الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الصين من الأرض إلى الفضاء

الكاتب: هاني عوكل

ثمة مصلحة صينية من غزو الفضاء ومنافسة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا تحديداً في هذا الجانب، خصوصاً أن مشروع الإقامة في الفضاء يعكس مدى تطور الدول وقوتها في نفس الوقت، والأهم أنه مشروع متكامل مرتبط بأبعاد سياسية واقتصادية تجارية وسياحية أيضاً.
صحيح أن بكين تأخرت عن هذه الخطوة بعد التجربتين الأميركية والروسية في استكشاف الفضاء، إلا أن الأولى تسابق الزمن في مسألة إقامة محطة دولية للفضاء خاصة بها، ذلك أنها منعت من الانضمام إلى المحطة الدولية التي تشترك فيها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وكندا واليابان وأوروبا.
غزو الفضاء بالنسبة لبكين أمر ضروري وحيوي كونه مرتبطاً أولاً بالسياسة الصينية التي تتوسع شيئاً فشيئاً وتعيد تشكيل النظام الدولي الذي تتربع عليه واشنطن، إلى جانب فتح قنوات تجارية تُسرّع من الهيمنة الاقتصادية على العالم، وهناك أمثلة كثيرة يمكن استحضارها في هذا المجال.
ولذلك فإن غزو الفضاء يأخذ أولوية بالنسبة للقيادة الصينية التي استثمرت بقوة في مسألة تطوير الصناعات الثقيلة وكذلك التكنولوجية ومنها الذكاء الاصطناعي، لاستكشاف الفضاء وتوسيع دائرة التنافس مع الدول المتقدمة التي احتكرت المجال الفضائي بكل ما له من امتيازات.
هذا الاستثمار طويل المدى لغزو الفضاء جعل بكين تطور أنظمتها الصاروخية وتبتعد تدريجياً عن أي مساعدة روسية، ولذلك يجوز القول إن لدى الصين اهتماما كبيراً بنقل المعرفة وترجمتها في شعار «صنع في الصين»، وهذا ينطبق على إنتاج السلع الصغيرة من المسمار وحتى الصاروخ الفضائي.
ثم إن انتقال الشركات العالمية إلى الصين بفعل العولمة والاستفادة من رخص العمالة هناك، جعل من الأخيرة تتحول إلى مصنع ضخم يستفيد من توطين هذه الصناعات لصالح بناء قوة اقتصادية صينية تأخذ بمبدأ «لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد».
أكثر دولة في العالم استفادت من العولمة هي الصين، إلى درجة أنها توفر الكثير من المنتجات بأسعار زهيدة وحسب الطلب، وبناء المعرفة جعلها لا تستصعب كثيراً التوجه نحو الفضاء ونية إطلاق عشرات الأقمار الصناعية لتوفير مداخيل جديدة للخزينة الصينية.
في الحقيقة يمكن القول إن موضوع الفضاء مهم جداً بالنسبة للدول، وإلا لماذا تنافست كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سابقاً لغزو الفضاء ولحقها دول أخرى من أوروبا وكندا واليابان والهند؟ الذهاب إلى السماء يتطلب وجود اقتصاد قوي للدول المؤهلة.
الصين تأهلت اقتصادياً وعلمياً لاستكشاف الفضاء، ولا أحد ينكر أنها الدولة الثالثة بعد واشنطن وموسكو، وأنها أرسلت أول رائد فضائي العام 2003، لكنها ترغب في تسخير كافة الإمكانيات للإقامة الدائمة في السماء، حيث تستعجل في إرسال وحداتها الأساسية لبناء محطتها الفضائية في المدار العام 2022.
هناك خطة طموحة وضعتها وكالة الفضاء والعلوم والتكنولوجيا الصينية لغزو الفضاء تستهدف إطلاق 40 مهمة إلى كل من المريخ والقمر، وإرسال أقمار الانترنت والاتصالات والبث التلفزيوني، فهذه لها فوائد كبيرة على الاقتصاد الصيني في إطار ما يروج الآن عن سياحة الفضاء.
أيضاً هذا المشروع الحيوي والاستراتيجي مرتبط بمشروعات صينية عملاقة مثل طريق الحرير الذي يربط بين آسيا وأوروبا، وهو الطريق الذي استثمرت فيه بكين الكثير وضخت المليارات بهدف توسيع نشاطاتها التجارية حول العالم وتأمين كافة الإمدادات بأقل التكاليف.
سيقول قائل ولماذا الربط بين مشروع على الأرض وغزو الفضاء؟ الإجابة تتعلق بتمكين البنية التحتية الصينية في كافة المجالات الصناعية المتطورة والعلمية، وغزو الفضاء بما فيه من إمكانيات تسمح بإقامة محطة صينية في المدار وإطلاق الأقمار الاصطناعية، كل ذلك يخدم الصين ومشروع طريق الحرير.
توفير الانترنت بسرعة كبيرة واستخدام أنظمة المراقبة والتتبع وتحديد المواقع تتوافق تماماً مع مشروع بكين الاقتصادي الطموح، وقبل أقل من عام احتفلت الأخيرة باستكمال نظام «بايدو» للملاحة بالأقمار الصناعية، الذي من شأنه منافسة نظام الملاحة الأميركي المشهور «جي بي اس».
ما يحدث في الفضاء من منافسة عالمية، يشبه تماماً دخول الصين في مجال صناعة الهواتف النقالة والمركبات والطائرات المدنية.
المختصر أن بكين تريد أن تكون لها يد كبيرة في الصناعات الدقيقة والمتطورة وأن تنافس الولايات المتحدة الأميركية على حصتها في سوق الإنتاج العالمي من الصناعات المتطورة.
إطلاق الصاروخ الصيني «لونغ مارش 5 بي» إلى الفضاء مؤخراً لبناء المحطة الصينية هناك، ليس الأول ولن يكون الأخير في قائمة الصواريخ التي تستكشف السماء، فهذه هي الصين «تشمر عن ساعديها» لتجاوز واشنطن تحديداً في قيادة العالم، إدراكاً منها أن الانتصار يعني «اللعب على كله».

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...