الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:10 AM
الظهر 11:44 AM
العصر 3:15 PM
المغرب 6:02 PM
العشاء 7:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

«الناتو» العربي – الإسرائيلي: بين الحقائق والأكاذيب

الكاتب: محمد ياغي

يروج الإعلام الإسرائيلي هذه الأيام كثيراً عن قرب الإعلان عن «ناتو» عربي- إسرائيلي دفاعي، وأن ذلك قد يتم خلال زيارة الرئيس الأميركي بايدن منتصف الشهر الحالي للعربية السعودية والتي سيعقد خلالها اجتماعاً مع قادة دول الخليج العربي، بالإضافة الى قادة مصر والأردن والعراق.

ما هي حقيقة هذه الأخبار وما هي خلفياتها؟

في الشكل، لو كان ما يدعيه الإعلام الإسرائيلي حقيقة لكان الاجتماع الذي سيعقده الرئيس بايدن في الرياض مع قادة الدول التسع سيتم بحضور رئيس وزراء إسرائيل، لكننا نعلم بأن أحداً لم يوجه له دعوة لحضور هذا الاجتماع.

في المضمون، نحن نعلم على الأقل حقيقتين:

الحقيقة الأولى أن الدول العربية التسع ليست متماثلة في نظرتها لإسرائيل. العراق يُجرم التطبيع بقانون من برلمانه وعلاقاته متشابكة مع إيران، وغالبية أحزابه تقف مع الفلسطينيين، وهو بالتالي لا يمكن أن يكون جزءاً من تحالف فيه إسرائيل.

الكويت أيضاً أعلنت في أكثر من مناسبة بأنها ستكون الدولة العربية الأخيرة التي تقيم علاقات مع إسرائيل وهي بالتالي لا يمكن أن تكون طرفاً في تحالف فيه إسرائيل.

عُمان تنأى بنفسها عن سياسات المحاور منذ عقود وعلاقاتها قوية مع إيران والعربية السعودية وهي لا تريد أن تكون طرفاً في محور ضد إيران لعلمها بأن ذلك يشكل خطراً عليها وعلى مصالحها.

قطر أيضاً تتشارك مع إيران في أحد أكبر حقول الغاز في العالم وهي أيضاً ملتزمة في دعمها للقضية الفلسطينية، وبالتالي لا توجد لها مصلحة في أن تكون جزءاً من تحالف به إسرائيل.

الأردن ورغم وجود معاهدة سلام بينه وبين إسرائيل أعلن أولاً أنه لا يمانع من وجود «ناتو» عربي - دفاعي (لاحظوا عربي وليس عربياً- إسرائيلياً) وأعلن ثانياً أن هذا «الناتو» لا يمكن الإعلان عنه قبل الاتفاق على أهدافه.

سأقفز هنا عن الإمارات العربية والبحرين ومصر وهي دول ربما لا تمانع في إعلان تحالف مع إسرائيل، وسأتحدث عن العربية السعودية التي كررت مراراً وتكراراً بأنها لن تطبع علاقاتها بإسرائيل قبل حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

مصالح العربية السعودية أيضاً تمنعها من الدخول في تحالف علني مع إسرائيل. من جهة أي تحالف علني مع إسرائيل سيعطي المصداقية للمحور الإيراني بأنه الطرف الوحيد الذي لا يزال متمسكاً بحقوق الفلسطينيين وهذا سيضعف موقف العربية السعودية أمام الشعوب العربية. ومن جهة أخرى، العلاقات العلنية مع إسرائيل ستضعفها أمام شعبها الذي لا يزال في غالبيته الساحقة العظمى ضد إسرائيل.

قد يقول البعض بأن هذا حال الشعوب العربية في مصر والأردن والمغرب والإمارات والبحرين لكن ذلك لم يمنعها من إقامة معاهدات «سلام» مع إسرائيل.

هذا صحيح، لكن الفارق الجوهري هنا أن جزءاً من شرعية النظام في العربية السعودية تعتمد على الدين الإسلامي، وليس من مصلحة القادة السعوديين فتح الباب للحديث عن شرعية العلاقة مع إسرائيل من المدخل الديني.

