الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:29 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

رسالة القمة ... لبنان في خطر وجودي

الكاتب: عبير بشير

انعقدت القمة العربية التنموية والاقتصادية في بيروت بلا رؤساء وزعماء الدول العربية، باستثناء، أمير قطر، ورئيس موريتانيا – ومني لبنان بانتكاسة جماعية من جراء هذا التمثيل الهزيل.

ولم يكن لبنان بحاجة إلى اختبار جديد ليكشف عن هشاشة نظامه، وسوء الوضع الذي أصبح عليه، وحجم الأزمة التي باتت تخنقه.

وفشل هذه القمة، ليس فقط بسبب تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية لأكثر من ثمانية أشهر، أو بسبب إمكانات وقدرات اقتصادية ولوجستية ضعيفة، بل كانت مؤشرات هذا الفشل تلوح في الأفق، بسبب صدامات ومقايضات فوق الطاولة وتحتها، دارت رحاها ما بين بعبدا وعين التينة والضاحية من جهة وبين طهران من جهة أخرى.

وهناك من عمل بشكل دؤوب من أجل ضرب استضافة لبنان للقمة العربية الاقتصادية، وإظهاره بمظهر القاصر، والذي يحتاج دائما إلى مجلس وصاية لإدارة شؤونه. وفي لبنان هناك من عمل على إفشال القمة طالما ان النظام السوري ما زال مستبعداً عن العمل العربي المشترك، وحجة هذا الفريق انه ما حاجة العمل العربي المشترك، في الاقتصاد، إن لم تقرن بالعمل على إعادة إعمار سورية، وإعادة تبييض صفحة النظام السوري وإعادة إدماجه في «العروبة الرسمية».

ثم إن الضجيج الذي أحاط بدعوة ليبيا إلى القمة الاقتصادية في بيروت، والحدة التي اتسم بها رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالشكل والمضمون، مشاركة ليبيا في القمة غير مفهوم، لا سيما أنه سبق لليبيا أن شاركت في قمة بيروت 2002، وأن نظام معمر القذافي الذي يحمله الشيعة في لبنان مسؤولية اختفاء الإمام موسى الصدر منذ 40 عاماً لم يعد موجوداً. الأمر يتخطى قضية الإمام الصدر، والمشكلة ليست في مشاركة ليبيا إنما في غياب سورية. والذي وصل إلى حد أن ميليشيا حركة أمل، نزلت إلى الواجهة البحرية لبيروت التي ينعقد فيها المؤتمر، وأزالت العلم الوطني الليبي، ووضعت مكانه علم حركة أمل.

حتى المواقف التي تعزو فشل تأليف الحكومة إلى خلاف على وزير من هنا أو هناك، انكفأت، لتطفو على السطح الأسباب الحقيقية والمرتبطة بسعي المحور المؤيد لـ«حزب الله» إلى تعديل الصيغة اللبنانية وإدخال تغييرات في بنية النظام السياسي.

وبدا أن الكلام الذي بقي خافتاً حول هذا الموضوع، يظهر إلى العلن، وبدأ الحديث عن الحاجة إلى الاحتكام إلى مؤتمر تأسيسي يعيد توزيع السلطة والصلاحيات بما يتلاءم مع الوقائع على الأرض على المستوى المحلي، تعززه التطورات الإقليمية أهمها الانتصار الذي يبدو أن ما يسمى محور المقاومة حققه في سورية بخاصة.

وقد بدأت بكركي تشتم رائحة الانقلاب على النظام ومحاولة فرض إرادة وواقع جديدين. لذلك جاءت دعوة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى عقد لقاء ماروني يجمع «القادة» الموارنة، للبحث في تداعيات التأخير في تأليف الحكومة، وأثرها السيئ على العهد.

وقد نقل زوار البطريرك كلاماً مفاده ان التعطيل المقصود حالياً يهدف الى بلوغ مرحلة الاستسلام للواقع، وان ثمة رغبة شيعية في تكريس «انتصار محور المقاومة» بشكل دستوري فتتم صياغة نصوص جديدة اكثر مذهبية، بل تكرس حقوقاً ثابتة للطائفة الشيعية، كما سمع البطريرك عن شرط مقبل للموافقة على تخلّي «حزب الله» عن سلاحه، يقضي بإعطاء الشيعة قيادة الجيش فتأمن الطائفة لأمنها.

