الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الديمقراطية كأداة كفاح وطني

الكاتب: رجب أبو سرية

من يتوقف ولو قليلا أمام شخصية الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، خاصة في الفصل الأخير من وجوده بالبيت الأبيض، الذي يعرض موقفه إزاء خسارته الانتخابات الرئاسية، يخلص الى ان الرجل من طينة الفاشيين، الذي سبق لهم حين تولوا الحكم في دول ذات وزن دولي ان تسببوا في حروب عالمية، وفي كوارث قومية لشعوبهم، بعضها ما زال يعاني من تبعاتها حتى اليوم، رغم مرور العقود على ظهورها وغيابها، كذلك نفس الأمر ينطبق بشكل ما على رئيس الحكومة الإسرائيلية المتهم بقضايا الفساد بنيامين نتنياهو، لكن بالنظر الى تطورات انتقال المكتب البيضاوي، من ترامب الى جو بايدن، كذلك بالنظر الى متواليات الانتخابات البرلمانية، إضافة الى القضاء الإسرائيلي، فإنه يمكن القول، ان النظام الديمقراطي يقف في وجه الشخصيات ذات النزعة الاستبدادية، حين تصل الى موقع الحكم، وهذا الأمر لا يتحقق في دول العالم الثالث، ومنها بالطبع الدول العربية، حيث ما زال حكم الفرد، هو جوهر نظام الحكم السياسي في كل الدول العربية ومعظم دول الشرق الأوسط.

الدروس في الماضي القريب عديدة ودامغة، فرغم قوة الاتحاد السوفياتي السابق العسكرية، ومعه المعسكر الاشتراكي كله، إلا أنه خسر الحرب الباردة، بل وتفكك الاتحاد نفسه، لأنه افتقر لنظام الحكم الديمقراطي، الذي يستند لقوة الشعب وللحراك والتطور الداخلي باستمرار، كذلك رغم القوة العسكرية التي كان يتمتع بها العراق أيام صدام حسين، إلا انه خسر في مواجهته الغرب، لأنه كان يفتقر لجبهة داخلية متماسكة، ولشعب يتمتع بالديمقراطية التي تطلق قوته في مواجهة الخارج، وهذا الأمر قد ينطبق على إيران في مواجهتها الحالية مع تزايد احتمالات المواجهة العسكرية مع إسرائيل وأميركا، خاصة في ظل عدم وجود ثنائية صراع كوني، تحمي ظهر دول وأنظمة حكم «العالم الثالث» أمام خطر السيطرة الخارجية.

ولعل في تجربتنا الفلسطينية أكثر من دليل على ما نذهب إليه، فقد كان البعد الشعبي للمقاومة يمثل دائما ضمانة استمرارها وتحقيقها المنجزات الوطنية، وكان انصع صوره، درس انتفاضة العام 1987، وما يجمع عليه الكل الوطني، اليوم، من ضرورة المصالحة، ومواجهة حالة الضعف الداخلي بإنهاء الانقسام، عبر المدخل الديمقراطي المتمثل بإجراء الانتخابات الشعبية العامة، وتكريس نظام القيادة الديمقراطي.

وربما كان من الضروري التذكير مجددا بأن احد أسباب الضعف الداخلي، الناجم عن الانقسام القائم منذ انتخابات العام 2006 وحتى الآن، هو غياب الديمقراطية في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، بعد تعطل عمل المجلس التشريعي، وعدم إجراء الانتخابات منذ ذلك الوقت، وبالتالي ممارسة الشعب لسلطته على سلطتي الحكم في جناحي الوطن الفلسطيني، لذا كان طبيعيا ان يكون المدخل لوضع الحد لحالة الانقسام هو إجراء الانتخابات والعودة لممارسة النظام الديمقراطي.

