لنقتل الوحوش الفلسطينيين والمسلمين!
الكاتب: بكر أبوبكر
النار مشتعلة في قطاع غزة الأبي، ثمثل "محرقة" حقيقية. وجرائم الحرب الإسرائيلية فيها لا تتوقف فيما يحصل من قتل عشوائي متعمد للمدنيين، ومن مجازر بشعة يندى لها جبين الانسانية طالت المدنيين عامة، والأطفال أكثر من غيرهم.
إن انفعال الانتقام والثأر نتيجة الفشل والصدمة والمباغتة وافتقاد الهيبة وتبخر أحلام العظمة والهيمنة على الإقليم بالتتبيع والإخضاع، قد فعل مفاعيله في عقلية القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية فطغى على كل الأهداف الأخرى باستثناء الهدف الأصيل بتدمير الجغرافيا والقتل أوالتهجير الديمغرافي المأمول وغير المقبول عالميًا، لا سيما أن المقتول ليس إنسانًا أصلًا!.
النار المشتعلة بلا توقف في قطاع غزة والتي لم تنطفيء في الضفة الغربية حيث أن هذه الاخيرة تختفى في ظل النار الكبرى فلا تظهر. إنما بالحقيقة يطغى عليها صورة الحريق الأكبر أكثر من صورة الحرائق المتفرقة. ولكن بالحالتين فإن هدف قتل "أبناء الظلام" أو كل "الحيوانات"، أو "الحشرات" أو"الوحوش البشرية" كما صرح وزير الحرب الصهيوني "غالانت" أكتوبر 2023م، وغيره من القادة المصدومين تبقى الهدف "الأسمى" لأصحاب الفكر الاستئصالي!
وما لك ألا تقتل من هو"ظلامي" يحجب عنك النور! أو ليس إنسان إصلًا!؟
فقتل الحيوانات أو الحشرات على سبيل المثال لا يعد جريمة بأي حال من الأحوال!
لدى أحزاب البيئة يعتبر قتل بعض أنواع الحيوانات مما يعاقب عليه القانون، لكن عند القادة الإسرائيليين اليوم يتعانق القانون التلمودي مع القانون العلماني ليشكل مظلة لقتل الإنسان والحيوان! ومما يسهل على أصحاب الضمائر! تقبله. فأن يتم اقتصار القتل على الحيوانات فهذا لربما أفضل لنوم هنيء، وقصة مسلية للأطفال قبل لنوم!
التصريحات والأفعال العدوانية والعنصرية الإسرائيلية عديدة وكثيرة ورصدتها منظمات حقوق الانسان حتى الإسرائيلية، ولكن دعنا نتعامل مع نماذج فقط. فمثلًا قائد "لواء القدس" لدى الاحتلال الإسرائيلي قال عام 2015 لإذاعة "جاليت ساهل": "نحن نتعامل مع وحوش داخل المسجد الاقصى!".، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد قال في 25 أكتوبر2023م، إنه سيحقق "نبوءة إشعياء" في الحرب التي يشنها على قطاع غزة، واصفاً الفلسطينيين بأنهم "أبناء الظلام"، حسب تعبيره، والإسرائيليين بـ"أبناء النور" في تصعيد عنصري استمد من خرافة النبوءة حيث يركب الرب سحابة! فترتجف أوثان مصر حسب الخرافة!
لك أن تنام مرتاح الضمير وأنت تقضي على "أبناء الظلام" أو الحيوانات، أو لننحدر أكثر وأنت تقضي على الصراصير كما أسماهم الحاخام"عوفادا يوسف" عام 2004، وفي سياق آخر حين شبّه العرب بالديدان او الثعابين أو كما قال نصًا في فتوى نزع للانسانية عما سواه أن"لا أحد يستطيع أن ينكر أن الثعبان أو الدودة خطر على البشر، لهذا فالتخلص من المسلمين طبيعي كالتخلص من الديدان تماما"!؟
لماذا نبتعد كثيرًا وموسوعة الهولوكوست أو المحرقة تدين الأوصاف العنصرية ضد اليهود وتشير لما يشبه ما سبق من تشبيه الاوربيين وخاصة الألمان لليهود بالفئران، وحيث تذكر نصًا أنه عام 1938 في ألمانيا "أن من أسوأ الأفلام هناك شريط "فيلم" يقارن اليهود بالفئران التي تحمل الوباء وتغرق القارة وتلتهم مواد أوّليّة هامة.... إضافة لوصف اليهودي بالمبتذل والحقير"، ولتضيف الموسوعة "إن الشعور –آنذاك-بأن اليهود من جنس آخر أصبح اليوم شعورا عاما."!؟
أليس هذا بالضبط ما تقوم به القيادة اليمينية الإسرائيلية العدوانية بالقتل المقصود، وبالدعاية الإعلامية بوصف الشعب الفلسطيني (وأحيانا العربي واحيانًا يمتد لكل المسلمين) سواء بالحيوانات أو الوحوش او أبناء الظلام أو بأنهم ثعابين سامة، أو جنس آخر؟!
النار مشتعلة، والمحرقة مستمرة فأن تُلقي بالحيوانات في أتون المحرقة لا بأس به لذلك كانت عبارة "تخلص من الصراصير" الجملة الأكثر ترددا في الإذاعة التابعة لقومية الهوتو خلال حرب الإبادة التي شنوها على قومية التوتسي في رواندا (1990-1993م).
وفي سردية سابقة كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب صاحب سبق أصيل هو الآخر في إطلاق صفة الحيوانات على المهاجرين الأفارقة إلى أمريكا في خطاب عنصري بغيض.
إن عملية نزع الانسانية عن الآخر هي سمة الاستعمار الأوربي حين كان يعتبر المواطنين الأصليين الذين احتل بلادهم واستغلها واستعبدهم إما حيوانات لهم ذيول أو أنهم ضمن تصنيف الطبقات فهم في مرتبة إنسانية منحطة "أو جنس آخر"، لذلك كان الاستعمار الأبيض مبرر لديهم دينيًا و"إنسانيًا" لتحقيق الحضارة في بلدان البرابرة كما كانوا يطلقون عنهم، وهو ما استعاره منهم هرتسل شخصيًا في كتابه دولة اليهود ليعتبر أنه والصهيونية سيكونوا رُسل الحضارة (الاوربية الغربية) ضد البرابرة!