الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

فرانكو ينبعث من جديد، ولكن بدون روح

الكاتب: د. موسى عليان

عندما وصلت الى اسبانيا للدراسة (بداية السبعينات) كان رئيس الدولة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو Franco Francisco حيا يرزق ولكن في اخر عهده... كان هرما وعحوزا الا ان الجميع كان يهابه ويخشاه، فقد حكم اسبانيا بالدم والنار. بل اتذكر انه عندما كان يلقي خطابا كانت حبال صوته رخوة لدرجة ان صوته كان يرتجف، ولكن مع ارتجاف صوته كانت ترتجف اسبانيا هلعا من عساكره وقوات امنه. وفي اخر سنتين من حكمه (توفي عام ١٩٧٥) كان ضعيفا لدرجة ان جسده كان موصولا باجهزة طبية حديثة تبقيه على قيد الحياة، ولكن رغم ذلك كان "يحكم" بصرامة... وهذا ما يذكرني تماما بزعماء عرب على شاكلته!..

وبعد وفاته تنفس الاسبان الصعداء وبدأوا مرحلة صعبة لبناء اسبانيا جديدة ومختلفة تماما، فكانوا يكافحون -ولا زالوا- على مختلف الاصعدة: سياسيا واقتصاديا واجتماعيا...الخ. وكانت المشكلة الاولى التي اعترضت النظام الديمقراطي الجديد هي كيف يخلصوا عقول الاسبان من التراث الفكري والديني المتزمت والعث الذي الصق بهم طيلة اكثر من ٤٠ عاما من حكم الكنيسة والعسكر الذين تحالفا معهم واغلقوا عقول ووقلوب الشعب.

ومن اهم مظاهر ذلك الحكم الاستبدادي وضع المرأة، لقد كانت مهانة وغير واثقة من نفسها وتتلفع بالسواد، بسبب الكبت والتميز، حتى انهم يوعزون لها ان الكثير من اعضاء جسدها عورة.

ولحسن حظ اسبانيا انهم وجدوا الدعم من الاتحاد الاوروبي فنقلهم دفعة واحدة من العصور الوسطى لعالم حديث، ولولا ذلك لما استطاع بلدهم ان يقفز هذه القفزات النوعية وفي وقت قصير.

المشكلة الكأداء الثانية تمثلت في الفساد، حيث ان المحسوبية والواسطة والرشوة... الخ كانت تعشعش-ولا تزال ولكن بمستوى اقل- على مختلف المستويات فتخنق اي عملية تطور..

المشكلة الكأداء الثالثة تمثلت في مركزية اسبانيا، فالعاصمة مدريد هي الكل في الكل في الحكم، فكانت تكبت جميع تطلعات الاقاليم بل تقزمها، وعندما جاءت الديمقراطية اعترفت بها جميعا وشجعتها على احياء شخصيتها القومية، فمنحت اقاليم الباسك وكاتالونيا والاندلس وفالنسيا.... وغيرها حكما ذاتيا موسعا، ولبت معظم مطالبهم، بالرغم من معارضة العهد القديم.

المشكلة الان هي ان بعض هذه الاقاليم تطالب بالاستقلال، وهذا يشكل خطا احمرا لمعظم الاسبان لأنه يعرض دولة اسبانيا لخطر الانفراط، فهي مكونة من شعوب متباينة، ولشد ما يخشونه ان يبلقنوا (بلقان)  بلدهم ليصبح مثل يوغسلافيا.

وهنا وجد اليمين، وخاصة المتطرف VOX الفرصة سانحة ليصيح بملء فمه انظروا الى هؤلاء الذين يعرضون اسبانيا لخطر الاندثار باسم الحرية والديمقراطية، انهم يهددون اسس دولة اسبانيا. ووجد صياحهم صدى في الشارع وبات وصولهم للحكم محتملا في الانتخابات المقبلة التي ستجري هذا العام.

الا ان الاحزاب الاشنراكية واليسارية قبلت هذا التحدي من خلال التأكيد على خطها الديمقراطي مهما كلف الثمن، فلا يصح الا الصحيح. ومضوا في ترسيخ طريقهم من خلال القضاء على اخر رموز اليمين. 

وهذا الرمز يتمثل في رأس اليمين: جسد وجثمان الديكتاتور فرانكو الذي دفن في الضريح او المجمع الصخم الذي بني خصيصا ويدعى El escorial... الحكومة الان تصر على نقل جثمانه بعيدا الى اي مقبرة عادية يختارها ذويه، ومن ثم تخصيص الضريح ليصبح منتزها عموميا.

ومنحت الحكومة ذوي الديكتاتور مهلة اسبوعين كي يحددوا مكانا لدفنه، والا ستختار الحكومة مكانا له.

اذن قريبا سيخرج فرانكو من قبره وسيخرج ملايين الاسبان، ليس احتجاجا على نقل رفاته بل خوفا من ضياع المكتسبات التي حققتها الديمقراطية، وهنا سيستغل اليمين هذا الخوف ليكسبوا ملايين الاصوات. ولكن مهما كان الامر فان الحقبة الفرانكوية لم يعد لها روح ابدا، فالاسبان وان خافوا لن يعودوا للوراء ابدا.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...