ويثير بعض المنظرين تخوفهم من ان يوافق رئيس الجمهورية على بعض الطروحات شرط ضمان انتخاب صهره الوزير جبران باسيل رئيساً من بعده.

ولا شك أن هناك تخوفاً مسيحياً أصبح ظاهراً للعيان، على المناصفة، واتفاق الطائف. وهناك من يقول للمسيحيين من الطائفة الشيعية، إنه عليهم السير بالأمر الواقع، كي لا يضطروا يوماً للرضوخ إلى أطروحة المثالثة. ولهم بالمقابل ما يريدونه من مطالب سلطوية، من رئاسة الجمهورية إلى تعزيز الحضور في بنية الدولة إدارياً وسياسياً. لكن، بشرط التنازل عن جوهر الموقف السياسي والتوجهات السياسية. الآن، بعد وصول «الرئيس القوي» إلى بعبدا لم يعد بإمكان المسيحيين التنحي جانباً عن الوجهة السياسية الأساسية للبنان. ولذلك، تصطدم آمالهم بطريقة إدارة «حزب الله» للبلد.

هناك حلفاء لسورية في لبنان، وهناك حلفاء للسعودية في لبنان، وهناك حلفاء لإيران في لبنان، ولكن هل هناك من يسأل: أين هم حلفاء لبنان في لبنان..؟ وأين هي هوية لبنان التاريخية التي تعكس كيانه الروحي العريق، كما جاء على لسان البطريرك بشارة الراعي في لقاء بكركي النيابي الماروني، أو قوله، ليس لاحد أن يصنع للبنان هوية جديدة مغايرة لحقيقته.

أنتجت مرحلة «المارونية السياسية» مفكرين وسياسيين غير عاديين، موارنة وغير موارنة، مثل ميشال شيحا وشارل مالك، وفؤاد إفرام البستاني، غيرهم. استطاع مفكر بوزن شارل مالك أن يُلهم الرئيس كميل شمعون، بفلسفته ورؤيته، وإلى حدود تعيينه وزيرا للخارجية.

وأنتج المسيحيون اللبنانيون فكرتين غير مسبوقتين: العروبة مقابل العثمانية، ثم الوطنية اللبنانية مقابل العروبة. غير أن الموارنة الحاليين يرفضون الاعتراف بأنهم ورثة غير ناجحين لأسلافهم الموارنة الناجحين الذين أسسوا لبنان الحديث، رغم أخطاء المارونية.

هناك من لا يزال يحمل هؤلاء المؤسسين الأوائل، والنظام الذي أرسوه، مسؤولية الانهيار العميم الحاصل حتى الآن. يرفض خلفاء «المارونية السياسية»، التي انتهت في العام 1975، من مسلمين ومسيحيين، الاعتراف بأنهم هم من أوصل البلاد إلى المأزق السياسي والاقتصادي عبر ممارساتهم التي قضت على إرث وإنجازات الأوائل الذين أسسوا أول دولة ديمقراطية تعددية في الشرق الأوسط.

وسبق لميشيل شيحا، وهو أحد صانعي الدستور، الذي يطلق عليه لقب «أبو اللبنانية»، أن قال إن ما يثقل على لبنان ويحدد طبيعته، نوعان من الضغوط، تلك التي تفرضها الطبيعة الجغرافية لأنه محصور بين جبل شامخ وساحل ضيق ما يجعل من اللبناني يقبل على المخاطرة؛ وتلك الخارجية التي يمارسها المحيط الذي يتواجد فيه. لقد عانينا طويلا من جور الجيرة، أعداء – إسرائيل - وأشقاء - سورية. لكن أن يصل الأمر بلبنان لأن يكون رهينة لإيران! الدولة التي تبعد عن حدودنا آلاف الأميال! اعتقد أن هذا ما كان ليخطر ببال شيحا.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...