الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

العرب المترنِّحُون بين نموذجين: اليابان والصين!

الكاتب: حسن البطل

هل لاحظتم معي ـ مثلي؟ حتى الآن، بقيت جزر اليابان الأربع الكبيرة بمنجاة عن جائحة الكورونا، لكنها ستظل بلاد الزلازل وموجات المدّ البحري العالي (تسونامي).. الكورونا علامتها هي الكمّامة، واليابانيون يتكمّمون قبلها اتقاء عدوى الزكام والإنفلونزا.. والآن، تكمّم العالم بأسره.
حتى تظل اليابان بمنجاة عن الجائحة، أجّلت الأولمبياد سنة، على أن تجري مبارياته صيف هذا العام، إما بمدرّجات ألعابها بلا جمهور، أو بلا مشاهدين وافدين من بلاد مكورنة.. عليكم بالتلفزيون!
لم تعد اليابان بلاد «الساموراي» إلّا في السينما، سواء شاهدتم فيلم «كاغيموشا»، أو لا، كما لم تعد بلاد نساء «الغايشا» الذين كتب عنهم أديب اليابان «المنوبل» كاواباتا روايته الغريبة: «الجميلات النائمات»، فشعر المنوبل غابرييل غارسيا ماركيز بالغيرة، وكتب أفشل رواياته: «غانياتي الجميلات»، وهو من كتب الأروع: «مائة عام من العزلة».
لا أدري ـــ ربما عادل الأسطة يدري ــ هل كتب الأديب المصري يوسف إدريس رواية أو مشاهدات عن زيارة مطوّلة لليابان، فهو ذهب ليعرف لماذا اليابان صارت معجزة، كما ألمانيا، بعد هزيمة الدولتين، بينما مصر وعالمها العربي لا يزال مترنّحاً بين الماضي وتحديات المستقبل.
قرأت، إلى مشاهدة الأفلام، كتابين يابانيين، ولم أقرأ كتاباً عربياً عن اليابان. الكتاب الأول الدسم هو سيرة فيلسوف حركة «الميجي ـ الأنوار» اليابانية فو كوزاوا يوكتيشي؛ والثاني كتاب خفيف ومسلّ عن العرب في عيون يابانية، لمؤلف نسيت اسمه.
تاريخ اليابان، قبل عصر «الأنوار ـ الميجي» ليس معقّداً، وكذلك تاريخها الحديث، منذ صدمة هزيمتها العام 1945، خلاف التاريخ العربي ـ الإسلامي قبل الإسلام وبعده، المتشابك مع التاريخ الأوروبي، من حيث غزوات الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض لشماله، وبالعكس، منذ هانيبال الفينيقي ـ القرطاجي، إلى الإسكندر المقدوني، وإمبراطورية روما ثم بيزنطة.. وأخيراً حملة نابليون بونابرت على مصر، كمقدمة جديدة للغزو الأوروبي للعالم العربي.
إلى هذا التشابك، فإن العروبة متداخلة بالإسلام، لكن كانت لليابان ديانة غير إلهية تسمى «الشنتو» التي تلقت ضربة قاصمة من الجنرال الأميركي ماك ـ آرثر المنتصر، باعتراف الإمبراطور هيرو هيتو بالهزيمة، بعدما كان «كامي» شبه إلهي.
قاعدة ديانة «الشنتو» هي «الكامي» وهناك «كامي» للشجر والبحر والسماء والأرض، وحتى للحرب، ومنه «كامي ـ كاز» هم الطيارون اليابان الذين هاجموا ميناء بيرل هاربر الأميركي.
بينما تلقت اليابان صدمتين كبيرتين من عصر «الميجي» ومن الانتصار الأميركي، فإن العالم العربي ـ الإسلامي تلقّى صدمات كثيرة. كان اليابانيون، قبل «الميجي» يعتبرون أنفسهم أبناء الشمس من صحارى «الساموراي»، لكن سفن الغرب كانت أقوى وذات مدافع، انكسرت أمامها سفن الساموراي، فقرر إمبراطور ياباني إحداث قطيعة تامة مع الماضي الأسطوري، وبدء تقليد الغرب الأوروبي وتبني الحضارة الغربية.
