القدس نبض فلسطين

الكاتب: سعيد صبري
كيف نريد مدينتنا القدس أن تكون بعد عشر سنوات من الآن، وماذا علينا أن نفعل لتنفيذ هذه الرؤية؟ سؤال يدور في عقول وأشجان المواطن الفلسطيني والمقدسي على وجه الخصوص, رسائل متعددة يرسلها التاجر، والاستاذ، والطبيب، والمريض، بمدينة القدس ويتسألون الى أين نحن متوجهين؟
بتاريخ 5 حزيران عام 7691 تم احتلال المدينة المقدسة ، اي قبل 55 عام اً، ومنذ تلك الفترة الزمنيه ومدينة القدس تأن ألماً ، وتصرخ بأصداء شعبها مناشدة العالم الاسلامي والعربي للانقاذها من زخر الاحتلال، الذي لم يبقى لا مكان مقدس ولا أرض ولا منزل ولا متجر
الا استباحه وعيون العالم تنظر علينا منتقدة اجراءات الاحتلال ومنزعجة ، ولا تغير يحدث، وتتكرر القصه ويتغلغل السرطان الاحتلالي في المدينة المقدسة.
تميزت مدينة القدس ما قبل عام 7691 وما بعده لغاية منتصف التسعينات - مركزا محوريا في حياة المجتمع الفلسطيني على المستويات السياسية والإدارية والسياحية والثقافية، بالإضافة إلى بعدها الديني المتميز. أما بعد الاحتلال عام 7691، بدأت إسرائيل تنفيذ سياسة العزل للمدينة المقدسة عن بقية أجزاء الضفة الغربية على كافة المستويات، السياسية ، والاقتصادية والاجتماعية، حيث شملت الأرض والسكان والاقتصاد والمؤسسات.
وكنتيجة حتمية للاجراءات الاسرائيلية من عزل المدينة المقدسة عن باقي مفاصل الوطن، تآكل دور المدينة ومكانتها الاقتصادية وبدء التراجع والانحدار المستمر في مكوناتها الاقتصادية والاجتماعية يتراجعان بشكل مستمر ،حيث ساهم الحصار والإغلاق المتواصلان للمدينة والمفروضان عليها منذ اكثر من عشرون عاما ، بركود تجاري واقتصادي متفاقم فدخلت القطاعات الاقتصادية المختلفة -السياحية والصناعية والتجارية والخدماتية- في أزمات متواصلة ،وإفلاس العديد من المنشآت، وإغلاق مئات المحال التجارية داخل البلدة القديمة وخارجها، وهجرة القصرية الكثير من المؤسسات والمنشآت الاقتصادية والتجارية إلى خارج حدود المدينة، فمنهم من هاجر نحو رام الله واخرين هاجروا نحو بيت لحم وبقيت المدينة المقدسة بمكانتها موجودة وبعض كبار السن يمارسون نشطاتهم اليومية ، ويكارعون الاحتلال.
القدس من أغلى مدن العالم قياساً الى مستوى الدخل المتدني ، وبناءاً على دراسات حديثة اظهرت أن 08% من فلسطيني القدس تحت خط الفقر، ويعجزهم الغلاء الفاحش في المدينة عن تغطية احتياجاتهم اليومية، فَرغم البرامج والمؤتمرات والندوات والاجتماعات التَّي شُكلت داخل فلسطين وخارجها، مِن أجلِ النهوض بأِوضاعِها الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة والصحيَّة لتكريسها كعاصمة لدولة فلسطين، إلَّا أن النتائج المُحققة على أرضِ الواقع لم يشهدها المقدسيّون، وما زالت في إطار الخطابات والاجتماعات والتصريحات ، وتبقى حلم المواطن المقدسي.
يعاني القطاع السياحى المقدسي من إجراءات التشويه والتضليل السياحى للسائح الاجنبي من قبل الجهات المتنفذة الاسرائيلية، وتخويف السائح من البقاء في فنادق عربية بالمدينة المقدسة، فقد اشارت الاحصائيات الرسمية أن ما يزيد عن 69% من السواح القادمين للمدينة المقدسة يبيتون في فنادق تقع بالقرب من المدينة المقدسة بجزئها الغربي، و 79% منهم يستخدمون فنادق عربية بالقدس الشرقي، كما أن الاحصائيات تشير الى تزايد عدد الغرف الفندقية بالجزء الغربي المحتل من المدينة المقدسة مقارنة بنقص حاد بعدد الغرف الفندقية بالفنادق العربية. ماذا قدمتم لتغيير الواقع المرير للقطاع السياحي،إن الاقتصاد المقدسي يعتمد بالأساس على السياحة التي تشكل 45% من الناتج المحلي لاقتصاد القدس. وأين وزارة السياحة الفلسطينية من تشجيع السائح للبقاء بالفنادق العربية والتسوق من التاجر الفلسطيني، الذى تأثر سلباً خلال أزمة كورونا فقد عصفت بالاخضر واليابس بهذة المدينة؟
09 نوع ضريبة مفروضة على التاجر المقدسي ، وتتراكم الديون علية لصالح مصلحة الضرائب الاسرائيلية، مما يضطر الى إغلاق متجرة والبحث عن مصدر رزق آخر خارج المدينة المقدسة ، مشهد يومي نشهدة في البلدة القديمة من القدس، تزايد عدد المحلات المغلقة، عدد المحلات في البلدة القديمة من القدس 0991 محلا، منها 601 مغلقة، أي ما نسبته 06%، 54% منهم متخصصين بالتحف الشرقية. أين مصانع الجلود ، ومصابغها، أين مصانع وورشات الخزف، أين مصانع الخشب والشموع ، وأين مصانع الالبسة والتراث الفلسطيني، وبالنهاية أين المواطن، لقد فقدنا كل ذلك وما زال العالم ينظر علينا من عيون الكاميرات المتلفزه ويرسل رسائل المحبة التى لا تغنى ولا تثري من جوع.
