الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:10 AM
الظهر 11:44 AM
العصر 3:15 PM
المغرب 6:02 PM
العشاء 7:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

لا تغتالوا القدس

الكاتب: الدكتور سعيد صبري

المدينة المقدسة التى تغتال يوميا، وتسرق ، وتغتصب،  ويسفك دمها ، وتسلب وجودها الثقافي والتجاري امام مرآي العالم، ونحن نشدو العبارات الرنانة والانتقادات الدبلوماسيه والإدانات الدولية المفرغة من محتواها ، والواقع على الارض يتغير يوميا بقوة الإحتلال .

شكلت مدينة القدس محورا مركزياَ مهماَ بعد عام 1967 في حياة المجتمع الفلسطيني على كافة المستويات السياسية والإقتصادية والسياحية والثقافيه بالإضافة الى الدينية .

فمنذ عام 1967 ولغاية تاريخة عملت قوة الإحتلال بالمدينة على تقويد مؤسساتها ، كما عملت ولا زالت تنفذ سياسيتها الهادفة لعزل المدينة المقدسة وأهلها من إمتدادها الجغرافي مع باقى أنحاء الضفة الغربية .  كما انة ما زالت اسرائيل تقوم بضرب البنية الإجتماعية والإقتصادية والمؤسساتية والإدارية للقدس بشتى الوسائل .

وقد بدأ دور المدينة المقدسة ومكانتها الإقتصادية بالتراجع السريع والمتواصل، في ظل عدم توفر البدائل الداعمة للإقتصاد المقدسي، فدخلت كثير من تلك القطاعات الإقتصادية المختلفة/ كالصناعة السياحية والتجارية والخدماتية بازمات متعاقية ، وكان آخرها ازمة كورونا التى عصفت بالقطاع التجاري والسياحي المقدسي وما زال أثرة لغاية يومنا هذا قائم .  كما ساهم الحصار والإغلاق المتواصلان خارج حدود المدينة المقدسة وداخل اسوار المدينة القديمة معضلة اخرى في سبيل تحريك الوضع الإقتصادي، وقد ادى الإجراءات والسياسات الإسرائيلية المتواصلة ضد المدينة الى ركود تجاري واقتصادي، وإغلاق المحلات التجارية نتيجة تراكم الديون على أصحابها، وقد أدت السياسات الإسرائيلية الى تشجيع التجار والمنشآت الإقتصادية الى النزوح والهجرة خارج حدود المدينة، وتحديدا الى مدينتي رام اللة وبيت لحم وضواحيها .

 تتنوع الإجراءات الإسرائيلية والأجندات التى تفرض على المواطنين المقدسين يوميا، فلا تقف هذه المعاناة أيضا عند مصادرة مساحات من الأراضي المقدسية من أصحابها الشرعيين وضمها إلى المساحات المهيأة لتوسيع العمليات الاستيطانية الشرهة، ولكنها تمتد أيضا إلى الاستيلاء على العقارات الفلسطينية وآخرها بحي الشيخ جراح  أو عند الإجراءات القمعية اليومية بأشكالها المختلفة والتي يتم ارتكابها أمام العالم تحت ذريعة المتطلبات الأمنية وكانت احدى تلك الممارسات منع المواطنين المقدسين من استخدام المدرجات المحيطة بباب العامود ، كما ان امتد يد البطش الإحتلالى لمنع الطوائف المسيحية بالإحتفال بعيد الفصح من منعهم دخول البلدة القديمة، واستمرار منع المصلين من دخول المسجد الأقصى المبارك والسماح للمستوطنين اليهود اقتحام  باحات الأقصى.

  وما برح وزن إقتصاد القدس الشرقية يتناقص باستمرار بالنسبة إلى وزن إقتصاد بقية الأرضي الفلسطينية المحتلة منـذ التوقيع في عام ١٩٩٣ على إعلان المبادئ "اتفاقيات أوسلو"، وما يتصل بها من إتفاقات إسرائيلية - فلسطينية. وقد نجم هذا التراجع، في جزء كبير منه، عن مجموعة من السياسات الإسرائيلية التي أعاقت تنمية إقتصاد القدس الشرقية بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد الفلسطيني وسوق العمل الفلسطينية الأوسع . وكان لتـردِّي الأوضاع الاجتماعية - الاقتصادية تأثيرٌ كبيرٌ على الفلسطينيين المقدسيين من حيث مستويات المعيشة والـسكن والرعايـة الصحية والتعليم. وقد أدَّت السياسات الإسرائيلية إلى "إدماج" جزئي ومشوَّه لإقتصاد القدس الشرقية الفلسطيني في إسرائيل.

اين السلطة الفلسطينية وأجهزتها المتنوعة في خدمة المدينة المقدسة، ومؤسساتها المقدسية التى شارفت على الإفلاس ( الصحة والإجتماعية، والتعليمية) ، في حين صادقت الحكومة الفلسطينية  بموازنة 2021 على مبلغ متواضع يصل الى 60 مليون دولار لمدينة القدس ، ولكن من غير الواضح أين .. ومتى... وعنوان التقديم... وكيف سيتم صرف تلك الموازنة ، ونبقى مترقبين.... منتظرين

القطاع الإقتصادي والتجاري:-

ان عملية التخريب الممنهج التى ترتكبة اسرائيل بالمدينة المقدسة "العاصمة المنشودة" ، كافة مقومات الإقتصاد الوطني المقدسي، وجميع ادواتة ومقوماتة وعناصره الزراعية ، والتجارية، والسياحية ، والصناعات الحرفية، والتكنولوجبة، مع انه وبشكل دائم يقومون بشل الإمكانيات واحتمال تناميها بكل الوسائل المحتملة للإنتعاشها.