قبل صدمة العالم العربي بالنكبة الفلسطينية، ثم بالنكسة الحزيرانية، تلقت مصر، بالذات، صدمة حملة نابليون، فهو جدع أنف أبو الهول بطلقة مدفعية، لكن علماء الحملة فكّوا رموز الهيروغليفية على حجر رشيد، ثم كتبوا موسوعة «وصف مصر». وبدا أن مصر بدأت حقبة «الأنوار».. ولكن!
من تداعيات حملة نابليون أن حاول الألباني محمد علي إدخال بلاده في عصر التحديث والأنوار، واستطاع تضييق الفجوة الحضارية مع أوروبا إلى سنوات جيل واحد، لكن إمبراطوريات أوروبا تكالبت عليه بعد حملة ابنه إبراهيم على بلاد الشام، التي كادت تجهز على «الرجل المريض» العثماني، وخضع العالم العربي بعدها إلى استعمار من عدة دول أوروبية، إضافة إلى زرع إسرائيل في قلب هذا العالم، الذي تقاسمته: بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، ثم ورثت أميركا هذا التقاسم بنفوذها الحالي.
في تحديات التحديث العربي، يعاني العرب من حنين إلى ماضيهم الإسلامي، لكن اليابان عانت بشكل أقل وعابر من الحنين إلى ماضيها ما قبل الميجي ـ الأنوار. لدينا «القاعدة» و»داعش» و»الإخوان المسلمين»، وصراع المذاهب الإسلامية، لكن لا نرى الحنين الياباني سوى في الأفلام، لكن في ستينيات القرن الماضي قام أحفاد أحلام إحياء
«الساموراي» بتمرد بزعامة واحد يسمى «ماشيما» وقام أتباعه بقطع رؤوس بعضهم البعض احتجاجاً على مغادرة البلاد وماضيها، ثم انتحر زعيمهم بسيفه وبقر به بطنه، كانت هذه نوعاً من «داعشية» يابانية!
نهضت ألمانيا من النكبة النازية، وصارت تقود أوروبا، لكنها لم تشف بعد من عقدة «الهولوكوست»، ونهضت اليابان من أساطير الساموراي والكامي ـ كاز، كما نهضت السويد من حقبة الفايكنغ، ويبقى العالم العربي ـ الإسلامي يتعثر بين مستقبله وماضيه، غارقاً في الحروب والاحتراب! والفساد والاستبداد.
تحاول إيران إحياء مجد فارس، وإن تحت العمامة والعباءة الإسلامية المذهبية، وتحاول تركيا إحياء مجد آل عثمان، وإن تحت ظلال الأتاتوركية العلمانية، إلى أن تنهض مصر من كبوتها وتعود لقيادة عالم عربي جديد، وتجيب عن سؤال السوّاح الأوروبيين: هل هذه هي خليفة أقدم الحضارات العالمية؟
كنت في قبرص وهناك حانة للمثقفين الإغريق تسمى «ايجيون» من بحر ايجة، وهناك حنين الى زمن الإغريق، وقال صاحب الحانة: بلاد الأساطير والفلاسفة الكبار ليست أكثر من 10 ملايين، لكن المشكلة في خراب العالم العربي بمئات ملايينه. الإغريق اتجهوا نحو الشرق، وليس نحو أوروبا التي كانت في نظرهم بلاد البرابرة الأجلاف.
«هي الأمور كما شاهدتها دول/ من سرّه زمنٌ ساءته أزمان» وهذا حال العرب والإغريق.. وإمبراطورية روما القديمة.. وينسب إلى سقراط الفيلسوف قوله: شكراً لمن خلقني رجلاً لا امرأة، أثينياً لا إسبارطياً.. إغريقياً لا بربرياً.
يُنسب إلى نابليون قوله: سأجعل مصر قطعة من فرنسا.. وأما اليابان، بعد عصر الميجي، فصارت جزءاً من الحضارة الغربية، بينما الصين الناهضة تحاول المواءمة بين ماضيها الغني والفخور، وبين مستقبلها، وهو ما يفشل به العرب حتى الآن!.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...