة.

غضب وكراهية محبوسة

وليس الكبت إلا واحد من الديناميات التي تظهر بصورة فاعلة في الظروف التي تنطوي على الخطر أو توقع الخطر حيث تهب الشخصية للدفاع عما يهدد الذات وهي ليست خاصة بأناس دون آخرين ولكنها عامة في شكلها السوي. ولكن قد تصاب بالتطرف فتاخذ شكلاً من الانحراف، لينطلق الفرد ليشارك في العدوان والانتقام ولا يأبه للاخرين ولا القانون.. وقد يقع في دائرة الظلم غير مبال بعقاب.

ينشأ الكبت لدى الأفراد نتيجة لصراعات متعارضة موجودة لدى الفرد، تبقى هذه المكبوتات نائمة تنتهز الفرصة للظهور والتعبير في مناحي الحياة المختلفة, فأفراد المجتمع الفلسطيني عانوا عبر أجيال عديدة من طردهم من ديارهم ومن حروب واعتداءات متكررة ذاق فيها الفلسطينيين جميع أنواع المعاناة, كهدم البيوت على مرأى من أصحابها, واهانة الفلسطيني أمام زوجته اوأطفاله او اهله وإخوانه، وقتل الاب او الاخ او الابن على مراى من ذويه.

ما بيقدر على الحمار بيعض البرذعه

وتتعامل الشخصية احيانا مع ما كبت من مشاعر وطاقة بالازاحة التي هي وسيلة نفسية تشير إلى إمكان انتقال أو تحويل الشحنات النفسية من الاسباب التي اقترنت بها إلى أفكار أخرى، فهو يندفع نحو إطلاق التوتر, ولكن مصدر التوتر خطر وهو أكثر منه قوة, فيتحول إلى مصدر آخر أقل خطراً أو مقاومة.

وتظهر دينامية الإزاحة في المشكلات العائلية بناءاً على الكبت السابق حيث تنطلق شحنات الكراهية والانتقام والعدوان بين أبناء الشعب الواحد والتي كان من الطبيعي أن توجه كلها نحو الاحتلال, الذي يشكل تهديداً مؤلماً للجميع, ولكن مواجهته تنطوي على خطر كبير, لذا توجه نحو هدف بديل أسهل وهم أبناء الشعب الواحد.

ربما احد الفاشلين

وعلى صعيد الفرد فقد يلقى أحدهم نفسه في المشاكل العائلية لأنه فشل في حل مشاكله في العمل أو التجارة أو مع أولاده وزوجته... فيزيح طاقته المتفجرة, لتظهر واضحة (في الطوش والشجارات) تخفيفاً لمعاناته المستمرة, فتجده اول من يصرخ لتأجيج نار العدوان ضد ابناء العائلة الاخرى تحت مبررات مختلفة, فيؤثر على الشباب المندفعين, ويحثهم على العدوان والانتقام.

وتجد القدرة على التبرير (التسويغ)، حيث يقوم الفرد بتفسير سلوكياته بأسباب تبدو معقولة ومقبولة, بينما الأسباب الحقيقيةهي  انفعالية محض، والاعتراف بها يهدد الذات أمام الآخرين والذات هنا تكون في حالة دفاعية, فهي ترغب في أن تكون مطمئنة وبعيدة عن الصراعات الداخلية المؤلمة".
التبرير لتزين قبح الأعمال والأفعال لتظهر مقبولة لدينا ولدى الآخرين ولا نجعل لتأنيب الضمير فسحه لكي يضايقنا ويزعجنا، لذا تسمع مثل هذه المبررات لممارسة العداونية (العائلة الأخرى مجموعة من المجرمين. -إنهم لا يعرفون الله. - العين بالعين والسن بالسن. -لازم يعرفوا وقعوا مع مين. -الناس ما بيحترمو إلا القوي.- الشباب دمهم حامي. -" لدينا شباب طائشين وعنيفين". - الناس سيقولون عنا جبناء. -إطلاق النار, كان دفاعاً عن النفس. كل الناس عندهم سلاح - لازم تاخد حقك بإيدك, السلطة مابتنفعك. - كنا سنسكت لكن ماذا يقول الناس عنا.
        
ويتضمن الصراع لدى الفرد المشارك في الشجار في الأصل وجود دافعين لا يمكن تلبيتهما في وقت واحد, " والصراع قد يكون خارجياً, أي بسبب عوامل مفروضة على الشخصية من الخارج, وقد يكون داخلياً أي مصدره تعارض بين أجهزة الشخصية كالأنا الدنيا والضمير".

بعض أشكال الصراع النفسي قد تظهر في المشكلات العائلية على النحو التالي:

صراع بين رغبات الانتقام والعدوان وبين قوى الخير داخله او الخوف من العقاب، وهناك صراع بين الإستمرار في القتال وآلامه وخسائره, والخوف مما سيقوله الناس عن العائلة واتهامها بالجبن والخوار. وايضا صراع بين إضهار الشجاعة وعدم التواني في المشاركة في الاقتتال وبين الخوف على النفس وعلى الأبناء والممتلكات.

صراع بين قول الحق او الوقوف مع الحق وبين غضب أفراد العائلة على ومقاطعتهم له, وصراع بين حب الفرد لبعض أفراد العائلة الأخرى وعلاقاته الطيبة بهم وربما القرابة كالأخوال والنسب عموماً وبين حب الانتقام بسب القتال الدائر.

ويتعبر التعويض وسيلة يعبر من خلالها الفرد المشارك بالشجارات عن مجموعة ردود فعل يكون القصد منها ظهور الفرد بصفة ما  بغية تغطية صفة أخرى أو إخفاء ضعف واقعي أو متخيل, كان يتباهى بعض الأفراد في العائلات بعدد الشباب فيها وعدد قطع السلاح التي حملونها ويقارنونهم بعائلات أخرى قد تكون سبقتهم في مضمار آخر كتعليم أبنائهم أو تبوئهم مراكز مرموقة في السلطة, أو نجاحهم في أعمال وصناعة وتجارة في مجالات معينة, وقد يعوض بعض كبار العائلات مشاعر النقص لديهم بتأجيج بعض الصراعات مع الآخرين, فيشعرون بمكانتهم العالية عند حضور لجان الإصلاح.
ولكننا نعود للقول بان الفرد اذا عرف ان هناك عقابا لقيامه بمسلك منحرف سيعيد حساباته بشكل يؤثر ويغير دوافعه النفسية، ويجعله يلجا في حل صراعاته الى القانون ومنفذيه، وما نريده جميعا، هو ان اللجوء الى القانون ومنفذيه قيمة بحد ذاتها يتباهى الفرد بها، ولكن ومن اجل ذلك، على القانون وجهات انفاذه تحديدا ان يتنزهوا عن دوافعهم الشخصية، ويطبقوا القانون بعدالة وانصاف على الجميع بسواء، من اجل استعادة ثقة المواطن الفلسطيني بفكرة النظام وسيادة القانون على الجميع.

لكن فهم رجال الشرطة ورجال القانون للعمليات الديناميات النفسية قد تسهم في أثراء قدرتهم على التعامل مع الأشخاص المتنازعين.
على المتخصصين من النفسين والاجتماعين الادلاء بدلوهم في أحداث المجتمع والقيام بدور مساند لرجال الشرطة والإصلاح والإعلام, فعلم النفس ليس للجامعة فقط، فالازمة التي نعيشها بنيوية قيمية بامتياز تهدد جذورنا وامكانيات بقاءنا.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...