الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

وعد تراس المشؤوم !

الكاتب: فادي أبو بكر

لم يمضِ شهر على توليها زعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة البريطانية ، حتى أبلغت ليزا تراس نظيرها الإسرائيلي يائير لابيد خلال اجتماع في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 23 أيلول/ سبتمبر 2022 عزمها "إعادة النظر بالمقر الحالي للسفارة البريطانية في إسرائيل"، فيما يبدو أنها تسعى لأن تحذو حذو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي أصدر في 2018 قراراً بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وتصوير سياساتها بأنها ستكون أكثر محافظة ويمينية من أسلافها.

ولا يمكن قراءة هذا التوجّه البريطاني بمعزل عن الحرب الدائرة في أوكرانيا، والصراع الروسي-الغربي، خاصة وأن السياسة الخارجية لحزب المحافظين البريطاني ترتكز على اتباع سياسة دفاعية قوية ضد روسيا، ودعم الروابط مع الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وفي نفس السياق، لا يمكن إغفال تأثير الشعبوية المتنامية داخل بريطانيا، والرأي العام المنحرف نحو اليمينية والتعصّب، حيث كان مركز الرصد الإعلامي قد أثبت وجود حذف متكرر لحقيقة أن المسلمين هم المستهدفون.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد طالب في خطابه أمام الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي ألقاه في نفس اليوم الذي أطلقت فيه تراس وعدها المشؤوم، بريطانيا بالاعتراف بمسؤوليتها عن الجرم الذي ارتكب بحق شعبنا والاعتذار.

إن إقدام الحكومة البريطانية على نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس سيشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولكافة قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة واليونسكو بشأن القدس، وسيقوّض حل الدولتين ويؤجج الوضع الهش بطبيعته في القدس وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة .

ويأتي وعد تراس ضمن سلسلة وعود بريطانية مشؤومة، حيث لم تعتذر بريطانيا حتى يومنا هذا للشعب الفلسطيني على وعد بلفور الذي مهّد لإنشاء "إسرائيل" على الأرض الفلسطينية، بل تتباهى به واحتفلت به في عهد رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي في العام 2017، بعد قرن من إطلاقه.

وتستمر بريطانيا وفرنسا وغيرها في تفاديها الاعتذار عن الماضي الكولونيالي الاستعماري، في ظل وجود مطالب دائمة بضرورة اعتذارها. والدول أو القوى المقصودة هنا هي تلك التي انتهت من ممارسة الفعل الاستعماري العسكري المباشر. حيث يبدو أن هناك ميثاق شرف يجمع بين الدول الاستعمارية في عدم الاعتذار يقوم على مبدأ "أن الأبناء والأحفاد لا يمكن أن يعتذروا عما فعله الآباء والأجداد"!.

وفي المقابل لا يوجد ميثاق من أي نوع بين الدول العربية التي وقع عليها الاستعمار، والتي تشترك في نفس الماضي والمصير. حيث نجد كل دولة عربية تبني وتصوغ سياساتها وفقاً لأجندتها القطرية الخاصة. ولهذا فإن الدول العربية لن تنال كلمة واحدة من كلمات الأسف والاعتذار إلا بإبرام ميثاق شرف فيما بينها يقوم على تجريم وملاحقة ومحاربة كل من مارس ويُمارس الاستعمار أو أي فعل من شأنه أن يخدم أهداف الاستعمار.

وبهذا، فإن تفادي فرنسا الاعتذار عن ماضيها الاستعماري وتباهي بريطانيا بوعد بلفور لا يمكن فهمه إلا في إطار عدم الرغبة في التخلص من هذا الإرث الظلامي، حيث ما زالت الشهوات الاستعمارية تسيطر على كل من فرنسا وبريطانيا سواء في الشرق الأوسط أو القارة الأفريقية.

 

 من الأهمية بمكان البناء على موقف الرئيس عبّاس، و تحديد موقف عملي وليس نظري فحسب ؛ ليس على مستوى فلسطين وحدها وإنما على مستوى الدول العربية وغير العربية التي عانت من ويلات الاستعمار، وإستغلال الحرب الروسية الأوكرانية، لفضح ازدواجية المعايير والانتقائية الغربية في التعامل مع القانون الدولي، من خلال تشكيل لوبي أو آلية معينة تضغط باتجاه مطالبة هذه الدول بالاعتذار عن ماضيها الاستعماري.

 وفي الختام نقول أن التاريخ لا يمكن أن يطوي صفحاته من تلقاء نفسه، ولن تسقط هذه الجرائم بالتقادم، وأن يوم الشمس .. شمس الحق والحرية ..هو ملكٌ لشعب فلسطين، وهو آتٍ آتٍ لا محال..

 

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...