الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

برقية عزاء إلى "خالدة جرار"

الكاتب: ريما كتانة نزال

رفيقتنا المناضلة خالدة،،

ودَّع المشيعون جثمان ابنتك الغالية «سهى» بعواطفهم اللاهبة. واجتهدوا في استحضار روحك وأنفاسك على رأس أجواء الموكب المهيب، كنت في مركز المشهد الحزين رغم غيابك القهري وتقييد حريتك في سجون المحتل العنصري، نعم لقد كنت حاضرة من أول دمعة وحتى آخر حبة تراب نُثرَت باسمك لمواراة فراشتك الراحلة.

لم ينسَ المشيعون نثر القبلات والورود لسيرتك الجميلة، وحاول الجميع الاجتهاد في تمثيلك، انطلاقاً من واجب تم النظر له كفرض عيْن مُستحق. وللحقيقة فقد توحّد الجميع، وارخى الحزن بطيفه القاتم على فلسطين من بحرها الى نهرها، في مشهدية تعكس اصالة شعبنا وحفظه لقيم المناضلين ونضالاتهم وتضحياتهم رغم ما يشوب ساحة الفعل الوطني من خلافات غير خافية في الآونة الاخيرة.

الفلسطيني كما خبرناه جميعاً، وأنت في مقدمتنا، يستطيع أن يستدير استدارة نوعية إلى غيرها في الانعطافات العاطفيّة على نحو خاص، فتظهر صورة مشهدية أخرى، هذه الصورة الجميلة التي تجلت اثر غياب ابنتك «سهى»، صحيح انها جاءت كرد فطري على الحدث المؤلم وتعبيرا عن الاحترام والتقدير لشخصك ولنضالاتك وتضحياتك الوطنية والمكانة التي تحظين بها في الوجدان والضمير الوطني. لكن يا ترى هل هناك ما خلف الصورة..؟

حاولت فلسطين تقديم نذور الوفاء والتعويض. وقدم البعض منّا اعتذاراً  للرأي المُعارض الذي تمثلين أحد رموزه، وهو اعتذار مقدّر ومحسوب إيجاباً إن كان يخدم مقاربة الشارع ومطالبه ومشاعره، المقاربة إنْ استتبعت بفروض تتجاوز حدود التضامن الانساني مع العائلة المناضلة، نحو ترميم الخراب والتصدعات الحاصلة في بنية النظام السياسي ومؤسساته وبما يستجيب لمطالب الشارع المحقة في الإصلاح وحماية الحريات العامة وتوظيف كل الطاقات الوطنية في مواجهة سياسات المحتل التوسعية والاجلائية التي لا تتوقف..

يا خالدة: قدمت البلد أحسن ما لديها من تضامن ومؤازرة لتشعري أنك أفضل حالاً، وضع الجميع نفسه مكانك، ولسان حال الجميع يقول: فجيعتك فجعيعتنا، وتصرفوا على هذا الأساس. هبت البلد بكل المفردات للوفاء بديْن استحق الوفاء. بكت البلد عنك وعنها، لتوفر عليك دموعك، شربت الحزن علها تخفف من حزنك. توجعت حتى يخف وجعك. شعرت البلد وكأن ابنتك ابنتها. شعرت المدينة بوجعك فجلست في بيت العزاء. رغم يقيننا بأن هذا الموت الذي جاء بلا مقدمات، ونحتار في كيفية اختياره لضحاياه، لم تكن أوجاعه تنقصك على الاطلاق. بل أضاف لحزنك النازف ملامح جديدة، وأضاف لوجعك أبعاداً أخرى، إنه الفقد الذي ستسجله الذاكرة كحدث له فرادته بلا منازع.

حزنت فلسطين كلها لفقد «سهى» الفتاة الرفيعة العلم والمهنية، رشحت العيون بملحها. حزنت الروابي والسهول وغصّ البحر بمائه. وحاولت السماء وفشلت في حلّ قيودك. وقُهرت الانسانية بالفكر العنصري الانتقامي الذي منع مشاركتك.

رحلت «سهى» كما الفراشات نحو الضوء، صحيح أنها استعجلت الرحيل، لكن رحيلها المبكر جَلَبَ التوهج للأصالة، ولطالما دأبت الأشياء الجميلة في حياتنا التسرع دائما في الرحيل، وعزاؤنا أنك صلبة وقوية أبداً على المواجع.

الرحمة والسلام لروح «سهى»، ويسلم رأسك.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...