الحقيقة الثانية أن ما يقوله العرب علناً لا يتطابق بالضرورة مع ما يجري سراً. في هذا المجال لا نكشف جديداً إذا قلنا بأن دولة المغرب كان لها علاقات أمنية قوية مع إسرائيل لعقود سابقة على تطبيعها لعلاقتها مع إسرائيل.

الحقيقة أن السياسات العربية في غالبيتها تُمارَس سراً وهذا هو نمط السياسة في العالم العربي، خصوصاً ما يتعلق منها بإسرائيل، ولهذا ربما تكون قد جرت اجتماعات أمنية على مستوى عالٍ بين السعودية وإسرائيل وفق ما قالته صحيفة «وول ستريت» الأميركية. وبالتالي ربما يكون هنالك مفاوضات على اتفاقات أمنية وعسكرية لكنها إن حصلت ستبقى طي الكتمان ولن يُجاهر بها أو يتم الإعلان عنها على أنها «ناتو» عربي – إسرائيلي.

أما في خلفيات الادعاء الإسرائيلي عن قرب الإعلان عن «ناتو» عربي-إسرائيلي هنالك مسألتان مترابطتان:

الأولى هي الحرب في أوكرانيا التي جعلت أسعار النفط تقفز الى أرقام خيالية وبالتالي الولايات المتحدة تحتاج الى دول الخليج العربي (وحتى الى إيران وفنزويلا) لكي تزيد من معدل ضخها للنفط في الأسواق العالمية لتخفيض سعره.

والثانية هي الهجوم العنيف الذي شنه الرئيس بايدن على العربية السعودية أثناء حملته الانتخابية واعداً بأن «يجعلها دولة منبوذة» وبأنه «لن يقابل أبداً الأمير محمد بن سلمان».

الرئيس بايدن الذي يزحف اليوم الى السعودية يعلم مسبقاً بأنه لن يحصل على ما يريده من إجبار للسعودية على ضخ المزيد من النفط للأسواق العالمية، وقد تحدثت السعودية عن ذلك صراحة وقالت بأنها ملتزمة بما تم الاتفاق عليه في «أوبك بلاس» التي تشمل روسيا أيضاً. رغم ذلك يدرك بايدن من أزمة النفط والغاز الحالية أن الانتصار في الصراع مع روسيا والصين يعتمد بشكل كبير على العلاقات مع دول الخليج التي يمكنها أن تزيد او تقلص أو تمنع النفط.

بايدن إذاً مضطر للذهاب للسعودية، الدولة التي تعهد بجعلها «منبوذة» وهو مجبر بالتالي على مقابلة ولي العهد السعودي الذي تعهد بعدم لقائه، لكنه لا يريد أن يكون كل ذلك بلا ثمن من جانب السعودية. والثمن دائماً وأبداً هو في ممارسة الضغوط على «العرب» لتحسين علاقاتهم بإسرائيل تارة عبر استغلال التهديد الإيراني وأن العلاقة مع إسرائيل تجلب لهم قدرات دفاعية واستخبارية مهمة، وتارة عبر الحديث عن المنافع الاقتصادية التي سيجنيها العرب من علاقتهم بإسرائيل. كل ذلك بالطبع بهدف إرضاء اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة نفسها، لعل ذلك يحسن من فرص فوز حزبه في الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني القادم.

لكن الحقيقة أن العرب يدركون بأن العلاقات العلنية والصريحة مع إسرائيل لا تجلب لهم الاستقرار، بل انعدامه، ولا تعطيهم الشرعية بل تأخذ منها، ولا توفر لهم السلام بل تحولهم الى أهداف لجماعات ودول معادية لإسرائيل. لكنهم مع ذلك مضطرون الى مجاراة سياسات الولايات المتحدة بحدود معينة لا تجعلهم يخسرونها كدولة ضامنة لأمنهم قبل توفير البديل لها، ولا تجعلهم عرضة للمخاطر الناتجة عن القبول بكل ما تريده أميركا.

لذلك لن يكون هنالك إعلان عن «ناتو» عربي- إسرائيلي في قمة الرياض مع بايدن، ولكن ربما سيكون هنالك إعلان بأن الدول المجتمعة وأميركا اتفقتا على التنسيق فيما بينها في قضايا الدفاع دون أن يكون هنالك ذكر لإسرائيل في هذا البيان.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...