وكل جولات الحوار الداخلي من اجل إنهاء الانقسام، ظلت تدور في الهواء دون ان تنجح في قطف ثمار المصالحة، لأنها كانت لا تصل الى تلك اللحظة، التي ينفتح فيها الباب للشعب ليقول كلمته ويمارس سلطته على طرفي الانقسام، لذا فإنه رغم عدم الاهتمام العام الناجم عن اليأس في تحقيق المراد الوطني، إلا ان ما يتم تداوله من أخبار هذه الأيام، قد يحمل البشرى في نهاية المطاف أو ينطوي على الضوء آخر النفق.
منذ انعقاد مؤتمر الفصائل في شهر تموز من العام الماضي، وفي رد على اخطر حلقة معادية لحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، تحركت المياه الراكدة في بحيرة الانقسام، لكن الأمور توقفت كما يقول أصحاب الشأن انفسهم، عند نقطة إجراء الانتخابات، وهي كما هو معروف مثلثة الأضلاع، أي تشمل انتخابات المجلس التشريعي (برلمان السلطة)، وانتخابات رئاسة السلطة، كذلك انتخابات المجلس الوطني الخاص بمنظمة التحرير الفلسطينية.

ولأنه ليس هناك نص قانوني واضح فيما يخص علاقة انتخابات السلطة والمنظمة ــــ  اللهم إلا ذلك النص الذي يجعل من نواب التشريعي أعضاء طبيعيين في المجلس الوطني للمنظمة ــــ التي تعني إجراء انتخابات التشريعي والرئاسة متزامنة، وكان ذلك في انتخابات المجلس الأول، فيما لم تكن كذلك فيما يخص المجلس التشريعي الثاني، بسبب من شغور مقعد الرئاسة بوفاة رئيس السلطة الأول الراحل ياسر عرفات في ظل ولاية المجلس التشريعي الأول، فإن الجدل نشأ حول تلك العلاقة، فيما كان عدم الثقة بين طرفي الانقسام، او بين طرفي المعادلة السياسية الداخلية، هو الذي ما زال يحول دون إنهاء الانقسام.

آخر ما تمت مناقشته هو الاختلاف حول كيفية إجراء الانتخابات لمثلث النظام السياسي الفلسطيني المشار إليه، وتلخص في السؤال: هل يكون ذلك بالتتالي، أم بالتزامن، ويبدو ان الحل الوسط المنطقي كان في إجرائها بالتوالي لكن بالترابط، بما يعني بأن إجراء انتخابات التشريعي أولا، لا تعني تحقق العملية الانتخابية وإنهاء الانقسام بشكل تام.

ما تضمنته رسالة إسماعيل هنية الخطية للرئيس محمود عباس، وما أعلنه، أول من أمس، بالاتفاق حول إجراء الجولات الانتخابية بالتوالي وبالترابط يعني التوصل لاتفاق، لكن مع وجود ضمانات من قبل الدول الراعية للمصالحة، وترحيب الرئيس بموقف «حماس»، الذي يظهر ان ما تحدث به بعض قادتها قبل نحو شهر في ذكرى انطلاقة الحركة لم يكن إلا نشازا، يعني بأن وصول قطار إنهاء الانقسام لمحطته الأخيرة ينتظر فقط المرسوم الرئاسي.

هذا ما يأمله الشعب الفلسطيني، الذي ينظر بعين الحسد لعدوه، حين يراه يعالج انقساماته الداخلية بإجراء الانتخابات العامة بشكل سريع، فلا يحتاج الأمر الى الشهور والسنوات، لكن من الواضح ان من يعتمد القوة العسكرية للإبقاء على سلطته، حتى لو كان منتخبا، ولكن لمرة واحدة فقط، ليس إلا مستبدا، لا يفتح الباب عن طيب خاطر للسلطة الشعبية، والتي هي سلاح الكفاح الوطني الفعال والحاسم، لذا لا بد من ضغط شعبي، قد يبدأ بالتظاهر من أجل المطالبة بإجراء الانتخابات العامة، كمدخل لإنهاء الانقسام، وكاستحقاق شعبي واجب التنفيذ دون تأخير او إبطاء.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...