الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:32 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:21 PM
العشاء 8:42 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

التسول في رمضان

الكاتب: سما حسن

لماذا يزداد التسول في رمضان، ففي كل مكان تحط قدمك فيه يقفز أمامك طفل صغير أو رجل عجوز أو امرأة شابة أو مسنة، وتمد يدها طلباً للمساعدة، وتلاحقك الأدعية والتمنيات لك ولأسرتك ويتم تقييم حالتك في ثوان قليلة، سوء أكنتِ شابة أم تبدين أماً، فهناك من سيسمعك الدعوات التي تخص كل مرحلة أو حالة، وفي حالتي ومظهري الذي يبدو  كأم لشباب، فالدعوات تبدأ لبناتي بأن يرزقهن الله بابن الحلال، ثم تنتقل بان يرزقنا الله بحجة لبيته، وهكذا تصبح ضعيفاً او قد لا تضعف، ولكن غالبية من يمدون أيديهم على جيوبهم ويُخرجون بعض القطع النقدية الصغيرة لهؤلاء المتسولين يرغبون في التخلص من إلحاحهم، فهناك احتمالية كبيرة لأن يكونوا من ممتهني التسول، وهناك القصص الكثيرة عن المتسولين الأثرياء الذين سمعنا عنهم.

في اليوم الاخير قبل رمضان، كنت في قلب المدينة لكي أنجز بعض المشاوير الضرورية مثل تسديد فواتير مستحقة، مستغلة امتلاكي بعض النشاط قبل ان يحل الصيام، وبمجرد ان اصبحت في وسط السوق حتى بدأ المتسولون الصغار يلاحقوني، والمتسول الأول الذي لاحقني حتى "كاشير" الصيدلية الكبرى وزجره الصيدلاني بشدة واشار لي بأنه يطرده كل يوم عشرات المرات لأنه يلاحق الزبائن، وفي الحقيقة أنه قد وضع فمه في أذني وأنا أتحدث مع الصيدلاني طالبةً منه أدويتي الشهرية لمرض ضغط الدم المزمن الذي اعاني منه، وبدأ صوته باكياً أو متباكياً وهو يهمس لي انه بحاجة لشراء أدوات عناية شخصية لأمه المقعدة، وفي الحقيقة ايضاً أنني امتلك ضعفاً تجاه الامهات وظروفهن، ولذلك ناولته قطعة نقدية فيما علق الصيدلي محتجاً: إنه كاذب يا سيدتي، فهو يأتي من مدينة بعيدة لكي لا يعرفه أحد في مدينتنا.

وهكذا لم أرد على تعليق الصيدلي، ونظرت نحو الفتى الذي يبدو في الرابعة عشرة من عمره، ولم أستطع للأسف أن أتبين كذبه من صدقه، فقد كان وجهه يحمل علامات الحزن والألم، وقد تألمت فعلاً لمرآه، ولكني بمجرد ان خرجت من الصيدلية وبدأت أُكمل طريقي لاحقني أكثر من فتى في سنه وكذلك عدة أطفال وتعلقوا بي وأحدهم يجذب حقيبتي، والثاني يشد ثوبي من الخلف، وتدخل بعض أصحاب المحال لزجرهم.

ظاهرة التسول في رمضان هي ظاهرة مزعجة ومؤلمة، وتضع المواطن بين خيارين، فإما ان يصدق هؤلاء ومعنى ذلك انه سوف يظل يدفع ويدفع طيلة طريقه في الشوارع وبين المحلات أو حتى المؤسسات، أو أنه لن يصدق وسوف يزجر هذا وذاك وسوف يلاحقه هذا وذاك أيضاً، وفي حال كان المواطن قاسياً وعنيفاً فسوف يزجر لأول مرة فيختفي المتسول من أمامه، أما في مثل حالتي فحين قمت بالزجر بلطف بقولي مثلاً: الله ييسرلك، فهو لم يقتنع فعلاً ولن يقتنع وظل يطاردني، والمشكلة انك حين تعطي أحدهم فسوف يطاردك جيش صغير من المتسولين مطالبين بأن يأخذوا أسوة بزميلهم، أو لاعتقادهم بأنك طيب القلب او صيد سهل أو أنك ثري.

في مصر، كبلد سياحي، اعتادت الشرطة مطاردة المتسولين وخاصة في الصيف وفي الأماكن السياحية لأنهم يزعجون السياح علاوة على تسببهم بحوادث سطو وسرقة في بعض الأحيان، وفي بلادنا تجد أن ظاهرة التسول تنشط في المواسم الدينية رغم وجودها طيلة السنة، واستغلال المتسولين للمواسم الدينية مثل شهر رمضان يؤدي لمضايقات في الشوارع ومشاكل بين المارة والمتسولين وحوادث سير واصطدام وغيرها.

بالفعل تقوم الشرطة بواجبها وبقدر ما تستطيع، ولكن المشكلة في المتسولين ومن يقومون على اطلاقهم في الشوارع او قناعاتهم الداخلية إن كانوا يعملون بصورة فردية، ومن يمتهن التسول طيلة العام فهو ينشط في رمضان لأنه يضرب على الوتر الديني للناس بأن الحسنات تتضاعف في هذا الشهر، وبأن الناس يرغبون في غسل ذنوبهم وتكفير آثامهم، كما يسهم الدعاة سواء في المساجد او وسائل الاعلام في بيان فضل الصدقة، ولكن الصدقة لا تكون لمن يطلب ويطارد فهناك الكثيرون ممن هم اولى بها وممن تسترهم جدران بيوتهم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...