الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:09 AM
الظهر 11:44 AM
العصر 3:15 PM
المغرب 6:02 PM
العشاء 7:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الكورونا ونظرية المؤامرة ...

الكاتب: د. دلال عريقات

 

ما نشهده اليوم من ڤيروس الكورونا هو بمثابة حرب عالمية ثالثة، حرب نفسية لا تكتفي بالتعدي على حدود الدول ومصادرة الأراضي ونهب الخيرات، عقيدة الصدمة التي لا تهدف لتغيير منظومة فكرية او ايديولوجيات سائدة إنما هي حرب القرن الواحد والعشرين التي لا ترحم أنفاسنا مهما كنا، وأينما كنا.

في ظل التصدي لهذا الوباء العالمي الخطير الذي لا يميز بين لون او عرق او دين لدرجة انه بدا عادلاً في عيون الكثيرين. وفي ظل الخوف والهلع والتخطيط وانشغال الحكومات والعلماء، ظهر أتباع نظرية المؤامرة مع تفشي أول حالات ڤايروس الكوفيد-١٩ في الصين وإيران، وربطوا ظهور الكورونا بأسباب لها علاقة بالمنافسة السياسية بين الولايات المتحدة وإيران أو المنافسة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، او حتى وصل البعض للاعتقاد بأن أوروبا تريد ان تتخلص من كبار السن أو حتى للتخلص من الفقراء!

أتباع نظرية المؤامرة يعتقدون أن الڤيروس هو سلاح بيولوجي أنتج في مختبرات أمريكية او صينية لإعلان الحرب النفسية والاقتصادية. والبعض يعتقد أن دولا كبرى تعاونت لتركيب الڤيروس من أجل تحقيق أرباح من بيع مستلزمات الوقاية/التعقيم الصحية وصولاً لإنتاج واحتكار بيع المطاعيم المضادة بهدف تحقيق الأرباح. وصل الحد بأصحاب نظرية المؤامرة للرجوع لأفلام ولنصوص قديمة أدبية لإيجاد ما يمكن أن يدعم افكارهم. هناك من تداول صور وآيات قرآنية تدلل على الڤيروس وتفاصيله، ولقد تم تداول رواية أمريكية ظهرت عام 1981 للكاتب دين كونتز حيث وجدوا جملة تتحدث عن اختلاق ڤيروس قاتل أعطته الرواية اسم (ووهان 400) ليقول إن الڤيروس كان في تفكير الأميركيين منذ زمن بعيد. أو حتى وصل البعض للشك بِما شاهدوه من تفاصيل دقيقة في الأفلام الشهيرة مثل (كونتاجيان، Contagion) او (فلو Flu).

نظرية المؤامرة، أعزائي القراء هي المكافئ للكسل العقلي. فالإنسان الذي يؤمن بنظرية المؤامرة، لا يحتاج إلى التحري والبحث أو التحليل أو الحصول على معلومات جديدة أو حتى العمل والاجتهاد لمواجهة ما يمر به. الإنسان الذي يؤمن بنظرية المؤامرة، عند مواجهة أي قضية نراه يكتفي بالحديث عن وجود مؤامرة، أطرافها عادة في حالة صراع على أرض الواقع، لكنهم يقومون بمسرحية لا غير لتحقيق أهداف معينة.

هناك من يطبق نظرية المؤامرة على الشواهد العالمية مثل انهيار الاشتراكية وظهور الرأسمالية، مثل حادث الأميرة ديانا، تفجيرات ٩/١١ مركز التجارة العالمي، اختفاء الطائرة الماليزية، الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا، وأزمات سوريا واليمن وظهور داعش إلى تسونامي ومجاعات العالم! كفلسطينيين، هناك نسبة تظن أن كل ما آل بنا من ويلات الاحتلال الاسرائيلي ما هو الا مؤامرات سياسية واقتصادية كانت تُحاك ضدنا خدمة لمصالح دول أخرى منذ وعد بلفور الى النكبة ثم النكسة وصولاً للانتفاضة الأولى، حرب الخليج، اتفاقيات السلام، عودة منظمة التحرير الفلسطينية، الانتفاضة الثانية، وصولاً لصفقة القرن.

أتباع نظرية المؤامرة في زمن الكورونا، ليسوا بالضرورة مستهترين لأن الموضوع يتعلق بوباء هم يدركون انه ممكن ان يصيبهم، إلا أن الإيمان بفكرة ان ما يتعرض له الكون مربوط بمؤامرة يحبط روح العمل والتفكير لفهم هذا الوباء، أسبابه وطرق احتوائه ومحاربته. أتباع نظرية المؤامرة لا يريدون الاقتناع بان المرض ظاهرة طبيعية تنجم عن ظواهر بيئية او بشرية، ولا يودون تذكر الطاعون والسارس وغيرها من الأوبئة التي ظهرت عبر التاريخ. يرفضون احتمالية فكرة أن ڤيروس كورونا ناتج عن الطبيعة او ظاهرة الأكل البشري في عدة دول، وهنا احتمالية لانتقال الفايروس في متوالية هندسية مرعبة وصلت الى كل دول العالم.

أحيانا تبدو نظرية المؤامرة مقنعة عندما يتم حبك قصتها بطريقة جذابة ولكن مهما كانت متقنة فلا يمكن لها أن تقنع أصحاب الفكر وأتباع المنطق، الذين يعتمدون على الاستدلال الصحيح المبني على البحث والدراسة، هؤلاء يرون أن أصحاب نظرية المؤامرة يتمتعون بخيال واسع، ولهذا لا نستغرب إن وجدنا فئة ممن يرجحون نظرية المؤامرة لتفسير بعض الظواهر.

في ظل ڤيروس كورونا، فلنترك التفاصيل الصغيرة ونركز على الصورة الكبيرة، فالعالم كله يتأمل الوباء العالمي الذي أوقف كل شيء في عالمنا وأعطانا فرصة للتأمل في العام والخاص، لنوظف خبراتنا العلمية وباحثينا حتى نتمكن من الحصول على تفسير وعلاج لهذا الوباء الذي يتفشى فينا.

- د. دلال عريقات، أستاذة التخطيط الاستراتيجي وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...