كانت البلدة القديمة في القدس تشكِّل جزءًا قويًا في اقتصاد القدس ومصدراً مهماً لاقتصاد فلسطين ، باستقطابها الزبائنَ العرب والفلسطينيين والسياح. ويدل ركودها الحالي بوضوح على التهميش الاقتصادي الذي يوهن الاقتصاد ويزيد صعوبة الحياة في القدس الفلسطينية على الفلسطينيين اصحاب الارض ،فبعدما كانت المدينة القديمة معروفة بصناعاتها وأسواقها التقليدية مثل سوق العطارين وسوق اللحامين وسوق القطانين، أخذت تفقد أسواقها المتخصصة هذه مع تحول أصحاب المحال والتجار إلى بيع الهدايا التذكارية لأنها كانت مشروعًا أنجح وأجدى آنذاك. وهكذا ساعد تهميش القدس الشرقية اقتصاديًا وانتكاس الشركات السياحية في تراجع الأنشطة التجارية في البلدة القديمة.
يتاسبقون نحو تبني استعدادهم لدعم المواطن والمدينة المقدسة مادياً، ويكثر النقاش بأروقة الجهات الرسمية المحلية والعالمية، ويبقى المواطن المقدسي ينتظر ذاك الفرج القادم ، ويبقى السؤال الذي نحاول أن نبحث لة اجابة الى متى سنبقى واقفين أمام المؤتمرات والمنابر نشجب وننستنكر ، ما هي رؤيتنا الفلسطينية التى نسعى لتحقيقها، وإن وجدت ، فلا نلمسها على الارض ،وللأثراء النقاش وإثمارة وجعلة ذو جدوى على الارض علينا جميعا مسؤولية العمل ، أجُمل اقتراحاتي للجهات الرسمية كالتالى:-
أولا:- تعزيز السياحة الداخلية، بتكثيف الزيارات من طلبة المدارس والجامعات للبلدة القديمة من القدس والتسوق فيها، وايضا زيادة أعداد المتسوقين من فلسطيني الداخل وتشجيعهم على البقاء بالقدس، كما يجب ادراج زيارة القدس بالبرنامج المنهجي لوزارة التعليم
الفلسطينية، وتشجيع الزيارات ضمن المخيمات الصيفية. وهذه مهمه يجب أن تبادر بها وزارة الفدس بالتنسيق مع وزارة السياحة والتعليم ، والمؤسسات واللجان المقدسية.
ثانيا: على الصعيد الدولى العمل مع السفارات الفلسطينية المنتشرة حول العالم على تجسيد موضوع القدس والتواصل مع المكاتب السفر والرحلات العاملة لديهم بتشجيع السائح الغربي لزيارة القدس ونقل القصة المقدسية ، كما تقع المسؤولية بهذا الإطار على وزارة الخارجية والسياحة.
ثالثا:- إعادة احياء وتعزيز الإنتاجية :إعادة بناء القدرة الإنتاجية لاقتصاد القدس لتعزيز ميزته التنافسية. بالتركيز نحو الاصول الاستراتيجية للمنتجات التى طالما تميزت بها مدينة القدس واستغلال أصوله الاستراتيجية المتمثلة في البلدة القديمة وتشجيع إنتاج سلع ذات جودة عالية. ومن شأن الرياديين الفلسطينين الاستثمار في المشاريع الصغيرة، ولا سيما الحرف اليدوية التقليدية ، وهذا سيخلق قاعدة قوية ستساهم كثيرًا في بلوغ هذا الهدف المنشود.
رابعا:- صندوق القدس لخدمة التجار والرياديين المقدسيين بالمدينة المقدسة وتحديدا بالبلدة القديمة ، صندوق يتم دعمة من صناديق استثمارية وطنية فلسطينة وبالتعاون مع جهات ممولة، يتم تأسيس لهذا الصندوق الذي من شأنة أن يدعم الوجود الفلسطيني بالفدس .
خامسا:- يجب العمل على تسجيل كافة المنتجات تحت "مسمى القدس" وتسجيلها لدي الجهات الرسمية محليا وعالمياً لتبقى عنوان فلسطيني حي بعيون العالم.
ختاماً، القدس أمانة بعنق كل مسؤول ومواطن ، فلا تفقدوا محتواها واهميتها ، لأنها قلب ونبض فلسطين .