ان عملية تفاقم البطالة بزحف بشكل ممنهج ليشمل فئات الشباب الفلسطيني، ويعمل النظام الرسمي الإسرائيلي على زيادتة بالإضافة الى زيادة في الغلاء الذي يبطش بأهلها نتيجة فرض الضرائب الباهظة على المواطنين المقدسين وفرض حجوزات تمنع المواطنين من التحرك ، ان اسرئيل تسعى لضرب البنية التحتية الفلسطينية بالمدينة المقدسة ، وزيادة بنسبة خط الفقر لدي المواطنين وذلك لكي تساعد المقدسين بالهجرة عن المدينة المقدسة . 

وحسب احصائيات رسمية فلسطينية ما يقارب من 1500محل تجاري بالبلدة القديمة بأسواق :- خان الزيت والقطانين واللحامين والدباغة والخواجات والسلسلة والواد وحارة النصارى وما يقارب حوالي 395 محل تجاري قد اُغلق نتيجة للإجراءات الإسرائيلية ، و يصل عدد سكان البلدة القديمة حالياَ الى 40 ألف نسمة، ويزداد عدد البؤر الإستطانية داخل المدينة بالقدس بشكل مستمر حيث بلغ عددهم الى 75 بؤره استطانية منذ اتفاق اوسلو ولغاية اليوم. ولكي تكتمل المؤامرة على القدس والبلدة القديمة وتجارها ، فقد عملت سلطات الإحتلال الإسرائيلي على فك الإرتباط الإقتصادي الفلسطيني بالإقتصاد المقدسي،  وكما يعاني  تجار البلدة من هجمة تحريضية ممنهجة من الأدلاء السياحيين الإسرائيليين الذي يمنعون السياح من الشراء من تجار البلدة القديمة ويحثونهم على الشراء من الأسواق الإسرائيلية فقط .

إن الإستعراض السابق، يهدف الى إعادة إحياء الذاكرة عند اصحاب القرار الفلسطيني ان القدس والتى مررت وتمر لغاية تاريخة بأصعب الأوضاع الإقتصادية والحياتيةـ بحاجة ماسة الى برامج تنهض بها إقتصادياً، إجتماعياً وصحياً وإعادة مكانتها كمركز للعالم العربي والإسلامي. ما يحزنني والكثيرين  بهذة المدينة الجميلة اننا نتذكرها حين نريدها، فبعد انقضاء 15 عاما او اكثر عن آخر انتخابات فلسطينية ، وبعد انقضاء اكثر من 25 عاماً على برتوكول الإنتخابات بالقدس ، نتذكر ان هنالك شعب وارض ووطن بالقدس خلاله تركناهم لفترة طويلة ففقدنا الكثير منه بشرذمتنا، وفقدنا اراضيٍ وفقدنا اسواقاً كانت تعج بالزوار ، وما زلنا نفقد احياء تلو الآخر، والجميع ينظر، ويرصد وينتقد وينسي .

ما هو المطلوب فلسطينيناً الآن بإتجاة القدس:-

اولأ:-  ينبغي أن تعمل الحكومة الفلسطينية أيضاً في إنشاء آلية مع سلطة النقد الفلسطينية والمصارف الفلـسطينية العاملة  في بقيـة الأرضي الفلسطينية المحتلة لتمكين تلك المصارف من منح قروض للاستثمار في القدس الشرقية، على أن يـشارك الجميـع في تقاسم المخاطر وإدارتها إدارة سليمة شفافة .

ثانياً:- إنشاء وكالة تخضع لإدارة جيدة وتحظى بتمويـل كافٍ وتُسند إليها مهمة ضمان القروض لمشاريع الأعمال، الإسكان للشباب والاستثمار في القدس.

ثالثاً:-  العمل على تنـشيط مختلـف الرابطات المهنية والنقابات وغرف التجارة ولجنة تجار القدس ، وإعادة تشكيل وإحياء

 " المجلس الأعلى للسياحة " باعتباره جهة التنـسيق المحليـة المعنيـة بالسياحة خياراً يستحق المتابعة.

رابعاً:- بوصلة أخلاقية ورؤية واقعية لتوجيـه أي استراتيجية فلسطينية أو غير فلسطينية من أجل تأمين بقاء القدس الشرقية الفلسطينية وازدهارها. وينبغي أن يؤدي هذا بدوره، في المقام الأول، إلى ضمان إعادة إدماج اقتصاد القدس الشرقية في عُمقها الطبيعي التاريخي إلى الداخل شرقاً وشمالاً وجنوبـاً.

 واخيراً ،فالسلطة الفلسطينية الأسمية لا تتمتع بسلطات تنفيذية فيها، والسلطات الإسـرائيلية السيادية تعتبرها عائقاً أمام اهتماماتها وبرامجها الرئيسية في المدينة، أو مسألة ثانوية في أحسن الأحوال، والوكالات الدوليـة عاجزة عن تحفيز التدخلات الإنمائية. وتشكل هذه الأوضاع كلها أوجه قصور ملحة يجب أن تُعالج معالجة صريحة في أي برامج توضع في المستقبل للتخفيف من أعباء اقتصاد القدس الشرقية وتنميته.

الدكتور سعيد صبري- مستشار اقتصادي دولى- وشريك اقليمي لصندوق دعم المبادرات الناشئة - فاستر كابتل –دبي

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...